تكفي زيارة واحدة لاحدى المدارس الكبرى بأمانة العاصمة كي تلحظ حقيقة الزحام الخانق للطلاب، يتكدس العشرات من الطلاب في الفصل الواحد، ويتضاعف هذا التكدس عاماً تلو آخر، وإذا كان التقرير الحكومي لوزارة التربية والتعليم للعام الفائت قد أشار إلى بناء نحو (600) فصل، فإنه في المقابل أكد أيضاً على أن الزيادة السنوية في عدد الطلاب تجاوزت80%.. منتصف الأسبوع الفائت والشمس في كبد السماء، وحينما كنت ماراً بجوار مدرسة القردعي بأمانة العاصمة لاحظت عن غير قصد مئات الطلاب يؤدون امتحاناتهم في حوش المدرسة.. مظهر يجعلك تستثير غضباً لدولة لا همّ لها إلا إشعال الحرب وإيقافها بطرق مفاجئة للجميع، لتقيم بذلك مخيمات للنازحين، وكم يتشابه المشهدان ازدحاماً في المدارس وازدحاماً في المخيمات، وكان الزحام هو عنوان إنجازات هذه الحكومة..(رأي) سبرت أغوار هذه القضية، وخرجت بالحصيلة التالية: في البدء بحثنا عن الأسباب التي صنعت هذا الازدحام.. وبعد جهد مضنٍ أكد مدير إدارة التعليم بأمانة العاصمة(محمد العزاني) أنه نتيجة للزيادة المضطردة في عدد السكان في أمانة العاصمة سواء كان بسبب معدل النمو الخاص بالسكان أوبسبب الهجرة الداخلية من الريف إلى أمانة العاصمة التي تؤكدها بعض التقديرات إلى 80% في السنة، هذه الزيادة تشكل ضغطاً غير عادي على وزارة التربية والتعليم وعلى سبيل المثال تم بناء مايزيد عن600 فصل دراسي في أمانة العاصمة فقط وبتمويل من المجالس المحلية لم تؤدِ إلى تحسن واضح في التقليل من ازدحام عدد الطلاب والطالبات؛ لكن يوجد لدينا برنامج مشترك مع الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع تطوير التعليم الأساسي والمؤسسات التمويلية الأخرى في برنامج خاص بالازدحام وتقدير عدد الطلاب في الفصل الواحد في العاصمة وفي المدن المزدحمة مثل مدينة تعز ومدينة الحديدة وإب ومدينة عدن. وحول التوسعات التي تنتهجها وزارة التربية والتعليم في بعض المدارس والتي دائماً ما تكون على حساب ما تبقى من الملاعب والمرافق الترفيهية بالمدارس، يقول الدكتور محمد العزاني: الغالب والأعم هو أن المدرسة وفقاً للأسس والمعايير التي نعتمدها لابد أن يكون لها المبنى الكافي لعدد الطلاب والطالبات، فمثلاً عبد الناصر والكويت تم معالجة الملعب ولايوجد هناك أية إشكالية بالنسبة للمساحة بالمناشط والملاعب وبنفس الكيفية في مدارس البنات، والإشكالية الوحيدة التي تواجهنا هي مشكلة ما هو حاصل في ثانوية الكويت، ونحن في طريقنا لمعالجتها في طريق التوسع الرأسي للمبنى المدرسي وعلى أن يكون ذلك في مبنى الكنترول السابق، لكن إجمالاً نستطيع أن نجزم بأن كل التوسعات التي تتم في بعض المدارس تتم بناءً على التوسعات والاهتمامات الرأسية للمبنى المدرسي، وبالتأكيد هذه التوسعات لن تؤثر على المرافق المرافقة للمبنى المدرسي، أما فيما يتعلق بالمخططات الجديدة فلا يوجد أي اشكالية. وعن فشل وزارة التربية والتعليم والمجالس المحلية في عملية استيعاب الأعداد الكبيرة للطلاب الجدد في المدارس من عام إلى آخر خاصة في مدارس أمانة العاصمة وبعض عواصم المحافظات، أضاف قائلاً: في الحقيقة قد لا أوافقك الرأي كاملاً، ولكن أؤكد على أن هناك إشكالية، وإذا أردنا أخذها من ناحية حسابية فقبل أربع سنوات كان الازدحام في المدارس أكثر منه اليوم، وكان عدد الطالبات والطلاب في الفصل الواحد أكثر من مائة وعشرة طلاب وطالبات، واليوم متوسط عدد الطلاب في الفصل الواحد يصل إلى أقل من 85طالباً وطالبة وبالتالي هناك تحسن ولكن ليس التحسن المطلوب وبالدرجة التي توصلنا إليها.. ونتيجة الأسباب التي ذكرتها سابقاً أن الزيادة في عدد السكان المضطردة الناتجة لزيادة عدد النمو أو نتيجة للهجرات الداخلية المتزايدة على المدن هي السبب الرئيس للازدحام في مدارس العاصمة. وعن إغلاق دورات المياه في بعض مدراس العاصمة نتيجة لعدم توفر المياه كما يفيد بعض مدراء المدارس أو نتيجة لعدم توفر أجر للمنظفين، يجيب العزاني: أنت تتكلم عن دورات المياه الخاصة بمدارس الذكور أما مدارس الفتيات فهذا غير صحيح، دورات المياه في مدارس الفتيات مفتوحة بصورة مستمرة، وبالنسبة للذكور هناك إشكالية فعلاً يتحملها المجلس المحلي بأمانة العاصمة؛ لأنها أخذت كافة المبالغ المخصصة لتشغيل المدارس التي يتم تحصيلها كرسوم أنشطة، وهذه المبالغ كانت تستخدم نفقات تشغيلية في المدارس وعمل الصيانة البسيطة، وكانت هذه المبالغ تساعد الإدارات المدرسية في شراء مياه وأدوات نظافة، وواجهت هذه المدارس هذه المشكلة وتم الاتفاق مع وزارة المالية على أن تكون هناك نفقات تشغيلية، لكن المالية لم تفِ بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ونحن نأمل أن يتم التنفيذ هذا العام من قبل وزارة المالية؛ لأنه بالفعل نحن لم نتمكن من توفير مبالغ تشغيلية في المدارس تخص جانب النظافة لتقوم المدرسة بدورها الكامل الصحي والثقافي والتعليمي وغير ذلك، ونحن نطمح إلى تحويل المدرسة إلى مؤسسة، ولايمكن أن تتحقق هذه الأمنية من دون مساعدة الجهات ذات العلاقة؛ لأن الأخوة في المجالس المحلية اعتبروا المبالغ جزءاً من الإيرادات للمجالس المحلية، وهذا للأسف الشديد أدى إلى اختلال في العلاقات الرأسية ما بين المجالس المحلية ووزارة التربية والتعليم، وأدى أيضاً إلى اختلالات أفقية بين المجالس المحلية ومدراء المدارس الذين يحالون اليوم إلى النيابة؛ نتيجة لاستخداماتهم لمبالغ الأنشطة، وهي ليست رسوماً بل هي نفقات تشغيلية للأنشطة الرياضية ومستحقات الفراشات والمنظفين وتوفير المياه وغيرها. وحول الفائدة من التوسع في التعليم الأهلي والخاص، وهل سيحل مشكلة الازدحام في مدارس العاصمة، يؤكد أن التعليم الأهلي والخاص يساهم وبشكل كبير جداً في العملية التعليمة والتربوية، إلا أن التعليم الأهلي والخاص لن يحل هذه المشكلة.. التوسع في التعليم الأهلي ساهم وبشكل إيجابي ورائع في تطوير وتحسين العملية التعليمية إلا أن هذه المدارس لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب، المستوى الذي يجب أن تكون عليه؛ لكن نؤكد تماماً على أنها ساهمت وبشكل أساسي في العملية التعليمية وتطويرها والتخفيف من الازدحام، وخاصة في أمانة العاصمة.. على اعتبار أن في أمانة العاصمة ما يزيد عن 200مدرسة أهلية، لكن هذه المدارس ليست بالمستوى المطلوب والكافي، وعلينا القيام بالمتابعة والإشراف على هذه المدارس، ومحاولة ضبط الجودة في مدارس التعليم الأهلي والخاص.