على الرغم من أن مصائب اليمن (شمالا وجنوبا) لا يخلو منها اسم (علي) إلا أن علي البخيتي، الكاتب الصحفي المعروف، كسر قاعدة الشؤم هذه. قد لا نتفق مع الأخ علي البخيتي في كتاباته التي حملت انتقادات للرئيس،ليس تعصبا لهادي من منطلق كونه جنوبي، ولكن لان الرجل يقود اليمن في فترة مخاض عسير بين (ماض لا يريد أن يرحل ومستقبل يأبى أن يأتي) حسب تعبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، هذا بالإضافة إلى كونه وجد نفسه يقوم بدور (المفارع) بين حيتان صنعاء لتجنيبها حربا لا زالت واردة، ورجل يقود البلاد في وضع كهذا هو أحق بالعون، على الأقل من قبل دعاة الدولة المدنية في الشمال، ومنهم المثقفون ومن في حكمهم، والحال كذلك بالنسبة لكتابات البخيتي التي اعتبرها الجنوبيون تطاولا عليهم. رغم أننا لا نرى في حوار صنعاء أملا في معالجة القضية الجنوبية معالجة يرتضيها أبناء الجنوب إلا أني لا أحرض على انسحاب أخوتنا الجنوبيين الذين أرادوا أن يكونوا جزء من هذا الحوار، فهم من جهة يمتلكون حق التعبير بالصورة التي يرونها ومن جهة أخرى ربما يصلون إلى ما يمكن أن يقبل به بقية أبناء الجنوب، فالمهم في نظرنا هو عدم الانجرار خلف صفقات يمكن أن تشرخ الصف الجنوبي. الأخ علي البخيتي تناول في موضوع سابق له الشأن الجنوبي حين أشار إلى أن الجنوبيين المشاركين في الحوار لم يحصلوا على محفزات تشجع استمرارهم فيه من قبيل الاعتذار للجنوب، الذي كان من توصيات اللجنة الفنية، أو التراجع عن الفتاوى التي أباحت الجنوب أرضا وحتى عرضا، والاعتراف بما عاثه الناهبون في الجنوب، وهي علامات تدل على غياب النية في الاعتراف بأن هناك قضية جنوبية. وصباح الأربعاء 15/5/2013م أعلن الأخ علي البخيتي انسحابه من فريق القضية الجنوبية في الحوار الوطني للأسباب انفة الذكر ولما حملته رؤى الأحزاب الشمالية من علامات تدل على شرعية حرب 1994م على الجنوب. كل عاقل يدرك أن لا علاقة للوحدة أو الانفصال بموضوع الاعتذار للجنوب والتراجع عن الفتاوى المسيسة والاعتراف بنهب وتدمير الجنوب والانقضاض على كفاءاته العسكرية والمدنية بل أن ذلك يمكن أن يزرع ثقة تم تدميرها بأسلوب ممنهج منذ 1994م وحتى اللحظة. ندرك الحرج الذي يواجهه الجنوبيون في الحوار في كونهم جزء من حوار يرأسه جنوبي لكن الرئيس الجنوبي لا أظنه ينكر عليهم أن يسعون إلى فرض، اكرر فرض، الحق الجنوبي المبدئي في هذا الحوار، بدءا من الاعتذار للجنوب إلى الاعتراف بأن الجنوب لا زال ينهب حتى اللحظة وما بينهما من مآس وآلام حيث لا تزال دماء الجنوبيين تسفك حتى اليوم. أن التفاوض ليس على طاولات الحوار فقط بل أن وقف الحوار على الطاولات هو درجة أخرى من درجات التفاوض ولا أظن احد فينا ينكر على المتفاوضين استخدام حقوقهم التفاوضية بالصورة التي تجعلهم طرفا يرقى إلى مستوى القضية الجنوبية بكافة أبعادها.