يبدو أن مشكلة الكهرباء ستجعل حكومة بلادنا في مأزق كبير أمام المانحين، خاصة بعد أن التزمت الحكومة للمانحين برفع التغطية الكهربائية لتصل إلى (50%) من عدد السكان. لقد بدا أيضاً، أن الحكومة تعاملت مع ذلك الإلتزام بذات الروح المعنوية المتهاوية الذي يعتري خططها المعتادة في تنفيذ المشاريع التي تعدها وتنفذها داخلياً دون أي رقابة خارجية؛ وهي الروح التي غالباً ما تدفع باتجاه العمل ليستمر لأعوام عدة وتهدر فيه أموال طائلة وفي النهاية يكون «الإخفاق» هو المصير المرتقب لغالبية تلك المشاريع أن لم تكن جلها. الجميع يدرك أن الحكومة وضعت نفسها إثرعدم تنفيذها لعدة التزامات دولية وإقليمية، في المحك. وبالتالي من الطبيعي أن يكون ذلك الإنزلاق الرسمي في الوفاء بالالتزام أشبه بال»ورطة» التي لها حتماً آثاراً سلبية على سياسات وخطط الإصلاحات بمختلف جوانبها في البلاد. الذي يؤكد أن الجميع سيتضرر مستقبلاً من ال»ورطة» الحكومية هو التقارير والتصريحات الرسمية التي تعترف من وقت لآخر بوجود خلل ما في التنفيذ الجاد لخطط وسياسات الإصلاح. تقرير رسمي صدر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في وقت سابق كشف أن الحكومة عجزت عن زيادة تغطية الشبكة العامة للكهرباء لتشمل (50%) من السكان وفق التزاماتها للمانحين، مشيراً إلى أن التغطية الكهربائية وصلت إلى (41%) من المشتركين مسجلة أقل مرتبة في المنطقة العربية. وذلك الإعتراف بالطبع، يؤكد تخندق الحكومة في حفرة من فشل. ولم يكن خافياً للعيان، بأن الطاقة الكهربائية في بلادنا لا تعرف الاستقرار، وتشهد تزايداً خطيراً في حالات الانقطاعات العشوائية للتيار الكهربائي في المدن الرئيسية وغيرها، فإن البرلمان اليمني الذي يفترض أن يتولى مهمته في محاسبة الحكومة وتوصيل شكوى الشعب، حاول أن يقوم بدوره الذي غالباً ما يوصف بأنه خجول. إذ استدعى مجلس النواب وزير الكهرباء والطاقة عوض السقطري وناقش معه الإشكالية. وأكد وزير الكهرباء عوض السقطري أن المنظومة الكهربائية الوطنية تشهد عجزا في توليد الطاقة الكهربائية نتيجة الفارق بين الطلب على الطاقة, وجاهزية التوليد المتاح وبخاصة أثناء فترة الذروة المسائية والتي تمتد من الساعة السادسة مساء وحتى الساعة العاشرة ليلاً. وأوضح الوزير أن أسباب انقطاع التيار الكهربائي تعود إلى العجز الحاصل في التوليد الذي يبرمج على أساس مرة واحده ما عدى في الحالات الطارئة التي تحدث بسبب مشاكل فنية سواء في محطات التوليد أو في الشبكة عند خروج التوليد المستأجر من الخدمة. السقطري وفي إجابته على التساؤلات التي تضمنت الاطفاءات التي شهدتها المنظومة خلال فصل الصيف الماضي 2008م قال «إن أحمال صيف عام 2008م شهدت ارتفاعاً كبيراً مقارنة مع أحمال صيف عام 2007م بمعدل نمو بلغ (13%)، حيث أدى ذلك إلى تفاقم مقدار العجز واضطرار تكرار الفصل لبعض الخلايا التي تقع خارج نطاق المدن الرئيسية لأكثر من مرة واستمرار العجز على مدار اليوم «. وأرجع السبب في ذلك أيضاً إلى استمرار العجز في توليد الطاقة الكهربائية وعدم مواكبة ارتفاع الطلب للطاقة الكهربائية وتزايد النمو في الأحمال وعدم استكمال مشروع محطة مأرب الغازية المرحلة الأولى ومشروع خطوط النقل مأربصنعاء « 400 « ك.ف ومحطات التحويل الكهربائي وصعوبة توفير مخزون استراتيجي للوقود في محطات التوليد لمواجهة الحالات الحرجة التي شهدتها في العام 2008م، إلى جانب الاختناقات في شبكة التوزيع وارتفاع الطلب على قدرة معدات الكهرباء في محطات التحويل. وعلى الرغم من الإخفاقات المتتالية التي تعاني منها الكهرباء في اليمن، إلا أن مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء عبد المنعم مطهر بدا كما هي العادة الرسمية في ضخ مصطلحات الأمل وحروف التفاؤل. حيث أكد أن مؤسسة الكهرباء ستشهد في المستقبل القريب عدداً من المشاريع الهادفة إلى تحقيق كهرباء كافية لتلبية الاحتياجات القائمة. واعتبر المسئول الرسمي أن من أبرز تلك المشاريع: مشروع المحطة الغازية في مأرب، الذي سيدخل الخدمة في النصف الثاني من العام 2009م وسيعمل على تعزيز التوليد وسيكون له مردود اقتصادي واضح، وكذلك مشروع الطاقة الخامس والذي يغطي سبع محافظات – كمناطق محددة – بالتيار الكهربائي، مشروع كهرباء تهامة المركزية الذي سيغطي عدداً من المديريات بالتيار الكهربائي، وكذا مشروع خطوط الضغط العالي الشمالي- من الحديدة إلى عمران – بما يحقق مرونة دائرية في عمل شبكة المنظومة الكهربائية الموحدة، ومشروع محطة كهرباء مأرب الغازية – المرحلة الثانية–بقدرة (400) ميجاوات، بالإضافة إلى مشروع كهرباء معبر الغازية بقدرة (400) ميجاوات، ومشروع تحديث التحكم الوطني للمنظومة الكهربائية، وقال مطهر حول إعلان شركة «أجريكو» في وقت سابق عن قطع التيار الكهربائي على بعض المحافظات: شركة أجريكو محكومة بالعمل بعقد يحدد فيه التزامات كل طرف، والمشكلة أن المؤسسة تواجه اختناقاً مالياً لا يمكنها مواكبة سداد مستحقات الشركة؛ نظراً لارتفاع كلفة الوقود المستخدم في العمل والذي يمثل نسبة (70– 80 %) من تكلفة إنتاج الوحدة المباعة ك.و.س، من جهة والمديونية المرتفعة لدى الجهات والأفراد من المستهلكين من جهة أخرى، ناهيك عن نسبة الفاقد للتيار الكهربائي والذي يمثل مشكلة فنية لقدم الشبكات وتهالك جزء كبير منها، واختتم مطهر في تصريح صحفي القول «وفيما يخص إيقاف الشركة إمدادات التيار الكهربائي لبعض المحافظات فإن قيادة المؤسسة تعمل على التواصل مع الحكومة لمعالجة قصور السيولة النقدية في المؤسسة للبحث عن حلول لمعالجة الوضع».