أجمع المشاركون في فعالية تضامنية مع ثلاث صحف يمنية تستهدفها حملة شرسة على وجود مؤشرات قوية تؤكد أن الحريات الصحفية في اليمن عرضة لاستهداف العديد من الجهات ومراكز القوى السلطوية تحت ذرائع متعدد وبأساليب متنوعة. وأعتبر المشاركون في الفعالية التي نظمت اليوم في مقر نقابة الصحفيين اليمنيين بحضور صحفيين وبرلمانيين ومحامين وقيادات منظمات مجتمع مدني أن الحقوق والحريات الصحفية تمر بمرحلة حرجة في ظل هجمة تبدو منظمة تشن على العديد من الصحف والمؤسسات الصحفية، على النقيض مما تدعيه السلطة من توجه لتوسيع هامش الحريات، وبالرغم من وعودها التي أطلقتها للمانحين بتحسين وضع الحريات الصحفية. واجمعوا على أن الصحف الثلاث (يمن أوبزرفر، الرأي العام، الحرية) التي تحاكم بتهمة نشر الرسوم المسيئة للرسول لم ترتكب أية جناية، وأن الاتهامات الموجهة ضدها ذات أبعاد سياسية بحته، مستبعدين أي توصيف جنائي لهذه التهم، خاصة مع انتفاء القصد الجنائي، ومع تعدد الفتاوى من العلماء والمرجعيات الدينية بأنه لاجريمة في نشر الرسوم مع ثبوت حسن النية. وكيل أول نقابة الصحفيين سعيد ثابت وصف الحكم الصادر على صحيفة الرأي العام من قبل القاضي حسان الأكوع بأنه مجموعة أحكام قاسية، وفيما أكد احترام النقابة للقضاء والالتزام بأحكامه برغم قساوتها مع وجود بعض التحفظات حيال ذلك، شدد على عزم النقابة الدفاع عن حريات ومصالح وحياة الصحفيين التي وصفها بأنها لا تخلو من التهديدات العابرة أو المقيمة أو التهديد بمنع طبع الصحف. وأوضح المحامي خالد الأنسي المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) باعتباره محامي الدفاع عن هذه الصحف، خطورة القضية في أنها تغتال شخصية الصحفي بين مجتمعه وأسرته إلى جانب التشكيك في مصداقيته والتزامه بثوابت الدين الحنيف إضافة إلى كونها تشكل مضايقات كبيرة لأسرته وخصوصاً أبنائه الذين ستظل هذه التهمة تلاحقهم كونها تظهر الصحفي وكأنه مارس السخرية من الدين الإسلامي، متهماً القاضي بأنه أسوأ حال من النيابة العامة لأنه يرفض الرجوع إلى النصوص القانونية التي تصب في مصلحة الصحفي ويعتبرها غير منطبقة عليه في هذا الحال. من جانبه أتهم سامي غالب عضو نقابة الصحفيين الحكومة بأنها مارست دور المحرض والمحفز لهذه التهمة بدءاً من قيامها باعتقال رؤساء تحرير تلك الصحف، وحذر الحكومة من مغبة الاستمرار في هذا النهج مع الصحفيين وبأنها ستدفع الثمن غالياً من سمعة الوطن وعلاقاته ومسارات التنمية فيه. نقيب المعلمين أحمد الرباحي أعلن تضامن نقابته مع الصحفيين ضد الانتهاكات وسياسة التضييق التي تمارس ضدهم، معتبراً أن مانشرته الصحف المستهدفة ثبت أنه مع وجود بحسن النية، ومؤكداً أن حرية التعبير حق مقدس لا يجوز انتهاكه أو تجاوزه كما لا يجوز استخدام ذلك في الإساءة للأديان. الفعالية التضامنية حضرها كوكبة من البرلمانيين الذين حضروا مناصرين السلطة الرابعة تجاه ماتتعرض له من هجمة شرسة حيث أعلن الدكتور عيدروس النقيب أن عشرات النواب داخل قبة البرلمان يشاطرون الصحفيين معاناتهم ويقفون إلى جانبهم في مايتعرضون له من كبت وإيذاء وملاحقة بسبب آرائهم، معتبراً القضية قضية صراع بين الحرية واللاحرية، وداعياً إلى التضامن مع الصحافة والصحفيين بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو اختلاف أفكارهم وداعياً إلى تكاتف الوسط الصحفي ليصبحوا قلعة صامدة أمام من يريد الإساءة إليهم. وفي ذات السياق أعلن النائب علي عشال تضامنه ومساحة واسعة من أعضاء مجلس النواب مع الصحفيين باعتبارهم من الشرائح الأكثر فاعلية وتأثيراً في حركة المجتمع، واعتبر أن مايتعرض له الصحفيون من هجمة دليل أكيد على أنهم في مقدمة الصفوف المجتمعية منطلقاً من المثل القائل: إذا شعرت بالركلات من الخلف فهذا يعني أنك في المقدمة وسلط الضوء على قضية حرية النشر في فضح الفساد والفاسدين، فيما أوضح أن النواب في قانون إصلاح الفساد حرصوا على أن يثبتوا في التشريع أن النشر في قضايا الفساد يعتبر بلاغات موجهة إلى النيابة العامة. ودعا النائب أحمد سيف حاشد إلى تطوير أعمال الاحتجاج للدفاع عن حرية الكلمة، وموجهاً حديثه إلى الصحفيين بأن حديثهم من خلف جدران النقابة لا يسمن ولا يغني من جوع. وفي بلاغ صادر عن الفعالية التضامنية أعلن الصحفيون المعتصمون في نقابة الصحفيين اليمنيين استنكارهم بشدة لكل محاولات إدانة صحف الرأي العام، يمن أوبزرفر، الحرية وطالبوا بإغلاق ملف قضية الرسوم الدنمركية في اليمن. مؤكدين أن الصحف الثلاث لم تسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما دافعت عنه لذلك فهي تستحق كل التقدير لتصديها محاولة الإساءة وليس العكس. واعتبروا أن بقاء الملف مفتوحاً بمثابة شماعة لفرض حصار جديد على الصحافة وتخلي اليمن عن التزاماتها الدولية تجاه حرية الرأي والتعبير وحماية الصحافة والصحفيين. وأبدوا قلقهم الشديد على حياة العاملين في الصحف الثلاث وعلى مصالح اليمن التي ستتأثر جراء استمرار فتح ملف الرسوم الدنمركية. وكانت نقابة الصحفيين اليمنيين وجهت رسالة لرئيس الجمهورية ناشدته إغلاق ملف "الرسوم الدانمركية في اليمن" باعتبار أن استمرار فتحه لا يعني سوى إثارة فاقدة للمشروعية لقضية بالغة الحساسية لدى المجتمع، يدفع الصحفيون ضريبتها دون أن يكونوا طرفاً فيها. كما ناشدوه الانحياز لحرية الصحافة وفتح صحيفة الرأي العام وإيقاف ملاحقة رئيس تحريرها. وكذا وقف أية محاولة لاستهداف صحيفتي "الحرية" و"يمن أوبزرفر" والعاملين فيها كي لا تتسع دائرة الإساءة لليمن تحت مبررات واهية لا يقبلها العقل والمنطق. واعتبرت نقابة الصحفيين أن تلك المطالب تمثل انسجاماً مع خطاب رئيس الجمهورية الديمقراطي ومع برنامجه الانتخابي وإن انحيازه لهذه القضية يعد بمثابة تأكيد على موقفكم الداعم لحرية الصحافة.