يمثل الخلط الشعبي بين مفهومي الزكاة والصدقة احد أبرز المعضلات التي تواجه آليات التحصيل للواجبات الزكوية و التي ترجع الولاية الشرعية لحق جبايتها إلى ولي الأمر و أجهزة الدولة الرسمية المعنية بالتحصيل وتصريفها اللاحق على مصارفها الشرعية المحددة في الشريعة الإسلامية التي أقرت إلزامية تأدية الزكاة كركن أصيل من أركان الإسلام من قبل المكلفين إلى ولي الأمر ليتولى تصريفها في مصارفها المحددة . كما تدخل عوارض من قبل بعض المكلفين تحول دون دفع الزكاة المحددة وفق الأنصبة الشرعية المقررة إلى الدولة لجهلهم بوجوب والزامية دفعها لولي الأمر مالم تصبح صدقة ولاعتقادهم في الغالب أنهم الأقدر على التصريف الأمثل للزكاة على مصارفها . وحرصت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) من خلال التحقيق التالي على إستبيان رؤية المشرع الاسلامي لفوارق الزكاة والصدقة وموقف الشرع من حجب تسليم اموال الزكاة من قبل بعض المكلفين للدولة واخضاعها للتصريف الشخصي والبداية كانت مع الشيخ الأزهري موسي ابراهيم العيسي الذي استهل حديثة بالتأكيد على أن ثمة فوارق أصيلة حددها المشرع الاسلامي بين أموال الزكاة والصدقة.. مشيراً إلى ذلك بالقول "الزكاة فرض والتزام أصيل نص علية المشرع الاسلامي لارتباطها بمقومات التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد فمن خلال أموال الزكاة يتمكن ولي الأمر من تسيير حياة الناس من الفقراء والمساكين والمحتاجين والوفاء باحتياجاتهم". ويضيف .. "الزكاة في الإسلام مورد حيوي من موارد خزينة الدولة وكان في العصور الإسلامية السابقة يورد لبيت مال المسلمين ، أى أن اموال الزكاة المودعة لدى هذه الخزينة هي لمنفعة المسلمين جميعها ، في حين أن الشرع حث على الصدقة كوسيلة للتقرب من الخالق جل وعلا ولترسيخ مبدأ التعاطف والتكافل بين الناس". ويردف قائلا :" الصدقة في الاصل الشرعي ليست ملزمة وانما محببه ومثابة من قبل المشرع الإسلامي ". و من جهته يري الدكتور عبد العزيز أحمد الجندي الأكاديمي المتخصص في الدراسات الاسلامية أن الزكاة في الاسلام تعد أرقي أنواع التكافل الاجتماعي.. مشيرا الى أن مقاصد الشريعة الاسلامية اتجهت في اقرارها كالتزام أصيل على كل مسلم ومسلمة إلى ترسيخ قناعة ان للفقراء حق في اموال الاغنياء . ويقول الدكتور الجندي " تأدية الزكاة وتسليمها الى اجهزة الدولة المعنية بتحصيلها هو دفع لمنظومة التكافل الاجتماعي بل هو أرقي انواع التكافل الاجتماعي إذ تساعد هذه الاموال ولي الأمر في تدبير أمور المجتمع عبر تصريفها في المصارف الشرعية المحددة ". ويضيف :" أنصبة الزكاة حددها المشرع تحديدا دقيقا وهو ما أوجد نظام تكافل اجتماعي يتميز به الاسلام عن غيرة من الديانات السماوية ". الشيخ موسي شدد من جانبه على عدم جواز تصريف التزام الزكاة من قبل المكلفين بشكل شخصي .. مشيرا الى أن هذا التصريف في حال حدوثه لا يسقط عن المكلف واجب تأدية الزكاة حتى ولو أتجهت نيته الى تأديتها عبر تصريفه الشخصي ". ويقول :"أن أموال الزكاة المصرفة بشكل شخصي من قبل بعض المكلفين تعد صدقات ولايسقط التزام تأديتها عن ذمة المسلم الا بتأديتها للدولة المعنية بتصريف حياة الرعية وتلبية إحتياجاتهم الحياتية . ويؤكد الشيخ حسن عبد الرحمن العيدروس امام جامع الخطيب بتعز أن لا حق لأي جهة كانت في الاضطلاع بمهام تحصيل الزكاة أو تصريفها سوى الجهة التى يكلفها ولي أمر الرعية بهذا الواجب . وينبه الشيخ العيدروس إلى :" أن قيام بعض المكلفين بتقديم أموال الزكاة لاشخاص سواء كانوا مراجع دينية أو جمعيات ناشطة في مجال التكافل الاجتماعي لا يجوز بحكم المشرع الاسلامي كون هذه الاموال تتحول الى صدقات وتبرعات خيرية وليس تأدية لالتزام ديني وانساني أصيل مكلف به المسلمين ذكورا وأناثا على اختلاف مراتبهم وحرفهم ومدخولاتهم المادية" . ويشدد " أن من يقوم بتصريف التزام الزكاة المقرر عليه وفق النصاب المحدد شرعا بشكل شخصي كأن يقوم بتوزيعه بنفسه على فقراء او أسر معوزه تظل ذمته مثقلة بواجب تأدية الزكاة ولا يسقط هذا الالتزام من ذمة المكلف او المكلفة إلا بتأديته للدولة التى تحتكر الحق والاختصاص الشرعي في تحصيل أموال الزكاة وتصريفها ،اما من يبرر تصريفه الشخصي لالتزام الزكاة بعدم ثقته في حسن تصريف أموال الزكاة من قبل السلطة الرسمية المختصة بالتحصيل أو الدولة فأن مثل هذا التبرير لا يعفيه من تأديتها الى هذه السلطة لإسقاط التزام تأدية الزكاة عن ذمته وعليه أن يؤديها لمن كلفه ولي الامر بتحصيلها وله في ذلك الثواب وحسبه الوفاء بالتزامه الديني الأصيل وتتحمل الدولة مسئولية التصريف وفق مقتضيات الشريعة واولويات اجندتها التنموية".