يثار اليوم في اليمن وغيرها من البلدان الإسلامية الكثير من الجدل حول المسؤول عن جباية الزكاة التي تعتبر أول تشريع إسلامي منظم حقق الضمان الاجتماعي بشكل كامل وشامل، تحقق أهدافا كثيرة تعود بالفائدة ليس على الفرد المزكي فقط وإنما على المجتمع بشكل عام، حيث تعمل على إعادة توزيع الثروة بين الأفراد... السطور التالية يبحث عن المسؤول عن جباية الزكاة والإشكاليات القائمة في هذا الجانب. ولي الأمر مسؤول عن جبايتها وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد لقطاع الإرشاد، حسين الهدار، أشار إلى أن الله سبحانه وتعالى أمر ولي الأمر بتحصيل الزكاة عندما قال في كتابه العزيز وهو يخاطب نبيه (ص): {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها...}، وهو أمر صريح لولي الأمر، وبذلك يكون ولي الأمر (الدولة) في كل زمان هو المسؤول عن جباية الزكاة, وأن ذمة المزكي تبرأ عندما يدفعها لولي الأمر؛ لأن النبي (ص) والخلفاء الراشدون كانوا يستلمونها من كل مقتدر على أدائها ويصرفونها في مصارفها الشرعية, موضحا أن خليفة رسول الله (ص) أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- قاتل ما نعي الزكاة لأنهم لم يؤدوها إليه وقال قولة مشهورة: "والله لو منعوني عناقا أو عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله (ص) لقاتلتهم عليه". وعن مصارف الزكاة يقول الهدار مصارف الزكاة ثمانية أصناف محصورة في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم}. بسبب الزكاة لم تصل إليه النار وأضاف: "نحن في اليمن نسير على منهج سماوي وإتاحة الدولة الفرصة للتجار والمزكين أن يدفعوا جزءا من الزكاة للدولة وجزءا للفقراء والمساكين بحسب نظر المزكي وبهذا تمت الفائدة للجميع, فالزكاة حصن من حصون المسلم يحفظ بها ماله ويطهره، والعكس صحيح فإذا لم يزك الشخص فقد هلك ماله وفسد وذهبت البركة منه"، مستدلا بذلك قوله (ص) حين قال: "ما هلك مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة". ونرى كثيرا من السلف الصالح يزكون أموالهم ولا يسألون عليها ولا يتحرون في الحفظ عليها لأن الله سبحانه وتعالى هو الحافظ لها. وذكر الهدار قصة حدثت في العهود السالفة حين احترق سوق الحميدية بدمشق وكان رجل من الصالحين يزكي ماله بدقة متناهية فقيل له: "لقد احترق متجرك ضمن سوق الحميدية"، فرد عليهم: "إن متجري لن يحترق لأني أؤدي الزكاة ولأن رسول الله قال: ما هلك مال في بر ولا بحر إلا بمنع الزكاة. وقيل بعد ذلك أن النار بعد أن أنطفأ الحريق حاصرت ذلك المتجر ولم تتسرب إليه وكان ذلك بسبب تأدية الزكاة كما أمر بها الله سبحانه وتعالى. طاعة ولي الأمر واجبة وحول الأفراد والجماعات الذين لا يدفعون الزكاة للدولة ويدفعونها مباشرة للمستحقين لها دون الرجوع لولي الأمر أكد الهدار أن طاعة ولي الأمر واجبه تنفيذا لأخر وصية للرسول (ص) حيث قال: "أوصيكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبدا فإنه من يعش منكم فسير اختلافا كثيرا". ويرى الهدار ضرورة دفع الزكاة للدولة بحسب ما هو محدد. شبكة الضمان الاجتماعي وأوضح أن الزكاة تمثل رافداً اقتصادياً مهماً. وأشاد بدور اليمن وحكومته لتكفلها وإنفاقها على الشيوخ والمعوزين والمحتاجين عبر صندوق الرعاية الاجتماعية، مطالبا في نفس الوقت القائمين على هذا الصندوق بضرورة تسجيل حالات جديدة من الفقراء والمحتاجين حتى لا يبقى فقير مسلم في اليمن، مشيرا إلى أن العلماء -رضي الله عنهم- أوضحوا أنه "لو أنفقت الزكاة على الوجه المطلوب ما بقي فقير في هذا المجتمع" لأن الله تعالى جعل ما يكفي الفقراء في أموال الأغنياء. وطالب الهدار الدولة بضرورة تكثيف جهودها في هذا الجانب والتحري بشكل أكبر وفتح باب لمن لم يكن له من قبل رعاية اجتماعية ورفع رواتب المستحقين من الضمان الاجتماعي والبحث عن الصالحين والأكفاء القادرين على إيصال هذه المساعدات لذويها والمحتاجين لها. منوها بأن من سار وفقا لتعاليم رسول الله (ص) صلحت أمور دينه ودنياه، لأن الله سبحانه وتعالى وعد بذلك وأن من أراد السعادة لنفسه ومجتمعه ووطنه عليه السير وفقا لتعاليم المنهج السماوي الذي جاء به الرسول (ص) وسار عليه الخلفاء الراشدين والسلف الصالح. ويؤكد القول السابق للهدار فيما يخص صندوق الرعاية الاجتماعية في اليمن عدد من رجال الدين والاقتصاد بأن الدولة تتكفل مقابل الزكاة التي تجمع من عامة أفراد المجتمع رعاية الفقراء والمعسرين من خلال شبكة الضمان الاجتماعي. التوعية بضرورة دفع الزكاة للدولة من جهته يؤكد مدير عام مكتب وزارة الأوقاف والإرشاد بمحافظة عدن، الشيخ فؤاد البريهي، أن العلماء أكدوا أن النص القرآني في قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} أن المسؤول عن جبايتها وجمعها من أصحابها هو ولي الأمر والذي يقوم بإعادة توزيعها على المستحقين لها بما تسمى بالمصارف الشرعية المختلفة، وأنه بهذا حد قوله، يعتبر أداء الزكاة واجبا لولي الأمر (الدولة) وأن ما يوزع بالطرق الأخرى فهي صدقة. وأوضح أن الجهة المعنية بتحصيل الزكاة في اليمن هي إدارات الواجبات التي تتبع المحافظات وليس لها أي علاقة بوزارة الأوقاف ومكاتبها في المحافظات والتي ينحصر دورها في التوعية عبر المساجد لأهمية قيام المواطنين وكل من توافرت فيه الشروط والنصاب الشرعي بضرورة دفع الزكاة اكتمالا لدوره التعبدي والإيماني وقبولا لأعماله التي يتعبد بها عند الله سبحانه وتعالى وبنفس الوقت للحصول على الفوائد الاجتماعية والاقتصادية في التكافل من خلال أداء الزكاة، معتبرا أنه متى ما وجد التكافل ومتى ما قضي على الاختلالات من خلال توفير حاجيات الناس متى ما كنا في المجتمع الأمن والمسالم الصحي في كل المراحل. الدولة بالدرجة الأولى هي المسؤولة في المقابل يرى إمام مسجد الهداية بأمانة العاصمة، علي عبد الرحمن، أن الدولة بالدرجة الأولى هي المسؤولة عن جباية الزكاة فيما يظهر لها (الأموال الظاهرة) وصرفها في مصارفها الشرعية للمستحقين منها كما هي في كتاب الله وسنة رسوله وكتب الفقهاء حتى تؤدي الحكمة التي أرادها الله عز وجل منها، موضحا أن هناك من الأموال التي تجب فيها الزكاة قد لا تظهر للدولة وهي الأموال المدخرة ولفت في هذا الجانب إلى أنه يجب على الشخص نفسه أن يبادر إلى الدولة ويدفع زكاة أمواله حتى تبرأ ذمته وإذا لم يجد أي شخص مسئول في الدولة يأخذ منه الزكاة فبإمكانه أن يتلمس هو بنفسه الفقراء ويسلمهم زكاة ماله وبذلك تبرأ ذمته عند الله عز وجل. للدولة الحق بمصادرة نصف مال الممتنع ويرى في ذات السياق عدد من رجال الدين أن للدولة الحق في مصادرة نصف مال الممتنع عن أداء الزكاة إضافة إلى أخذ الزكاة فهي أمانة كبقية العبادات في الإسلام وفريضة واجبة على كل مسلم ومسلمة يمتلك النصاب الشرعي, مؤكدين أهمية مواردها ودورها في إحداث أثر إيجابي ملموس فيما يتصل بتحقيق الرعاية الاجتماعية للفقراء ومكافحة الفقر وتوفير مشاريع التنمية وأهمية وجوب تسليم الزكاة إلى الجهات الرسمية والمعنية بتحصيل وجباية الزكاة والمتمثلة في الدولة، مشيرين إلى أن قيام المكلف بإخراج الزكاة بدون علم ولي الأمر وجب على الأخير أن يخرجها منه مرة أخرى. السياسية