في بادرة بدت مألوفة لدى البعض وفي أهم المحافظات اليمنية شهدت وما زالت أمانة العاصمة تشهد في مناطق متفرقة من الشوارع الرئيسية والفرعية تكدسا كبيرا للنفايات (القمامة) المنزلية خاصة في الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك أمام مرأى ومسمع الجميع. وأستنكر مواطنون في استطلاع أجرته "السياسية" بخصوص هذا الموضوع مثل هذه التصرفات وعدم مبالاة الجهة المعنية، وحملوا صندوق النظافة وتحسين المدينة (مشروع النظافة) المسؤولية الكاملة، وطالبوه بضرورة التخلص من تلك النفايات أولا بأول وبأسرع وقت ممكن؛ نظرا للآثار البيئية والصحية السلبية التي تعكسها على المواطنين، ناهيك عن تشويه المنظر الجمالي والحضاري للأمانة. وأثناء تجوالنا بمنطقة الصافية وشارع خولان ومناطق متفرقة من الأمانة، الخميس قبل الماضي، لالتقاط الصور علّق علينا أحد الأشخاص بالقول: "تصور القمامة!". شرحنا له بأن الهدف نقل الموضوع صحفيا إلى أمانة العاصمة وأمينها والرأي العام، حينها ارتسمت في وجهه ابتسامة خفيفة، شعرنا من خلالها أن في جعبته أشياء كثيرة يريد الإفصاح عنها، وهو ما تم فعلا، حيث قال: "ليست هذه المرة الأولى التي تتكدس فيها نفايات المنازل، وإنما بين الحين والآخر تتكرر هذه المشكلة، دون أن تحرك الجهة المختصة ساكنا وتستمر لعدة أيام، وتصبح مكانا ملائما لتجمع الحيوانات (القطط والكلاب) والحشرات بما فيها الذباب والبعوض، وهو ما يؤدي إلى انتقال الأمراض والعدوى". وأكد المواطن (رفض الإفصاح عن اسمه) بأن عمّال النظافة (مكنسي الشوارع) يؤدون دورهم وعملهم على أكمل وجه دون كلل أو ملل، ولكن التقصير -حد وصفه- من قبل الأشخاص المسؤولين عليهم والمعنيين بتوزيع سيارات النظافة على الشوارع الرئيسية والفرعية. إهمال غالبية المواطنين وفي السياق ذاته كشف "م, ن" هو الآخر أحد مواطني منطقة الصافية "أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، وإن ازدادت حدتها مؤخرا خلال شهر رمضان، وأنها بدأت عند ما قامت أمانة العاصمة قبل فترة برفع براميل القمامة واستبدالها بمرور سيارات النظافة إلى كل الشوارع (الرئيسية والفرعية والأزقة) لجمع نفايات المنازل مباشرة, معتبرا ذلك الإجراء بالصائب، خصوصا وأن سيارات النظافة في غالبية الأيام تتردد مرتين في اليوم الواحد (صباحا ومساء) على هذا الشارع أو ذاك", ولكنه أشار إلى "أن هناك إهمالا من قبل غالبية المواطنين، حيث لا يلتزمون بإخراج النفايات من منازلهم في الوقت المحدد لمرور سيارات النظافة والتي لا تلتزم هي الأخرى بالمرور في وقت محدد في بعض الأيام، وأدت تلك التصرفات إلى قيام المواطنين بتصريف نفاياتهم المنزلية إلى أماكن متفرقة من الشوارع وأمام منازلهم والمواقع التي كانت تتواجد فيها براميل القمامة". همُّ يؤرق حياتهم في المقابل شكا عدد من عمال النظافة من عدم التزام المواطنين بإخراج نفاياتهم أو مخلفاتهم في الوقت المحدد الذي تمر فيه سيارات النظافة إلى جوار منازلهم، واعتبروا ذلك همًا يؤرق حياتهم ويدفعهم إلى بذل مزيد من الجهد من خلال تجميع النفايات من هنا وهناك، وأجمعوا على أن مثل هذه التصرفات غير المسئولة من قبل البعض تمحي المعالم الجمالية والنظيفة لشوارع الأمانة التي رسمتها -وما تزال- سواعدهم عبر ريشة اسمها "مكنس". أوقات محددة لمرور المعدات من جهته أوضح مدير عام مشروع النظافة بأمانة العاصمة، عبدالله الزوبة: أن العادات في اليمن كما هي في العالم الإسلامي تختلف خلال شهر رمضان حيث يتضاعف شراء المواطنين للمواد الغذائية قبيل الشهر الكريم، ويوميا قبيل فترة الإفطار، ولا يتعدى الأكل ثلث ما يتم شراؤه، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة النفايات والمخلفات المنزلية عن بقية أيام العام بحوالي أربعة أضعاف، مؤكدا أن معدات النظافة (سيارات النظافة) تمر يوميا في الشوارع والأحياء السكنية بأمانة العاصمة في أوقات محددة خلال فترة النهار الفترة الأولى من الساعة السادسة والنصف والسابعة صباحا والفترة الثانية في وقت العصر؛ بهدف سحب المخلفات المكدسة أمام وجوار المنازل في مختلف الأحياء والشوارع الرئيسية والفرعية، ونقلها إلى خارج الأمانة، وأن المواطنين لا يلتزمون بالوقت المحدد لمرور تلك المعدات في إخراج مخلفاتهم المنزلية، والتي يخرجونها في غالب الأحيان بعد مرورها من أحيائهم أو قبلها بفترة، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة الأعباء على مشروع النظافة بالأمانة ويشكل ضغطا شديدا عليه في نقل المخلفات، وبقائها لساعات معدودة في تلك المواقع. الطرفان يتحملان المسؤولية مشيرا إلى أن الأعطال التي تحدث لبعض المعدات بين الحين والآخر تشكل سببا آخر من أسباب تأخر نقل النفايات إلى خارج العاصمة، خاصة ما حدث في الأيام الأولى من شهر رمضان أثناء هطول الأمطار على أمانة العاصمة لله الحمد والتي تأثر على الهوايات الخاصة بالغرافات والقلابات بسبب شفطها للمياه أثناء قيامها برفع المخلفات من الأرض، حيث تتعرض للعطب وتحتاج لساعات معدودة من أجل إصلاحها. وبالرغم أن الزوبة اعترف بالتقصير الذي حدث من قبل مشروع النظافة بالأمانة بداية شهر رمضان حيث لم يتم نقل المخلفات في بعض المناطق إلا بعد فترة وجيزة، وذلك -كما ذكر سابقا- بسبب تضاعف حجم المخلفات والأمطار التي أدت إلى تعطيل عدد من المعدات الخاصة بالنقل، لكنه أكد في الوقت نفسه أن هذا لم يحدث إلى في الأيام الأولى من شهر رمضان، وأن الصورة بالتأكيد حد تعبيره- قد تغيّرت من قبل المواطنين خلال هذه الفترة، والتي تم فيها تجاوز الإشكالية السابقة، موضحا أنه في بقية أيام العام لا تبقى المخلفات مكدسة، كما يقول البعض، حيث يتم نقلها يوميا وبأسرع وقت ممكن. وحمّل الطرفين مسؤولية المشكلة المواطنين لعدم التزامهم بإخراج المخلفات في الوقت المحدد لمرور معدات النظافة، ومشروع النظافة بسبب الأعطال التي حصلت لبعض المعدات، والتي لم تستغرق عملية إصلاحها ثلاث ساعات بالرغم رفد المناطق التي تعطلت معداتها بمعدات تابعة لمناطق أخرى، خصوصا وأن كل معدة لنقل المخلفات خاصة بمنطقة ومربع أو حي معين حسب الكثافة السكانية المتواجدة في كل منطقة، إلا أنه أكد أن المشروع يحاول بقدر الإمكان أن يتعدى الأزمة التي تحدث في رمضان، ولا تتكرر بقية العام. ودعا المواطنين إلى ضرورة الالتزام بعدم إخراج مخلفاتهم المنزلية إلا في الأوقات المحددة لمرور معدات النقل، وعند سماعهم صفارتها أو إشارتها المعروفة لدى الجميع. ما يخص إلغاء براميل القمامة وفيما يخص إلغاء براميل القمامة التي كانت متواجدة في الفترة السابقة بأمانة العاصمة، أشار إلى أنه تم رفع تلك البراميل من المناطق وسط العاصمة ونقلها وتوزيعها على المناطق الواقعة في أطراف العاصمة (حزيز, بني الحارث, والحارات الجديدة التي لم يتم سفلتتها في سعوان والسنينة وغيرهما) وأن السبب الآخر لنقلها من تلك المناطق هو تنفيذ آلية الجمع المباشر للمخلفات من وسط الأمانة بحكم التمدّن الموجود في تلك المناطق، ومستوى العلم والمعرفة والتقدّم التي وصل إليه المواطنون الذين لا يحبذون رمي المخلفات في أماكن متفرقة من الشوارع، وأمام وجوار منازلهم، ولديهم معرفة بسلبيات وأضرار ذلك، ويعرفون الأوقات التي تمر فيها معدات النظافة للجمع المباشر. مناطق تشكل عبئا كبيرا ولفت الزوبة إلى الضغط القائم على مشروع النظافة، والذي يعمل على نقل مخلفات 17 منطقة، منها: تابعة لمحافظة صنعاء كحزيز والمعسكرات والدوائر الحكومية المتواجدة في الأطراف، والتي لا تدخل ضمن مشروع النظافة بالأمانة، وإنما محافظة صنعاء، وهو ما يشكل عبئا كبيرا على المشروع يفوق عبئه الرسمي. إشكاليات... وحول الإشكاليات التي يعاني منها المشروع حدد الزوبة مشكلتين رئيسيتين يواجهها مشروع النظافة هما: قلة المعدات الخاصة بالنقل، وقلة الاعتمادات الخاصة لها، والتوسع العمراني، والزحف السكاني خلال السنوات الأخيرة، وبالذات الثلاث السنوات الماضية، والتي لم تكن تتواجد فيها كثير من المناطق منها: شارع الخمسين, بني الحارث كما هي حاليا, وحارة في سعوان, والمنطقة الغربية بالسنينة وغيرها, مما يؤدي إلى عدم تمكن المشروع من مواجهة مخلفاتها بالشكل المطلوب والأمثل والسريع، خاصة وأنه عند ما يطالب بمعدات أو عُمّال إضافيين يستغرق ذلك وقتا طويلا؛ نظرا للروتين القائم، لافتا إلى أنهم منذ حوالي شهر قاموا بالإعلان عن طلب 30 فرانة لتغطية العجز القائم في جميع المناطق التابعة للمشروع، وحتى الآن لم يحصلوا عليها، وأنهم يواجهون مشكلة النقص في العُمّال في بعض المناطق، ولكنهم يقومون برفدها بفرق طوارئ من مناطق أخرى بين حين وآخر. وذكر أن عدد العمالة التابعة للمشروع بما فيها عُمّال الإدارة العامة يصل إلى 4400 عامل، وأن المشروع يحتاج في الوقت الراهن -بحسب البرنامج المقدّم من مدراء المناطق- إلى 400 عامل للتغطية المؤقتة، وأن إجمالي عدد المعدات بما فيها التابعة للمدراء المعنيين والتي لا تشترك بنقل المخلفات ما بين 370 إلى 380 معدة (قلابات, غرافات)، وأن القلاب يحمل طنا واحدا في كل زفة من المخلفات، بينما الغرافة تختلف حسب أحجامها، حيث تحمل ما بين خمسة أو سبعة أو 13 طنا من المخلفات في المرة الواحدة. السياسية