حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، من خطورة أصوات المتطرفين التي ارتفعت وتأجج نيران الكراهية بين الأديان والثقافات خاصة ضد الدين الإسلامي الحنيف. وقال موسى في كلمته في افتتاح الدورة العادية ال 134 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري اليوم: إن الرئاسة العراقية للمجلس تؤكد عودته لحاضنته العربية، مؤكدا على ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني قادرة على تجسيد آمال الشعب العراقي الذي أوضح في الانتخابات الماضية موقفه الراغب في إعادة الأمن والاستقرار والتماسك وبناء مؤسساته الدستورية. واعتبر أن قرار الولاياتالمتحدة إنهاء العمليات العسكرية في العراق نهاية أغسطس الماضي تطور هام يشكل تحديا للقوى السياسية في العراق في الأخذ بزمام الأمر والتحرك نحو العراق الجديد الذي يقوم على تفعيل القدرات العراقية ليكون العراق جزءا رئيسا من المجتمع العربي الإسلامي. وعلى المسار الفلسطيني قال موسى: إن اجتماع وزراء الخارجية العرب فرصة لبدء دراسة الخيارات العربية إزاء مختلف الاحتمالات فيما يتعلق بالمفاوضات المباشرة خاصة إزاء احتمال استمرار الاستيطان. ورأى موسى أنه رغم عدم تغير الأساليب والسياسات والمواقف الإسرائيلية ورغم الشكوك في أهدافها إلا أن الموقف الرصين يقتضى إعطاء المفاوضات المباشرة فرصها مؤكدا أن سياسة /هل من مزيد من تنازلات الجانب العربي/ انتهت وما يجري فرصة أخيرة لإقامة السلام عبر الوسائل الراهنة. ولفت إلى أن مصداقية الدبلوماسية العالمية على محك مشددا على أن الدول العربية لن تترك الفلسطينيين وحدهم لأن هذه قضية العرب جميعا. وفيما يتعلق بالسودان أكد موسى على الوقوف مع وحدة السودان والوقوف صامدين لصيانة هذه الوحدة معربا عن تطلعه إلى أن يجري الاستفتاء الخاص بتحديد مصير الجنوب في بيئة آمنة وأن يتم وضع ترتيبات التعامل مع نتائجه مما يتيح التعاون المشترك في أطر مقبولة بالنسبة للوضع المستقبلي الذي سينتج عن الاستفتاء. وحول الصومال قال موسى: إنه لا يزال يعيش حالة صعبة رغم الجهود والمبادرات التي تقوم بها الجامعة العربية لمعالجة حالة الانهيار والدفع بجهود إعادة بناء الدولة الغائبة منذ 20 عاما. ونبه الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى خطورة وجود العناصر المتطرفة في الصومال الأمر الذي يضيف مشاكل وصعوبات للمساعي السلمية كما يعيق جهود الحكومة موضحا أن هناك افتقارا للمساعدات اللازمة لقوات الأمن الصومالية. وتطرق الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى الجهود العربية إزاء البرنامج العسكري الإسرائيلي مشيرا إلى نجاح الموقف الجماعي العربي في مؤتمر محافظي وكالة الطاقة الذرية باستصدار قرار حول القدرات النووية الإسرائيلية. وأوضح موسى أنه ستجرى مناقشة من قبل الوكالة حول تنفيذ هذا القرار؛ الأمر الذي يتطلب تحركا حثيثا لمتابعة هذا البند في الوكالة حتى تنضم إسرائيل للمعاهدة وإخضاع منشأتها للتفتيش. وأكد في كلمته على أهمية التعاون مع الإتحاد الإفريقي خاصة في ملفات الصومال والسودان وجزر القمر لافتا في هذا الإطار إلى أهمية الإعداد الجيد للقمة العربية الإفريقية الثانية. وقال: إنه من المنتظر أن تطلق هذه القمة مشروعا استراتيجيا للتعاون في مجال الأمن الغذائي والزراعة والحفاظ على الأمن السلم والموارد البشرية وتعزيز التعاون الحضاري بين الجانبين. ولفت إلى أن الفترة القادمة ستشهد عددا من القمم العربية أهمها القمة العربية الاستثنائية التي تناقش وثيقة تطوير العمل العربي المشترك استنادا إلى المبادرتين العربية والليبية موضحا أن الأمانة العامة أعدت ورقة عن الخطوات المقترحة لإنجاز هذا المشروع والعناصر التي تحوز إجماع كافة الدول. من جانبه أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري رئيس الدورة ال 134 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في كلمته حرص العراق على استعادة تمثيله في الجامعة العربية بعد الحرب الأمريكية وسقوط النظام السابق. وأوضح زيباري أن العراق الجديد لم يكن مألوفا بعد وما جرى كان يخضع لتوجهات متباينة غير أن المألوف كان إصرار العراق على العودة لمكانه في بيته بيت العرب لتثبت الجامعة العربية استقامة معاييرها وموضوعيتها وهي تنظر إلى بلد يشكل أحد أعمدتها ومؤسسيها الأوائل. وأكد أن بغداد تشهد تحضيرات واسعة على مختلف الصعد اللوجستية والإدارية والأمنية لاستقبال الملوك والرؤساء والقادة العرب لقمة بغداد التي ستنعقد نهاية مارس المقبل معربا عن أمله في أن تحظى القمة بمشاركة عربية واسعة تجسد أهمية العراق ودوره المحوري في أمته. وأضاف: إن الدورة تنعقد في وقت يواجه فيه العالم والوطن العربي تحديات إقليمية ودولية عديدة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية تستوجب الاستعداد الكافي لمواجهتها والتخفيف من تداعياتها على المنطقة العربية مما يجعل الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى ترجمة العمل العربي المشترك عمليا على أرض الواقع بما يحقق طموحات الشعوب العربية في الأمن والسلام والحياة الكريمة. وأكد وزير الخارجية العراقي أن بلاده مع ما تقرره السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالمفاوضات المباشرة ورؤيتها إليها طبقا للقرارات العربية والدولية ذات الصلة مشيرا إلى أن مبادرة السلام العربية ما زالت مطروحة وهي تتضمن فرصة للسلام للإسرائيليين والذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وشدد على أن مبادرة السلام العربية هي خيار استراتيجي ولكنها لن تبقى مطروحة إلى أبد الآبدين داعيا الفلسطينيين إلى إنهاء الخلافات القائمة بينهم وإجراء المصالحة الوطنية بالسرعة التي يتطلبها هذا الظرف مدعوما بالموقف العربي الذي يبذل جهوده في هذا المجال وفي المقدمة الجهد المصري. وأكد دعم العراق للتقدم في تنفيذ اتفاقية السلام الشامل في السودان فيما دعا الصوماليين إلى المصالحة الوطنية ونبذ الاقتتال الداخلي وتحكيم العقل وتعزيز لغة الحوار بين الأطراف المتنازعة. وثمن زيباري الجهود القيمة التي بذلتها الجامعة على صعيد رعايتها للمصالح الجماعية للدول الأعضاء لافتا إلى أن العراق يمر حاليا بظروف سياسية ودستورية صعبة بسبب تأخير تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات الديمقراطية الأخيرة إلا أن جهود القيادات السياسية متواصلة لتشكيل حكومة شراكة وطنية وحكومة جامعة تحترم إرادة الناخب العراقي. وجدد زيباري دعوة العراق إلى أشقائه العرب من أجل تقديم المساعدة اللازمة للخروج من طائلة أحكام الفصل السابع والمبادرة إلى إلغاء ديونه المترتبة عليه معربا عن أمله في أن تتحول القرارات العربية التي ستتخذها هذه الدورة إلى واقع ملموس للتضامن مع العراق. وأكد أهمية التعاون العربي في مجال تبادل المعلومات من أجل مكافحة الإرهاب ومنع تسلل الإرهابيين عبر الحدود ومكافحة الشبكات الإرهابية مما يدعم أمن واستقرار المنطقة. من جانبه قال وزير الخارجية الصومالي يوسف حسن إبراهيم أحمد رئيس الدورة السابقة للمجلس (الدورة ال133 ): إن المشكلة الصومالية مشكلة عربية تؤثر على الجميع سلبا وإيجابا ، مشددا في الوقت ذاته على أن طريق المصالحة مازال مفتوحا ومرحبا بأي قوى صومالية تريد السلام. ونبه الوزير الصومالي في كلمته إلى خطورة حركة الشباب المسلحة، ووصفها بأنها خارجة عن القانون، والأعراف الدولية ، والحياة الإسلامية، التي تتشدق بها الحركة.. وقال: إن الجماهير رفضت هذه المجموعات المتشددة، ولا تريد التعامل معها، ويقتصر التعامل معها من باب التقية أو اتقاء شرها. وأوضح أن المجتمع الدولي بدأ يدرك خطوة هذه الجماعات الذين تباهوا بنقل المعركة لدول الجوار، وقاموا بعمل إرهابي في أوغندا، كما أنها تجند بعض الصوماليين في المهجر ، وتدربهم لأغراضها. وقال: إن أوربا وأمريكا تأكد لديهم خطورة هذه الجماعات، وألقى القبض علي بعضهم في أمريكا وأوربا. من جهته عبر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليبو جراندي، عن عميق شكره للدول العربية ولسكرتاريا جامعة الدول العربية لدعمهم المتواصل للاونروا وللاجئين المستفيدين من خدماتها. وفي كلمة ألقاها خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية بالقاهرة ناشد جراندي القادة العرب تعزيز مستوي الدعم المقدم للاجئين في فترة تمر بها الاونروا بأزمة مالية خانقة وغير مسبوقة، مشيرا إلى أن المؤسسة الدولية تواجه عجزا ماليا هذا العام تعدي 80 مليون دولار أمريكي وتتوقع عجزا ماليا خلال العام القادم. وفي معرض شرحه لأوضاع وخدمات الاونروا في الأقاليم الخمس (سوريا، الأردن، لبنان، قطاع غزةوالضفة الغربية والتي تشمل القدس الشرقية) شدد المفوض العام على التحديات التي تواجه الاونروا واللاجئين على حد سواء. ففي غزة، وبالرغم من إدخال بعض التسهيلات، إلا أن العديد من الفلسطينيين لا يزالون يواجهون ظروفا قاسية من العزلة. والقليلون فقط، إن كان يوجد في الأصل، قادرون على تجنب آثار الشلل في الخدمات العامة وانهيار الاقتصاد الرسمي والتهديدات المادية والنفسية التي يجلبها النزاع. وفي الضفة الغربية، فإن العديد من أشكال القيود على الحركة لا تزال مفروضة على المجتمعات الفلسطينية، بالإضافة إلى تفتيت المناطق عن بعضها البعض مما يشكل عقبات كأداء. ونفس هذه التحديات والصعوبات، أكد جراندي، يعاني منها سكان شرقي القدس، ومن ضمنهم 70 ألف لاجئ يسكنون المدينة. وبالإشارة إلى الأوضاع في لبنان فقد أشاد المفوض العام بتمرير البرلمان اللبناني قانونا بمنح اللاجئين الفلسطينيين حق الوصول إلى مجموعة من الفرص الوظيفية أكبر مما كان متاحا لهم من قبل وحث الحكومة اللبنانية والدول المتبرعة على إنجاز "تحسينات ملموسة في الظروف والأوضاع المعيشية للاجئين والذين عانوا ولفترة طويلة من ظروف بائسة". هذا وقد شدد المفوض العام على أن قضية اللاجئين وعمل الاونروا مرتبطان بالمصالح الحيوية لدول الشرق المتوسط حاثا الزعماء العرب على توفير الاونروا بالدعم السياسي والمالي المطلوب من أجل إيفاء المنظمة لدورها. وأضاف: إن الاونروا تعبر عن عظيم امتنانها للدعم المتواصل وعلى مدى العقود الماضية، ولكننا لا نستطيع تجنب حقيقة مفادها أن الكثير من العمل والجهد ما زال مطلوبا لمواجهة التحديات التي تواجه الاونروا واللاجئين الفلسطينيين.