يتوجه نحو 3ر13 مليون ماليزي غدا الاحد الى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في 8000 مركز اقتراع في الانتخابات البرلمانية لاختيار مرشحيهم ل 222 مقعدا برلمانيا فيدراليا و 505 مقاعد في الولايات. وقال رئيس مفوضية الانتخابات الماليزية عبدالعزيز محمد يوسف أن ميزانية الانتخابات لهذا العام بلغت 400 مليون رينجت ماليزي حيث يعد أكبر ميزانية للانتخابات العامة في تاريخ البلاد. وأوضح أن المفوضية عينت 376 موظفا لفرض قوانين الانتخابات و222 موظفا و1088 مساعدا لتنسيق عملية الاقتراع. وكثف المرشحون جهودهم وتنقلاتهم في الايام الاخيرة في دوائرهم الانتخابية لجذب الناخبين الى صناديق الاقتراع للتصويت وإلقاء الخطابات السياسية في مقرات الأحزاب المنتشرة في الدوائر الانتخابية ونشر الأعلام والصور والشعارات الحزبية في جميع أرجاء ماليزيا. وكعادة الحملات الانتخابية ظهرت في الآونة الآخيرة بعض المشادات الكلامية من المرشحين لاسيما في الجوانب العرقية والطائفية إضافة إلى قيام بعض المجهولين بتخريب بعض المقرات الحزبية وإنزال بعض الإعلام والشعارات من على الجدران والأعمدة إلا أن ذلك لم يصل بعد إلى مرحلة العنف والشغب. وعلى الرغم من تحدث معظم وسائل الإعلام الدولية عن أن ائتلاف الجبهة الوطنية الحاكمة (باريسان ناشيونال) سيواجه تحديا واضحا بالسقوط في هذه الانتخابات إلا أن النظرة العامة في الحملات الانتخابية سواء على أرض الواقع أم على وسائل الإعلام الجديدة توضح تقاربا واضحا بين الائتلاف الحاكم والائتلاف الشعبي المعارض (باكاتان راكيات). وبقدر ماتقوم به المعارضة الماليزية بزعامة قائدها المثير للجدل وصاحب الكاريزما القوية أنور إبراهيم ومرشحي الائتلاف المعارض من حملات قوية هذا العام يقوم رئيس الوزراء نجيب عبدالرزاق ومرشحي ائتلافه بحملات مماثلة في جميع أرجاء ماليزيا. ويظهر هذا التقارب في الوعود السياسية التي أعلنت عنها الحكومة والمعارضة والتي تضمنت أمورا متقاربة في تقديم المساعدات والحوافز المالية ودغدغة مشاعر الناخبين بتلك الوعود إضافة إلى تقديمهما خطط اقتصادية مستقبلية واستراتيجيات لاستثارة الحس القومي. وعلى الرغم من هذا التقارب بين الحكومة والمعارضة إلا أن الائتلاف الحاكم الذي ينسب إليه الازدهار الاقتصادي لماليزيا يواجه ضغوطا كبيرة لاستعادة مقاعده البرلمانية التي خسرها في عام 2008 حيث يواجه انتقادات شديدة بسبب الفساد وغلاء المعيشة وارتفاع نسبة الجريمة ونزاهة الانتخابات وتوزيع الحصص الاقتصادية بين الأعراق. لكن في الوقت ذاته تواجه المعارضة التي سيطرت على أربع ولايات من أصل 13 ولاية في الانتخابات السابقة انتقادات أيضا بشأن تقديم الخدمات والتسهيلات للمواطنين إضافة إلى بعض المشاكل التي تشكل عائقا أمام إقبال الاستثمارات الأجنبية إلى تلك الولايات. وتتهم المعارضة بمحاولتها إقحام العامل الأجنبي في انتخابات البلاد بعد رفض المفوضية الانتخابية دخول مراقبين أجانب سوى دول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) حيث يحظى زعيم المعارضة أنور إبراهيم بدعم كبير من الدول الغربية. ويظهر ذلك عندما تنبهت الحكومة الماليزية للزيارة التي قام بها عضو مجلس الشيوخ الاسترالي نيك زينوفون إلى ماليزيا في فبراير الماضي حيث قامت السلطات الماليزية بترحيله أثناء وصوله إلى مطار كوالالمبور الدولي بذريعة أنه يعتبر مصدر "خطر أمني" حيث اكتشف فيما بعد أنه سيقوم بتقصي الحقائق بشكل غير رسمي لمراقبة الانتخابات القادمة وتحديد نزاهتها. ولعل تهمة إقحام العامل الأجنبي في ماليزيا لم تكن حديثة في سياسة المعارض أنور إبراهيم فقد اتهمه خصمه رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد قبل سجنه بأنه كان يحاول الاقتراض من صندوق النقد الدولي أثناء الأزمة المالية التي اجتاحت دول جنوب شرق آسيا في عام 1998. وتعد سياسة التجارة الحرة وفتح مجالات واسعة للمستثمرين الأجانب واضحة في نظرة أنور إبراهيم في حين يفضل مهاتير محمد ومن بعده من رؤساء الائتلاف الحاكم السيطرة على الاستثمار الأجنبي وتداول العملات والاعتماد على الصناعة والتجارة المحلية بشكل أكبر. من جهة أخرى تستغل المعارضة الماليزية قضايا العرقية والطائفية "واتهمت الحكومة بتوجهاتها السياسية القائمة على العرقية" لاسيما في السياسة الاقتصادية للدولة والتي تعطي الملايو المسلمين أولوية. وأصدرت المعارضة بيانا رسميا يوحد جميع الأعراق حيث تضم في صفوفها أحزاب ذات توجهات عرقية وفكرية مختلفة وهي الحزب الإسلامي (باس) وحزب العدالة الشعبية (بي كي آر) وحزب الحركة الديمقراطية (دي إي بي). ويرى مراقبون أن الاقتصاد الماليزي يسير على مساره الصحيح حسب مؤشرات النمو الاقتصادي وبالتالي فإن تغيير الحكومة في هذه اللحظة قد يعثر مسيرة نمو الاقتصاد لاسيما وأن الائتلاف الحاكم يعمل على (رؤية 2020) الاقتصادية والتي رسمها رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد. وأطلق رئيس الوزراء الحالي برنامج (التحول الاقتصادي) في عام 2009 والذي يشكل خارطة طريق ل(رؤية 2020) مايعني أنه إذا لم ينجح الائتلاف الحاكم في الانتخابات القادمة فإن هذه الرؤية التي تهدف إلى الارتقاء بماليزيا إلى مصاف الدول المتقدمة لن تستمر لأن الحكومة الجديدة قد تضع خططا اقتصادية مختلفة.