أثارت موجة العنف التي شهدها العراق أمس والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى المخاوف من اندلاع حرب أهلية. وتأتي أعمال العنف في الوقت الذي حذر مسؤول في بعثة الأممالمتحدة بالعراق، من إمكانية انزلاق العراق إلى "حرب أهلية"، معتبرا أن "أزمة سوريا وعوامل إقليمية أخرى تلقي بظلالها على التطورات العراقية". وأوضح مسؤول ملف حقوق الإنسان في البعثة فرانسيسكو موتا أن "العراق بات عند مفترق طرق"، مضيفا "لا نقول إننا في حرب أهلية حاليا، لكن أعداد الضحايا سيئة جدا". وأضاف أن العراق "لم يبلغ مرحلة الحرب الأهلية بعد لكن إذا استمر العنف واستمر قتل المدنيين، فعندها يمكن أن ننزلق نحو ما لا يمكن العودة عنه". ورأى موتا أن الأزمات السياسية المتلاحقة "وقصر النظر في بعض السياسات، والتأثيرات الخارجية الآتية من المنطقة المحيطة، وخصوصا سوريا تساهم في الدفع نحو عدم الاستقرار". وحذر من أن "الانقسامات الطائفية تتعمق وتظهر في البلاد بطريقة أكثر خطورة من تلك التي كانت عليها عام 2007". وأشار موتا إلى أن "الكثير من المجموعات المتشددة تنتعش مما يحدث هناك". وأفادت تقارير ميدانية بأن حصيلة الهجمات التي نفذت أمس بلغت نحو 44 قتيلاً وأكثر من مائة جريح . وذكرت مصادر أمنية وطبية عراقية أن 38 شخصا قتلوا بينما اصيب 25 بجروح في هجوم إرهابي انتحاري استهدف مقهى في مدينة كركوك شمال العراق. وقال مصدر أمني رفيع المستوى إن انتحاريا يرتدي حزاما ناسفا فجر نفسه في مقهى بحي 1 حزيران بكركوك ما أدى حسب مصادر طبية إلى مقتل 38 شخصا وإصابة 25 بجروح. وقد قتل أمس ايضا تسعة اشخاص بينهم ضابط برتبة عميد في الشرطة في هجمات استهدفت مناطق مختلفة في العراق. وجاءت هذه الهجمات غداة مقتل 56 شخصا بينهم 25 من عناصر الامن في موجة هجمات استهدفت اغلبها قوات الامن في عموم العراق الخميس. وتشكل هذه الهجمات الدامية امتدادا لموجة العنف المتصاعدة في بلاد تعيش على وقع اعمال القتل اليومي منذ اجتياحها عام 2003 على ايدي قوات تحالف دولي قادته الولاياتالمتحدة التي غادرت قواتها العراق نهاية 2011. وبحسب ارقام الاممالمتحدة، فقد قتل اكثر من 2500 شخص في الاشهر الثلاثة الاخيرة بينهم 761 في يونيو. وشهد العراق بين عامي 2006 و2008 حربا طائفية قتل فيها الآلاف، ومنذ منتصف عام 2008 بدأت أعداد ضحايا أعمال العنف اليومية بالانخفاض إلا أنها عادت للارتفاع مع انسحاب القوات الأمريكية في نهاية عام 2011 لتبلغ المستوى الذي كانت عليه ما قبل منتصف عام 2008. وتظاهر آلاف العراقيين أمس الجمعة مجددا تنديدا بسياسات رئيس الوزراء نورى المالكى، وأدوا صلوات موحدة فى محافظات عدة. وأقيمت فى ست محافظات بينها الأنبار وبغداد صلوات جمعة موحدة دعت لها هيئات دينية وتجمعات شبابية وعشائرية تحت شعار "رمضان شهر الصبر والنصر". ودعا خطباء الجمع الموحدة المعتصمين والمتظاهرين إلى مواصلة احتجاجاتهم السلمية على سياسات المالكى حتى تستجيب حكومته لمطالبهم. وكانت الاحتجاجات المنددة بالمالكى وسياساته بدأت نهاية العام الماضى للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين، وإصلاحات تشريعية وقانونية تشمل إلغاء المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، وإلغاء قانون المساءلة والعدالة اجتثاث البعث وكذلك تحقيق التوازن الطائفى فى أجهزة ومؤسسات الدولة. وقالت حكومة المالكى إنها استجابت لجزء من مطالب المتظاهرين من خلال إطلاق سراح بضعة آلاف من المعتقلين، لكنها أوضحت أن تعديل أى من القوانين يمر عبر البرلمان.