صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    بين مَطرقة الغياب وسِندان النسيان.. 96 يوماً من الوجع 63 يوماً من "العَدَم    مصر: نتنياهو يعرقل المرحلة الثانية من اتفاق غزة    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    إصابة مواطنين ومهاجر إفريقي بقصف متجدد للعدو السعودي على صعدة    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    تحليل في بيانات الحزب الاشتراكي اليمني في الرياض وعدن    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    توتر جديد بين مرتزقة العدوان: اشتباكات مستمرة في حضرموت    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    صنعاء.. تشييع جثمان الشهيد يحيى صوفان في مديرية الطيال    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    تعز أبية رغم الإرهاب    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    الإعلامية مايا العبسي تعلن اعتزال تقديم برنامج "طائر السعيدة"    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    باكستان تبرم صفقة أسلحة ب 4.6 مليار دولار مع قوات حفتر في ليبيا    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    ذا كريدل": اليمن ساحة "حرب باردة" بين الرياض وأبو ظبي    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سرطان المستوطنات يخنق الفلسطينيين
نشر في سبأنت يوم 20 - 02 - 2022


صنعاء - سبأ: مركز البحوث والمعلومات: زيد المحبشي
تتراوح مساحة فلسطين التاريخية تحت الانتداب البريطاني بين "26400 – 27000" كيلو متر مربع، يقسمها خط وهمي بحسب هدنة 1949، يُعرف ب"الخط الأخضر"، بموجبه يسيطر الاحتلال الصهيوني على القسم الأول المعروف بفلسطين القديمة "أراضي 1948"، وهذه مساحتها نحو 20990 كيلو متر مربع ومن ضمنها القدس الغربية، والشطر الثاني المعروف بفلسطين الجديدة "أراضي 1967" ومن ضمنها القدس الشرقية، وهذه لا تتجاوز مساحتها 6010 كيلو متر مربع، وبالتالي فالتفاوض في مراحله المختلفة بات مقتصراً عليها، أي على الضفة والقطاع والقدس الشرقية.
ميدانياً، المناطق المتبقية للفلسطينيين مخنوقة بالمستوطنات وجدار الفصل العنصري، ففي الضفة وحدها تستحوذ المستوطنات على "35 – 58 %" من أراضيها، وفي القدس المحتلة لم يتبقَ للعرب سوى الأحياء العربية الواقعة خارج حدود الجدار، وهذه قد تم ملئها بالمستوطنات.
إذن ما الذي تبقى للفلسطينيين في حال كانت هناك توجهات دولية حقيقية لتنضيج خيار الدولتين كمخرج وحيد لحلحلة عُقد الصراع "الصهيوني - الفلسطيني".
ملف "المستوطنات" من الأكثر ملفات التسوية تعقيداً، بسبب هالة الألغام المُحيطة به، وحجر عثرة أمام رهانات التسوية" بالنظر إلى الأهمية التي يحتلها في قائمة أجندة الاحتلال وضعف الموقف العربي وعدم جدية الإدارات الأميركية المتعاقبة في التعامل معه من منظور الحقوق والاستحقاقات، وبالنظر إلى نجاح الاحتلال في فرض وقائع ميدانية لم يعد بالإمكان تجاوزها أو إيجاد مخارج لها.
مخططات متوالدة:
تعود بداية تكريس الاستيطان بالقوة إلى العام 1920، ومن حيث التنظير والاهتمام إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وما شهدته من حراك عالمي واسع للحركة الصهيونية تمثّل في إقامة المراكز البحثية المعنية بدراسة مشاريع الاستيطان في فلسطين، وحشد الموارد الكفيلة بترجمتها على الأرض بدءاً بالعمل الميداني تحت حماية قوات الانتداب ومروراً بحربي 1948 و1967، وما صاحبهما من عمليات تهجير وتطهير واسعة للفلسطينيين، أدت إلى نزوح أكثر من 6 ملايين فلسطيني، وتغليب الوجود اليهودي على الوجود العربي في أراضي 1948، وانتهاءً بتوظيف أجواء المفاوضات منذ أوسلو 1993 وما تلاها لفرض المزيد من الحقائق والوقائع الاستيطانية، التي تحول دون حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
أنشأ الصهاينة العديد من المستوطنات بعد عام 1948 على أنقاض البلدات والقرى الفلسطينية التي تشكل 78 % من أرض دولة فلسطين التاريخية المُستوّلى عليها، وبعد حرب العام 1967، استولى العدو على ال 22 % المتبقية من أراضي دولة فلسطين التاريخية، الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وبدأ ببناء مستعمرات استيطانية لليهود فقط على هذه الأراضي.
وأنشأ العدو "طُرقاً التفافية" لربط مستوطنات القدس الشرقية والضفة الغربية ببعضها، وبأراضي 1948، هذه الطرق تفصل الأراضي الفلسطينية عن بعضها، ويُسمح لليهود فقط باستخدامها.
ويتعمد العدو بناء هذه المستوطنات على الأراضي الفلسطينية الخصبة والمليئة بالمصادر الطبيعية، وسلب الفلسطينيين حقهم في إنشاء دولة حتى على القطعة الصغيرة المُتبقية من أرض دولة فلسطين التاريخية في الضفة والقطاع والقدس الشرقية.
وتُعتبر تل أبيب من أوائل المستوطنات التي بناها الصهاينة في أوائل القرن العشرين.
شيّد الصهاينة الكثير من المستوطنات في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وتضاعف عدد سكانها في السنوات ال 20 الماضية بصورة مُلفتة، وتتحدث الأرقام الرسمية عن تجاوز متوسط ولادة المستوطنة الصهيونية 7.59 أطفال في الوقت الراهن، بينما لا يتجاوز متوسط ولادة النساء الفلسطينيات 3.2 أطفال.
ويحاول العدو من خلال رفع نسبة التكاثر تغليب العرق اليهودي على الوجود العربي في فلسطين المحتلة، أملاً في أن يقود ذلك في حال كانت هناك توجهات فعلية لإنجاز تسوية دائمة للقضية الفلسطينية الى اسقاط خيار الدولتين، وتحويل الفلسطينيين الى أقلية، وقذف هذه الأقلية في أحضان مصر والأردن والمنافي البديلة المخصصة للتوطين.
السرطان الاستيطاني يستحوذ على أكثر من 58 % من أراضي الضفة، أي نحو 3277 كيلو متر مربع من إجمالي مساحة الضفة (5650 كيلو متر مربع)، يتواجد بها أكثر من 300000 - 427800 مستوطن، و270 ألف مستوطن في القدس الشرقية، أي نحو 7 % من يهود الكيان العبري، ويتضاعف النمو السنوي لسكان المستوطنات بمقدار 3 أضعاف نمو السكان اليهود في أراضي 1948، ونسبتهم في الضفة نحو 20 % من عدد السكان الفلسطينيين.
وسيطر الاستيطان على نحو 163 كيلومتر مربع من أراضي القدس الشرقية بصورة أصبح معها الوجود العربي أقلية أمام أغلبية يهودية لأول مرة في التاريخ، أضف لذلك الحواجز المقطعة للضفة والتي تتجاوز أكثر من 640 حاجزاً وفقاً للإحصائيات المنشورة ما قبل العام 2010، واقتطاع الجدار العازل أكثر من 975 كيلو متر مربع من مساحتها، وحجز نحو 346 ألف فلسطيني خلفه، سيحرمون من نعمة التواصل مع ذويهم، وعزل نحو 154 ألف مقدسي عن مدينتهم، واقتطاع 200 كيلو متر مربع في العام 1950 بطرق ملتوية لصالح المستوطنات من أصل 555 كيلو متر مربع هي إجمالي مساحة قطاع غزة بموجب خطوط هدنة عام 1949، ونحو 20 % (72 كيلو متر مربع) تم اقتطاعها خلال العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين لصالح الجدار العنصري في القطاع، وكلها حقائق لم تعد قابلة للإلغاء أو المساومة بل المطلوب الاعتراف بها وبسيادتها كواقع لم يعد ممكناً تغييره.
وتتحدث الإحصائيات عن بناء العدو أكثر من 250 مستوطنة منذ العام 1967، تتوزع بين الضفة الغربية وغزة، وتحتل مساحة إجمالية من الأراضي الفلسطينية تُقدر بنحو 10183.5 هكتارات، منها 160 مستوطنة و200 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة و69 مستوطنة في القدس الشرقية، ناهيك عن 121 – 250 بؤرة استيطانية (مستوطنات بُنيت دون إذن من الحكومة الصهيونية) ما بعد العام 1993.
يعيش في الضفة الغربية المحتلة صغيرة المساحة بما فيها القدس الشرقية، نحو 427800 - 600000 مُستوطناً، في تجمعات منفصلة عن بعضها، بحسب إحصائيات العام 2014.
في العام 2010 كانت هناك مبادرة أميركية للسلام في فلسطين المحتلة، تمخضت عن اعلان الكيان الغاصب مخطط طويل الأمد يقضي ببناء أكثر من 60 ألف وحدة استيطانية في القدس الشرقية والضفة خلال الفترة "2010 – 2020".
وفي 24 أكتوبر 2021 أعلن العدو عن مخطط يتضمن بناء 3100 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، وفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية.
وتتحدث بيانات حركة "السلام الآن" الحقوقية الصهيونية عن وجود نحو 666 ألف مستوطن إسرائيلي و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية غير مرخصة من الحكومة العبرية بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة.
وفي 15 فبراير 2022 كشف تقرير لمعهد الأبحاث التطبيقية (أريج) مخطط جديد للاحتلال يقضي بمصادرة " 70048 دونماً من الأراضي الفلسطينية التابعة لمحافظتي "الخليل، و"بيت لحم" في الضفة من أجل بناء مستوطنات تمتد من بلدات "سعير" و"الشيوخ" في "الخليل"، الى "البرية الشرقية" ل"بيت لحم"، تحت مبرر "محمية طبيعية".
وتعود بداية مخططات الاستيطان في هاتين المحافظتين الى العام 1983، وتم تجميده ووضعه في الدُرج، ليتم في هذه المرحلة توسيعه والإعلان عن البدء بتنفيذه.
ويستند العدو في مصادرة الأراضي الفلسطينية على أمر عسكري أصدره في العام 1969 يحمل الرقم 363، بموجبه يحق للسلطات الصهيونية المدنية الإعلان عن أي منطقة في الضفة الغربية المحتلة "محمية طبيعية"، وهو اسم الدلع لتبرير تمدد المستوطنات، في الوقت الذي تحظر فيه سلطات العدو على الفلسطينيين استخدام هذه الأراضي بذريعة أنها "محميات طبيعية".
كما يتذرع الصهاينة لتبرير التمدد الاستيطاني بالصلات التاريخية والتوراتية بالأرض، والدواعي الأمنية.
ويعتقد بعض المستوطنين أن "الرب" يأمرهم باستيطان هذه المناطق، وتتحدث الإحصائيات عن تحول التجمعات الاستيطانية الى بؤر للإرهاب الصهيوني، فثُلثي سكانها من اليهود المتشددين دينياً، وبقية المستوطنين يفضلونها بسبب رُخص العقارات فيها وتوافر الخدمات المُريحة، وهذا سيكون له تبعات خطيرة ليس على الفلسطينيين فحسب بل وعلى اليهود ذاتهم من صراعات كامنة وخاملة مهددة بالإنفجار في أية لحظة بين المتزمتين والمنفتحين منهم، ناهيك عما يمارسونه من جرائم ضد الفلسطينيين بمباركة سلطاتهم المدنية وحماية جيشهم، في ظل صمت مخزي من الأمم المتحدة بمنظماتها المختلفة.
ويزود العدو المستوطنات بالخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء، كما تتمتع بحماية الجيش الصهيوني، ويسمح العدو لقُطعانه في الضفة الغربية بحمل السلاح، ودفعهم للاعتداء على المواطنين والمزارعين الفلسطينيين.
وتتوزع المستوطنات في شتى أرجاء الضفة الغربية المحتلة، ولأن الكثير منها مشمولة بحماية الجيش الصهيوني ومحظورة على الفلسطينيين، فإن وجودها يفصل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض، ويُعقّد التواصل والانتقال والتنمية في المناطق الفلسطينية.
والأكثر خطورة مصادرة العدو الآلاف من الدونمات الفلسطينية تحت تهديد السلاح، واستغلالها كأماكن لدفن نفايات المصانع الكيميائية والنفايات النووية المتأتية من مفاعلي "ديمونا" و"ناحال سوريك"، واستعمالها كمستودع للنفايات العامة والقاذورات وأماكن تجمع الصرف الصحي بالقرب من القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية، بما لذلك من تداعيات كارثية على الفلسطينيين، بيئياً وسُكانياً وحياتياً.
الموقف الفلسطيني:
رغم المقاومة الفلسطينية الشعبية المستمرة للاستيطان، فإن الاهتمام السياسي القيادي بهذا الملف أتى متأخراً جداً، وتحديداً في العام 2008 عندما قرر المفاوض الفلسطيني ربط استمراره في المفاوضات بتجميد الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية دون القدس الشرقية، أي فيما يتعلق بمستوطنات ما بعد 1967 وإزالة مستوطنات ما بعد أوسلو 1993، وهو ما أثار التساؤل عما إذا كان المفاوض الفلسطيني بات على قناعة بأن المستوطنات لم تعد تُمثّل حجر عثرة أمام السلام الذي ينشده؟.
الاحتلال بغض النظر عن مسميات حكوماته المتعاقبة غير مكترث بعملية السلام بعد أن ضمن عملياً طوي الانشغال بملف الأمن الخارجي عبر الجدار والتنسيق الأمني في الضفة والحصار على القطاع، لكنه مع ذلك يظل في حاجة للمفاوضات فقط لأنها تحميه من الضغط والعزلة الخارجية.
مستقبل ملغوم:
نجح الاحتلال عملياً في حصر الخلاف حول عدد محدود من المستوطنات التي تم بنائها بعد اتفاق أوسلو 1993، لأنها تمت بصورة عشوائية وغير قانونية، وهي بمجملها لا تتجاوز 250 مستوطنة يقع معظمها خارج الخط الأخضر، وتمحور خلاف واشنطن مع تل أبيب خلال إدارتي بوش الإبن وأوباما حول 100 مستوطنة من أصل 121 مستوطنة تم الاعتراض عليها.
وتعمل الإدارات الأميركية المتعاقبة على دفع المفاوض الفلسطيني للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية نقية خالصة، والاعتراف بالواقع الديموغرافي الاستيطاني في الضفة والقدس الشرقية، وبشرعية جدار الفصل العنصري، وإسقاط حق العودة، والاعتراف بشرعية عمليات التوطين في الدول العربية المتواجد بها الفلسطينيين.
والفلسطينيون يدركون أكثر من غيرهم بأن الإدارات الأميركية بمختلف مسمياتها لم ولن تُبدي أي جدِّية في التعامل مع ملف المستوطنات، لأن الاستيطان يمثل عصب الكيان الغاصب وصمام الأمان لاستمراره إلى جانب مشاريع التهويد والجدار العازل.
ويبقى الرهان الوحيد لتخليص الفلسطينيين من كابوس هذا السرطان الخانق لأنفاسهم في إعادة توحيد صفوفهم خلف المقاومة، وبلسمة جراح التشظي، وما عدا ذلك وهمٌ وسراب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.