ارتفعت حصيلة الاشتباكات التى اندلعت فى مصر منذ أمس الجمعة وتواصلت حتى اليوم السبت بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومعارضيه إلى 46 قتيلا و708 مصابين، فى إحصاء رسمي مرشح للزيادة، فى حين تبادلت وزارة الداخلية وجماعة الاخوان المسلمين الاتهامات بالمسئولية عن الاحداث. وذكرت الصحة المصرية أن ضحايا الاشتباكات فى جميع المحافظات بلغوا 46 حالة وفاة هى 38 بالقاهرة وثمانية بالاسكندرية...مشيرة إلى أن اجمالي المصابين وصل إلى 708 أشخاص مازال 386 منهم يتلقون العلاج فى حين غادر 322 المستشفيات بعد تحسن حالتهم. وفور انتهاء الاشتباكات أمر النائب العام المستشار هشام بركات بتشكيل فريق من محققي نيابة شرق القاهرة برئاسة المستشار مصطفى خاطر للتحقيق في الاشتباكات الدامية التي وقعت أمام ميدان رابعة العدوية وشارع النصر بالقاهرة. وحملت وزارة الداخلية جماعة الاخوان المسلمين، التى ينتمى اليها الرئيس المعزول محمد مرسي، مسئولية الاشتباكات، وقال المتحدث باسمها اللواء هاني عبداللطيف فى بيان مسجل بثه التليفزيون الرسمي إنه " فى استجابة لنداء الواجب واعلاء لمصلحة الوطن العليا خرجت جموع الشعب المصري الواعى عن بكرة ابيها.. فى عفوية واقدام ضاقت بهم ميادين مصر الواسعة لترسم ملحمة شعبية غير مسبوقة وترسل رسالة.. ان الشعب يرفض العنف والارهاب ويرفض اشاعة الفوضى وينشد استقرار البلاد". واضاف " إلا ان جماعة الاخوان ابت ان يمر اليوم فى سلام وسعوا لافساده فى عدد من المحافظات كان ابرزها واقعتين احداهما بالقاهرة والاخرى بالاسكندرية حيث اشتبكت مجموعة من جماعة الاخوان واهالى مدينة الاسكندرية .. وتبادلوا التراشق بالحجارة والاسلحة الخرطوش، واحتمى عدد من جماعة الاخوان بداخل مسجد واعتلى بعضهم مآذنة واطلقوا النيران التى اصابت عدد من اهالى المنطقة والقوات". وتابع " تمكنت قوات الشرطة من الفصل بين الجانبين واسفرت المواجهات عن وفاة عشرة من الاهالي واصابة العديد بينهم عدد من الشرطة". واردف" وفى محافظة القاهرة وفى اصرار واضح لافتعال الازمة تحركت مسيرة من ميدان رابعة العدوية الى مطلع كوبري اكتوبر لقطع الطريق وقاموا باشتعال الاطارات بكثافة فى مطلع الكوبري والاشتباك مع اهالى منطقة منشأة ناصر القريبة حيث استخدم فى تلك الاشتباكات الاسلحة النارية والخرطوش ما اسفر عن وفاة 21 مواطنا واصابة اخرين". وأكد أن " كافة القوات المكلفة بحفظ الامن فى كافة الفعاليات او مواجهة احداث الشغب لم يتجاوز تسليحها الغاز المسيل للدموع ولم تستخدم سواه"...مشيرا الى ان المواجهات اسفرت عن اصابة 14 ضابطا و37 من الافراد والجنود منهم عدد كبير بطلقات نارية وخرطوش. وختم ان وزارة الداخلية تؤكد على الاضطلاع بمسئولياتها وتحذر من مغبة الانسياق وراء دعاوي الخروج عن الاطر السلمية للتظاهر والتعبير عن الرأى. بدوره، أكد وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم ان قوات الشرطة لم تطلق النار على اي متظاهر، وأن تسليح القوات لا يتعد القنابل المسيلة للدموع. وأوضح ابراهيم، في مؤتمر صحفي اليوم، أن (الداعية) صفوت حجازي دعا المتظاهرين المؤيدين لمرسي للتوجه الى كوبري اكتوبر لاحتلاله وقطع الحركة المرورية واشعال اطارات السيارات فوقه، ولان الكوبري مبنى على كابلات فان اى سخونة عليه ستودى الى انهياره لذلك قامت قوات الامن بتفريقهم عن طريق قنابل الغاز المسيل للدموع. وأضاف " لكن المتظاهرون عادوا مجددا فاشتبك معهم اهالي منطقة منشأة ناصر وتبادلوا اطلاق النار والتراشق بالحجارة، فتدخلت قوات الأمن للفصل بينهما. واشار الى ان المتظاهرين بميدان رابعة اطلقوا رصاصا حيا وخرطوشا على قوات الامن فاصيب عدد كبير من الضباط والمجندين بطلقات حية وخرطوش ". واكد أنه سيتم فض اعتصامي مؤيدي مرسي في ميداني رابعة العدوية بالقاهرة ونهضة مصر بالجيزة، بالتنسيق مع القوات المسلحة، ووفقا للقانون، وفي الوقت المناسب. وقال ابراهيم "سيكون هناك تنسيق مع القوات المسلحة للتعامل مع اعتصامي مؤيدي الرئيس المعزول بميداني رابعة العدوية والنهضة، وفض الاعتصام سيكون وفقا للقانون وفي الوقت المناسب...مشيرا الى ان اجهزة الأمن تنتظر قرار النيابة العامة في البلاغات المقدمة من أهالي منطقتي رابعة والنهضة، المتضررين من وضع الاعتصام ". ونبه الى أن عملية فض الاعتصام بالقوة ستؤدي بالضرورة الى خسائر قد تكون كبيرة، وأنه يأمل في أن يتم فض الاعتصام بدون الاضطرار للجوء الى القوة...مشيرا الى أنه في حال استخدام القوة لفض الاعتصام فسوف يعملون على أن يتم ذلك باقل خسائر ممكنة. وعزا اشتباكات أمس الجمعة الى رغبة الاخوان المسلمين فى تحقيق "مكسب سياسي" وافساد فرحة المصريين الذين خرجوا امس لتأييد القوات المسلحة. فى المقابل، هدد الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الاخوان المسلمين وزير الداخلية قائلا له " لا تتصور انه ستفلت من العقاب لا فى الدنيا ولا فى الاخرة ". وتساءل العريان " كم من جماجم المصريين يحتاجه قائد الانقلاب وزمرته ليعتلى كرسي الرئاسة، وكم عدد الشهداء والضحايا والمصابين تحتاجه مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان السيدة نافي بيلاى من الاممالمتحدة لتقول كلمتها عن المجازر فى مصر". من جانبه، ادان التحالف الوطني لدعم الشرعية، الذى اسسته جماعة الاخوان وقوى اسلامية مؤيدة لمرسي، ما وصفه ب"المذبحة المروعة" وحمل " سلطة الانقلاب كامل المسئولية القانونية عنها". واكد التحالف فى بيان " استمرار الاعتصام السلمي، وعدم القبول بالانجرار الى العنف، حتى تتكشف الطبيعة الدموية لهذا الانقلاب الغاشم الذى فقد اصحابه كل معاني الانسانية والوطنية". واضاف " نضع كافة هيئات حقوق الانسان والمنظمات الحقوقية الدولية الرسمية والشعبية امام مسئولياتها الانسانية والتاريخية لايقاف هذه المجزرة" التى " يضيف بها الانقلابيون مزيدا من الدم الى رصيدهم الاسود الذى تضخم بشكل فاق كل التصورات، حيث قتلوا اكثر من 100 شهيد فجر اليوم واصابة اكثر من 3 الاف متظاهر سلمي امام النصب التذكاري على اطراف الاعتصام السلمي فى ميدان رابعة العدوية". وتابع ان ميدان رابعة " ضاق من الحشود المليونية ما اضطر المعتصمين الى الانتشار على امتداد طريق النصر حتى وصلوا الى مشارف جامعة الازهر فقامت قوات الامن مدعومة بحماية من القوات المسلحة بامطار المتظاهرين السلميين بقنابل الغاز ثم بدأ اطلاق الخرطوش والرصاص الحي الكثيف من خلال القناصة الذين اعتلوا اسطح مباني جامعة الازهر واخذوا فى قنص المتظاهرين بوحشية عجيبة". واردف " واستمر ذلك من الساعة الثانية والنصف فجرا حتى الان مما ادى الى وقوع هذا العدد الهائل من الشهداء والمصابين الذين عجز المستشفى الميداني عن استيعابهم ولا يزال العدد مرشحا للزيادة فى ظل سياسة الاستئصال التى تمارسها سلطة الانقلاب بوحشية غير عابئة باية حقوق انسانية بعد ان طلب قائد الانقلاب (فى اشارة الى وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي) تفويضا مفتوحا بقتل المتظاهرين السلميين وبعد ان اعلن وزير داخليته عن اعتزامه فض الاعتصام بما اسماها الطرق القانونية". بينما حمل الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور السلفى " القائمين على إدارة البلاد المسئولية عن كل قطرة دم تسال من مواطن مصري وكل روح تزهق"، مشيرا إلى أنهم " هم المسئولون أمام الله أولا ثم أمام الشعب عن حماية المصريين وضمان سلامتهم". وطالب مخيون، في تصريحات له، " بالوقف الفوري لهذه المذابح ، ومحاسبة المسئولين عنها، وندب قاضي تحقيق لمباشرة التحقيق في هذه الجريمة"، كما طالب " بتكوين لجنة تقصي حقائق من الرموز الوطنية لتجلية الحقيقة أمام الشعب". وأوضح أن " الأزمة لن تحل بالحشود والحشود المضادة، ولا باستخدام العنف"، مشيرا إلي أنه " لا بديل عن الحل السياسي مع التزام الجميع بضبط النفس وعدم التصعيد ونبذ العنف بكل صوره سواء اللفظي أو المادي حفاظا علي مصر وتماسك بنيانها ولكي نفوت الفرصة علي المتربصين بمصر الحبيبه". من جهته طالب حزب "مصر القوية" بإقالة الحكومة التي شارك رئيسها الدكتور حازم الببلاوي في تفويض وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي ب "القضاء" علي ما أسماه "العنف والإرهاب إذا لم تكن قادرة على حماية المواطنين وسرعة إمداد المستشفيات الموجودة بالمنطقة بالمستلزمات اللازمة لإنقاذ المصابين". كما دعا الحزب، في بيان اصدره اليوم، "إلى الوقف الفوري لأعمال القتل التي تقوم بها وزارة الداخلية على مرأى ومسمع من قوات الجيش التي تقف منها موقف المتفرج بعد ان عاهدت الشعب على لسان وزير الدفاع بحماية الدم المصري"، على حد قول البيان. وطالب الحزب "بالتحقيق في هذه المذبحة وإيقاف الحملات الإعلامية الموجهة والداعية الى بث الكراهية والاحتراب الداخلي".. معتبرا أن التفويض الذي أرادت أجهزة الأمن أن يمنحه لها الشعب "كان تفويضا بالقتل وليس تفويضا لمقاومة الإرهاب". وقال الحزب "إن ما جرى وما يزال يجري من مجزرة تجاه المعتصمين في ميدان /رابعة العدوية/ وسقوط ضحايا يسأل عنه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية". وقد توالت ردود الافعال الاقليمية والدولية ازاء ارتفاع عدد ضحايا اعمال العنف من قتلى وجرحى في الاشتباكات التي وقعت ما بين قوات الامن ومؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي . وفي هذا السياق تلقى الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور رسالة اليوم من الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكد فيها التزام واشنطن بمساعدة الشعب المصري على "تحقيق الأهداف الديمقراطية التي قامت من أجلها ثورته". وذكر بيان للرئاسة المصرية أن أوباما تقدم في رسالته بالتهنئة بالنيابة عن الشعب والحكومة الأمريكية بذكرى ثورة 23 يوليو ...مؤكدا ان الولاياتالمتحدة ستظل شريكا قويا للشعب المصري في سعيه لتحديد مسار بلاده نحو المستقبل. وقال أوباما في رسالته ان "هذه اللحظة تمثل تحديا كبيرا وتبشر بنجاح الشعب المصري الذي أتيحت له فرصة ثانية في غاية الأهمية لوضع عملية الانتقال عقب الثورة على مسار النجاح ونأمل أن تمثل أيضا فرصة لاقامة نظام سياسي مدني يتسم بالديمقراطية والشفافية والتسامح وعدم الاقصاء ويحترم حقوق جميع المصريين". وأعرب عن أمله في أن يغتنم القادة في مصر هذه الفرصة لانعاش اقتصاد البلاد وتلبية احتياجات الشعب المصري.. مشددا على أهمية تجنب العنف والتحريض من أجل بناء دولة مصرية تتمتع بمزيد من القوة والديمقراطية والرخاء . من جهتها أعربت الحكومة الفرنسية عن أسفها لارتفاع عدد ضحايا أعمال العنف من قتلى وجرحى في اشتباكات الامس . وقال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية فيليب لاليو في بيان صحفي ان باريس دعت كافة أطراف الأزمة السياسية في مصر إلى ضبط النفس وعمل أي شيء من أجل تفادي التصعيد في أعمال العنف على الأرض . وحثت الحكومة الفرنسية كافة الأطراف إلى تقديم بعض التنازلات من أجل الوصول إلى حل سياسي تجرى من خلاله الانتخابات في أقرب وقت ممكن تماشيا مع الالتزامات التي تعهدت بها السلطة الانتقالية في مصر . أما بريطانيا فقد ابدت قلقها العميق مما يجري من أحداث في مصر داعية جميع الأطراف إلى نبذ العنف والتمسك بلغة الحوار وسلمية المظاهرات . ودعا وزير الخارجية وليام هيغ في بيان السلطات المصرية والقيادات الوطنية إلى تحمل مسؤولياتها في تهدئة الأوضاع وتخفيف حدة الاحتقان في الشارع المصري . وأعرب عن إدانته لكافة أشكال العنف وتوالي سقوط القتلى والجرحى مشددا على ان الوقت الآن وقت الحوار والتهدئة وليس وقتا للعنف والمواجهات . وحث هيغ السلطات المصرية على ضمان أمن المظاهرات والامتناع عن استخدام القوة المفرطة ضدها بما يكفل للمواطنين المصريين حق التظاهر السلمي . كما طالب السلطات بضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين عقب أحداث عزل الرئيس السابق مطلع الشهر الجاري مضيفا ان محاكمتهم يجب ان تتم وفقا للقانون وبناء على تهم واضحة تكون خالية من أية شبهات أو أغراض سياسية . وشدد هيغ على ان الازمة الحالية في مصر تحتاج إلى مسار سياسي يضمن فرصا متكافئة لجميع الأطراف ومن ثمة تنظيم انتخابات مسبقة وحرة تشارك فيها كل الأحزاب والتنظيمات . بدورها دعت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن لدى الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون جميع الاطراف المعنية في مصر الى وقف العنف. وقال مايكل مان المتحدث باسم اشتون في بيان صحافي ان اشتون تدعو السلطات الانتقالية المسؤولة الى ضمان تنظيم تظاهرات سلمية ومنظمة وتدعو المتظاهرين وجميع ممثلي القوى السياسية الى نبذ العنف واحترام مبادئ التظاهر السلمي. وشددت على اهمية مشاركة جميع القوى السياسية بمن فيهم الاخوان المسلمين في العملية الانتقالية والتي يتعين ان تفضي الى نظام دستوري وانتخابات حرة وعادلة والى حكم مدني. وطالبت اشتون "بالافراج عن جميع المحتجزين السياسيين بمن فيهم محمد مرسي ومستشاريه المقربين". ورأت ان "الاعلان عن تهم جديدة في هذا الوقت لن يسهم في بيئة بناءة تحتاجها مصر الان" وأكدت ان المواجهات لا تحل الخلافات وإنما التحرك السريع نحو عملية انتقال شاملة. وذكر البيان ان اشتون على اتصال مع الأطراف الرئيسة في مصر من اجل مواصلة الجهود الرامية الى التوصل الى تسوية سلمية للأزمة السياسية. من جانبها أعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي ، عن قلقها العميق إزاء سقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات التي شهدتها مصر خلال الساعات الأخيرة الماضية، ودعت الى ضرورة المضي في حوار شامل.. مؤكدة في الوقت نفسه أهمية أن تنصّب جهود الأطراف مجتمعة على عودة الهدوء وممارسة أقصى درجات ضبط النفس. وأكد الامين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوغلي استعداد المنظمة، "في حال تم طلب منها ذلك"، لعب دور في هذا السياق، خاصة وأن مصر تترأس الدورة الحالية للقمة الإسلامية. وأوضح أوغلي في اتصال هاتفي اليوم مع وزير خارجية مصر محمد نبيل فهمي، بأن إطلاق سراح الرئيس السابق الدكتور محمد مرسي، سوف يوجد بيئة للحوار. من جانبه أكد الوزير المصري عزم حكومته إشاعة الاستقرار في البلاد من خلال عملية مصالحة، كما أطلع أوغلي على الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية في هذا الشأن. وخرج ملايين المصريين أمس الجمعة إلى الميادين فى القاهرة والمحافظات لتأييد الجيش، الذي طلب قائده العام الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع من الشعب تفويضا لمواجهة أعمال العنف والارهاب المحتمل، بالتزامن مع تظاهر أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي للمطالبة بعودته للحكم كونه رئيس منتخب.