يحيي الأمريكيون اليوم إدارة وشعبا الذكرى ال12 لأحداث ال11 من سبتمبر عام 2001 والتي راح ضحيتها الآلاف من المدنيين بعد هجمات بطائرات مختطفة استهدفت برجي التجارة العالمي في نيويورك وأدت إلى انهيارهما، كما استهدفت مبنى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" وأدت إلى انهيار أجزاء من واجهته الأمامية، لتعلن بعدها الولاياتالمتحدة الحرب على ما أسمته ب "الإرهاب"، وليغير ذلك التاريخ وجه العالم. وبحلول هذه الذكرى أمر البيت الأبيض برفع نسبة التأهب استعداد لهجمات متوقعة ضد المصالح الأمريكية، حيث أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما برفع نسبة التأهب الأمني بمناسبة تلك الذكرى المتزامنة مع ذكرى الهجوم الدامي على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية العام الماضي اللتين توافقان اليوم الأربعاء. وقال أوباما في بيان إن "يوم 11 سبتمبر أصبح يوم ذكرى للأميركيين وغيرهم في أنحاء العالم". وأضاف "أحداث العام الماضي، وفقدان أربعة أميركيين شجعان، (السفير الأميركي في ليبيا) كريس ستيفنز وشون سميث وجلين دوهيرتي وتيرون وودز أوضحت حقيقة التحديات التي نواجهها في العالم". وقد أعطى البيت الأبيض الأوامر بمراجعة الاستعدادات الأمنية لتأمين المصالح الأميركية خارج البلاد، كما جاء في بيان للرئاسة الأميركية. وقال البيان إن أجهزة الأمن "تتخذ الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوع هجمات على صلة بالحادي عشر من سبتمبر" داخل البلاد وعلى أهداف أميركية في الخارج. والتقى أوباما عددا من كبار مسؤولي الأمن القومي امس الثلاثاء لمراجعة الترتيبات الأمنية التي اتخذت في الأشهر الماضية قبل الذكريين السنويتين. وأغلقت الولاياتالمتحدة تسع عشرة من سفاراتها في الشرق الأوسط وأفريقيا قائلة إنها تلقت معلومات من خلال أجهزة المخابرات ووسائل أخرى عن ما وصفته ب"تهديدات إرهابية" لم تحددها. وعشية الذكرى الثانية عشر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ضد بلاده، تحدث الرئيس الامريكي باراك اوباما فى كلمة متلفزة تذاع فى فترة تشهد اعلى نسب مشاهدة عن جولة جديدة من الهجوم على سوريا. وبعد شن حربين مكلفتين دامتا طويلا في العراق وافغانستان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، لا يمكن التأكد ما اذا كان صانعي السياسة الامريكية سيكونوا اكثر حكمة فيما يتعلق بالحرب ضد الارهاب او تهديدات محتملة بسقوط الاسلحة الكيماوية السورية في ايدي المتطرفين. وقد هدد اوباما باللجوء إلى شن ضربة عسكرية ضد سوريا استنادا على مزاعم تفيد بان الحكومة السورية استخدمت الاسلحة الكيماوية. غير أن الكثير من الامريكيين والمجتمع الدولي بدأوا يدركون أن الضربات العسكرية من سياسي يغير من سياساته لدعم "الأمل والتغيير" قد تكون مفيدة في الحملات الرئاسية، ولكن الجهود الدبلوماسية الدولية المنسقة هي التي ستفيد الاستقرار في الشرق الاوسط على المدى البعيد. وتنعكس تصريحات اوباما التي قال فيها ان "امريكا ليست شرطي العالم"، في الصراع الذي دام عامين في سوريا، والاحتجاجات الدامية في مصر ومأساة بنغازي التي راح ضحيتها اربعة امريكيين من بينهم السفير الامريكي كريستوفر ستيفنز، في الذكرى الحادية عشر لهجمات 11 سبتمبر. وهذا يثبت بالفعل أن واشنطن لا تمتلك الكثير لكي تلعب دور شرطي العالم. ويتعين على إدارة اوباما ان تدرك أنه لم يكن التهديد العسكري الذي جعل الحكومة السورية مستعدة لتسليم ترسانة الأسلحة الكيماوية...ولكن ساهم فى ذلك الجهود الدبلوماسية لدول مثل روسيا والصين والاهم، عواقب الحرب الأهلية والهجمات الإرهابية المحتملة ساعدت فى تحقيق هذا التقدم. ولا يوجد اي شخص أكثر دراية من اوباما نفسه بالوضع في بلاده في حربها ضد الإرهاب والصراعات في الشرق الأوسط. ونظرا لان تاريخ الضربات الأمريكية تشوبه الأخطاء وأسقطت عددا كبير من الضحايا المدنيين، فإن الدعم القليل الذي تحظي به خطته بشأن سوريا في داخل الولاياتالمتحدة وخارجها يثبت انهيار سمعة الولاياتالمتحدة ومصداقيتها. وقد تتعرض صورة "مرساة الأمن العالمي" للمزيد من التشويه بسبب اثار فواتير الضربات العسكرية والدخول فى حرب أخرى وانتقام المتطرفين والمشاحنات الحزبية، وهى الأمور التى أشار اليها كلها الرئيس فى كلمته ليلة أمس. ويعد الوصف البلاغي وقصص الأطفال الذين يموتون هي أمور مؤثرة، إلا أن الجهود الدبلوماسية المنسقة أكثر إستراتيجية. ولا يمكن للرئيس الأمريكي، الحائز على جائزة نوبل للسلام، أن يكون اكثر وضوحا بأن الأمريكيين والمجتمع الدولي لن يقبل خطته لضرب سوريا دون ادلة مقنعة.