تسود اجواء من التفاؤل في تونس بانتهاء الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ اكثر من 3 أشهر، مع انطلاق الحوار الوطني بين مختلف القوى السياسية اثر الاتفاق على تنفيذ خارطة الطريق والتي تنص على استقالة الحكومة التي تقودها حركة النهضة، وتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة. وجاء الاعلان عن تواصل لجنة الحوار الوطني الى التوافق على 4 مرشحين مبدئياً لرئاسة حكومة الكفاءات، ليعطي دفعة جديدة نحو اخراج البلاد من الازمة التي اندلعت إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي . وسيكون أمام السلطة والمعارضة مهلة أسبوع واحد، بدءً من السبت الماضي، للتوافق حول اسم المرشح الذي سيتولى بعدها خلال أسبوعين تشكيل حكومة مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة لتحل محل الحكومة الحالية التي ستقدم استقالتها، في أجل أقصاه 3 أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني، وذلك حسب ما تنص عليه خارطة الطريق. كما تنص على تشكيل /الهيئة العليا المستقلة للانتخابات/ التي ستتولى تنظيم الانتخابات العامة القادمة في أجل أسبوع واحد من تاريخ الجلسة الاولى للمفاوضات وإصدار قانون انتخابي في أجل أسبوعين من تاريخ الجلسة الاولى للمفاوضات وتحديد المواعيد الانتخابية في أجل اسبوعين من إنهاء تركيز هيئة الانتخابات . ويتعين بحسب خارطة أن يصادق المجلس التأسيسي (البرلمان) على الدستور الجديد لتونس في أجل أقصاه 4 أسابيع من تاريخ الجلسة الاولى للمفاوضات، بالاستعانة بلجنة خبراء تتولى دعم وتسريع أعمال إنهاءه في الأجل المحدد لذلك . وكانت تونس قد دخلت في أزمة سياسية منذ اغتيال المعارضين العلمانيين شكري بلعيد في فبراير ومحمد البراهمي في يوليو الماضيين، وأدت إلى خروج مظاهرات احتجاج طالبت باستقالة الحكومة واضطرابات في عدد من المدن التونسية . ويؤكد العديد من المراقبين ان مهمة الحوار الوطني ليست بالامر الهين، اذ يتعين على الاحزاب السياسية ان تتوافق في غضون 3 أسابيع الى شهر على ما لم ينجحوا في تجاوزه على امد عامين . وعلاوة على تشكيل حكومة مستقلين، فان التوافق على الدستور الذي تعطلت صياغته منذ اشهر، سيظهر حقيقة رغبة الخصوم السياسيين في انجاح ما يعتبرونه /حوار الفرصة الاخيرة/ فضلاً عن تشكيل لجنة انتخابية واعتماد قانون انتخابي يضمن انتخابات حرة . فيما يرى اخرون أن هذا الحوار سيظل ملغوماً، ويتهدده الفشل في اعادة العملية السياسية الى المجلس التأسيسي وتفادي الاحتكام الى الشارع لتجنب السيناريو المصري، فضلاً عن المدة الزمنية شبه التعجيزية والمحددة ب 4 أسابيع للتوصل الى توافق سياسي. ويشيرون الى ان استمرار الحوار سيبقى مهدداً بحرب التصريحات والاتهامات والتأويلات المتبادلة بين الحكومة والمعارضة والتي قد تندلع من جديد في أي لحظة، لاسيما عقب بيان جبهة الانقاذ المعارضة التي سارعت الى الاعلان منذ بدء الحوار بأن حكومة علي العريض تعتبر مستقيله، وهو ما يرفضه أنصار النهضة التي ينتمي اليها رئيس الوزراء . وعلى الرغم من هذه المخاوف، الا ان هناك آمالاً في نجاح الحوار الوطني، والذي تراه العديد من الاوساط التونسية حلاًّ ضروريا لتعافي الاقتصاد وعودة الأمن الى البلاد، خاصة مع التوافق بين مختلف القوى السياسية والذي سيمكن تونس من إنجاح المسار الانتقالي المتعثر. ويشيرون الى الأجواء التي تحيط بالحوار والتي يعتبرونها مشجعة، خاصة ومع التوافق الحاصل بين الشركاء السياسيين، رغم الاختلاف والتباين الإيديولوجي بينهم، ورغم تلكؤ الأحزاب الفاعلة وتغليبها للمصلحة الحزبية . فيما ينتقد اخرون واقع لا يقبل الاختلاف، وهو تراجع دور الشباب في المشهد السياسي التونسي، وغياب مبادرات الشباب وعزوفهم عن العمل السياسي، بسبب الاحباط الذي يسود الشارع التونسي والذي آلت معه آمال الشباب وطموحاته . هذا وكانت المركزية النقابية للاتحاد التونسي العام للشغل قد اعلن السبت الماضي، بدء العد التنازلي لتطبيق /خارطة طريق/ تنص على استقالة الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية لإخراج البلاد من ازمة سياسية اندلعت إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي . وقال الاتحاد في بيان له ان جلسة الحوار الاولى، تعتبر بداية لتنفيذ خارطة الطريق والتي طرحها في 17 سبتمبر الماضي، بالاشتراك مع عدد من منظمات المجتمع المدني، وابرزها المنظمة الرئيسية لأرباب العمل (أوتيكا)، وعمادة المحامين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان . ورعت هذه المنظمات مفاوضات غير مباشرة بين المعارضة وحركة النهضة لاخراج البلاد من الأزمة التي تأججت إثر سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجيش وقوات الامن خلال هجمات نفذتها مجموعات مسلحة. وجرت يوم الجمعة الماضي، أول جلسة مفاوضات مباشرة بين الجانبين بعدما أرسل رئيس الحكومة والقيادي في حركة النهضة علي العريض صباح اليوم نفسه، إلى المنظمات الراعية للمفاوضات وثيقة موقعة اعلن فيها "التعهد باستقالة الحكومة في الآجال التي حددتها خارطة الطريق" .