وقعت حكومة جنوب السودان والقوات المتمردة المؤيدة لنائب الرئيس المقال رياك مشار مساء أمس اتفاقا لوقف إطلاق النار وذلك تحت رعاية دول شرق أفريقيا (الإيقاد)، في خطوة أولى لوضع نهاية للنزاع المستمر منذ منتصف ديسمبر الماضي. ووقع على الاتفاق الذي تم في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا رئيس وفد حكومة جنوب السودان نيال دينق نيال، فيما وقع عن المتمردين رئيس وفدهم تعبان دينق. وشمل الاتفاق وقف جميع الأعمال العدائية من قبل قوات الطرفين، وتشكيل آلية لمراقبة تنفيذ الاتفاق من قبل الطرفين ودول الإيقاد، ووقف الحملات الإعلامية العدائية، وسحب القوات الأجنبية (في إشارة إلى القوات الأوغندية التي قاتلت إلى جانب القوات الحكومية)، والفصل بين القوات المتحاربة. ونص الاتفاق على تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين والسماح للمنظمات الدولية بالوصول إلى النازحين والمناطق التي كانت تشهد تبادلا لإطلاق النار. وقد رحب السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون واعضاء مجلس الامن الدولي بتوقيع اتفاق وقف اطلاق النار . وقال المكتب الصحافي للامم المتحدة في بيان ان السكرتير العام هنأ الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية على نجاحها في الوساطة في هذه الاتفاقية داعيا الطرفين الى تنفيذها فورا. وشدد بان على ضرورة استئناف الحوار السياسي والوطني على الفور من اجل التوصل الى اتفاق سلام شامل وجامع بمشاركة جميع ممثلي جنوب السودان. وتعهد بان بأن تقف الأممالمتحدة مع شعب جنوب السودان و"تستمر في بذل كل ما في إمكاناتها لحماية المدنيين المعرضين للخطر وتوفير المساعدة الانسانية اللازمة". وجدد بان دعوته لجميع الاطراف لضمان حرية الحركة لبعثة الاممالمتحدة لحماية المدنيين في جنوب السودان (يونيميس) والعاملين في المجال الانساني ومراقبي حقوق الانسان مرحبا بضمانات حكومة جنوب السودان و"دعمها الكامل" للبعثة والتزامها باحترام اتفاقية وجود هذه القوات. على الصعيد ذاته رحب مجلس الامن الدولي باتفاقية وقف اطلاق النار مؤكدا اهمية تأمين استمراريتها واقامة عملية المصالحة والحوار الشامل الذي يعالج الاسباب الجذرية للصراع ويضع الحلول على المدى الطويل. كما رحب الرئيس الأميركي باراك أوباما باتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه وفدا حكومة جنوب السودان والمتمرّدين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا . وشدد أوباما في بيان على ضرورة أن يعمل زعماء البلاد على حل الأسباب الكامنة للصراع والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين, للتوصل إلى حل سلمي للأزمة. وقال الرئيس الأميركي "إنه على زعماء جنوب السودان ضمان حياة لشعبهم ومستقبل لدولتهم الوليدة لا يشوبهما العنف المتواصل, وعليهم محاسبة الاشخاص الذين ارتكبوا فظائع". وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أعلن أن الولاياتالمتحدة تأمل في أن "يطبق الطرفان بسرعة وبشكل كامل" بنود هذا الاتفاق. وأكد المتحدث أن بلاده ترحب بوقف الهجمات وتعدها "خطوة أولى مهمة لإنهاء العنف". وكانت معارك شرسة قد بدأت في 15 ديسمبر الماضي في مقر الحرس الرئاسي في عاصمة البلاد جوبا بين مجموعة تنتمي إلى رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، وأخرى تنتمي إلى نائبه السابق رياك مشار الذي جرت إقالته في يوليو الماضي من منصبه إثر خلافات داخل حزب الحركة الشعبية الحاكم. ثم سرعان ما انتشر القتال في مناطق كثيرة، حيث تمكنت مجموعة انشقت من الجيش وانضمت إلى مشار من السيطرة على مدينة بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الغنية بالنفط، ثم تلتها مدينة بور الاستراتيجية في ولاية جونقلي شرق البلاد، وأخيرا ملكال ثانية كبرى مدن جنوب السودان. وأسفر القتال - بحسب الأممالمتحدة ومنظمات دولية أخرى - عن مقتل أكثر من ألفي شخص، وفرار ما يناهز 500 ألف مواطن، معظمهم لجأ إلى معسكرات تابعة للأمم المتحدة، بينما عبر آخرون حدود البلاد إلى كل من إثيوبيا وأوغندا وكينيا والسودان.