تبدأ اليوم الثلاثاء في فيينا جولة جديدة من المحادثات بين إيران والقوى العالمية الست حول الملف النووي الإيراني تهدف إلى إنهاء نزاع نووي مستمر منذ عشر سنوات. لكن يبدو أن جولة المحادثات بين القوى العالمية وإيران قد تكون هذه المرة أكثر تعقيدا بعد مؤشرات أظهرت أن تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأبحاث التي يشتبه أنها تتعلق بصنع قنبلة نووية يحرز تقدما بطيئا. وألمحت الوكالة الدولية الليلة الماضية عقب اجتماع في فيينا استمر ثلاث ساعات مع إيران إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لكي تنفذ طهران بالكامل سلسلة خطوات تتعلق بالشفافية النووية بحلول مهلة الخميس. وعقد الاجتماع قبل يوم من الموعد المقرر لبدء جولة المفاوضات الجديدة التي تضم إيران والقوى العالمية الست في العاصمة النمساوية أيضا بهدف التوصل الى تسوية نهائية للخلاف بشأن الطموحات النووية لطهران بحلول أواخر يوليو المقبل . وعشية استئناف المحادثات بين طهران والقوى العالمية الست أعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في واشنطن ان المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني ستكون "صعبة" وان فرنسا ستبقى "حذرة" . وتدخل المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني اليوم الثلاثاء في فيينا مرحلة جديدة لا تقل دقة وحساسية عن سابقاتها اذ ان مفاوضي القوى العظمى وطهران سيشرعون في صياغة اتفاق نهائي. اما الهدف الذي يصبو اليه مفاوضو مجموعة 5+1 (المانيا والصين والولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا وروسيا) وايران فهو ان تعطي طهران ضمانة دائمة لبقية العالم بشأن الطابع السلمي البحت لبرنامجها النووي، لتحصل مقابل ذلك على رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها. واضاف فابيوس "هدفنا واضح جدا: في ما يتعلق بايران، نعم قوة نووية مدنية ولكن لا ولا مطلقة للقنبلة النووية". وكان فابيوس يتحدث باللغة الانكليزية امام منظمة يهودية اميركية في واشنطن حيث يقوم بزيارة رسمية الاثنين والثلاثاء. وذكر الوزير الفرنسي بان "خطة التحرك التي اقرت في جنيف تعطينا حتى 20 يوليو لتوقيع اتفاق كامل". وقال ايضا ان "المحادثات حول التخصيب هي صعبة وستكون كذلك. ولكن خطنا واضح: فقط مقاربة تفرض التحقق من ان اهداف البرنامج هي حصرا سلمية". وتعهد بان تكون باريس "حذرة جدا حول انضمام ايران الى الاتفاق" حول النووي وهو نص من شأنه ان يضع حدا لسنوات من العلاقات المتوترة بين طهران والاسرة الدولية. وأوضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن مع إيران بشأن القضايا التي سيتم تناولها في المرحلة القادمة من اتفاق للتعاون يهدف إلى تهدئة المخاوف من أن طهران ربما تسعى إلى تطوير قدرات لصنع أسلحة نووية. ويرجح أن تصيب هذه النتيجة بالاحباط دبلوماسيين غربيين يريدون من إيران أن تتحرك بسرعة أكبر في التعامل مع تساؤلات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن انشطة مزعومة قد يكون لها علاقة بأي جهود لصنع صاروخ يمكنه حمل رؤوس نووية. وتنفي إيران قيامها بأي شيء من هذا القبيل. وعرضت إيران العمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتوضيح ما تطلق عليه الوكالة الابعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي لطهران. لكن دبلوماسيين وخبراء يقولون إنه سيكون من الصعب على إيران الاعتراف بأي نشاط سابق يتناقض مع نفيها مزاعم بأن لديها برنامج لصنع قنبلة نووية. والجولات الثلاث الاولى للمحادثات التي كانت ثمرة اتفاق مرحلي ابرم في جنيف في الخريف الماضي، افضت الى تفاؤل حذر. وتتطلع القوى العالمية بأن تتوقف إيران عن نشاطها النووي نهائياً للحد من إمكانية امتلالكها اسلحة نووية، إلا أن إيران تؤكد أن برنامجها النووي السلمي سيستمر، وتطالب برفع العقوبات عنها التي أضرت باقتصادها. ومن المقرر أن تستمر جولة المحادثات بين القوى العالمية الست مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ووزيرة الخارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون لمدة اربعة ايام في فيينا. ويمثل روسيا فيها نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، والجانب الأمريكي نائب وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية ويندي شيرمان. ونقلت وكالة "إيتار تاس" الروسية للأنباء عن مصدر دبلوماسي قريب من المفاوضات أن كافة المشاركين فيها متفقون على ضرورة صياغة الاتفاق. وعبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف في تصريحات صحفية أمس الاثنين عن أمله بأن تتمكن القوى العالمية الست وإيران في هذه المفاوضات من صياغة أجزاء الاتفاق النهائي حول البرنامج النووي الإيراني. وأشار إلى أن الحديث لا يدور عن إعداد نص نهائي وشامل خلال الأيام ال4 المقبلة بل عن صياغة جزء من الاتفاق المقبل. وذكر ريابكوف أن روسيا مرتاحة من عمل الخبراء حول الملف النووي الإيراني، مؤكدا أن "الخبراء ينفذون العمل الصعب والضروري الذي لا يمكن بدونه تحقيق النجاح". وعبر عن أمله بأن ينجح الجانبان في المحادثات بحل المسائل الخاصة بمستقبل مفاعل آراك وشفافية البرنامج النووي. وفي واشنطن قالت مستشارة الأمن القومي الأمريكية سوزان رايس من جهتها عشية جولة المحادثات بين إيران والقوى العالمية الست في فيينا إن التوصل لاتفاق نهائي مع إيران مشروط بأن توافق طهران على "اجراءات للتحقق" لتهدئة مخاوف الولاياتالمتحدة بشأن برنامجها النووي. واضافت رايس قائلة "علينا جميعا مسؤولية لاعطاء فرصة للدبلوماسية لكي تنجح. لكن امريكا لن تقتنع بالكلمات فقط. الشيء الوحيد الذي سيقنعنا هو اجراءات للتحقق من جانب إيران." وأضافت رايس "اقولها ببساطة.. اذا لم نقتنع فانه لن يكون هناك اتفاق." ويرى الدبلوماسيون أن هناك نية سياسية من قبل الطرفين على التوصل إلى اتفاق نهائي، إلا أنه من الصعب التغلب على بعض الاختلافات حول 3 قضايا اساسية وهي: مخزونها من اليورانيوم المخصب، وتحويل المياه الثقيلة لمنشأة آراك النووية والأبعاد العسكرية لبرنامج ايران النووي.