يتوجه نحو 1,5 مليون ناخب ليبي يوم غد الأربعاء، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في ثاني انتخابات برلمانية وذلك في خطوة حاسمة تحدد مستقبل البلاد بعد أشهر من الفوضى السياسية والتوتر الامني المتزايد. ويتنافس في هذه الانتخابات نحو 1714 مرشحاً على 200 مقعد.. منها 168 مقعد مخصصة للتنافس العام، أي للمرشحين من الرجال والنساء، و32 مقعدا ستكون محل تنافس بين النساء المرشحات حصرا، البالغ عددهن 152 مرشحة. وسيجري الاقتراع في 13 دائرة انتخابية موزعة على 75 دائرة فرعية تغطي كلّ أنحاء ليبيا. ودخل مرشحي الانتخابات البرلمانية في فترة الصمت الانتخابي منذ يوم أمس والتي أعلنت عنها المفوضية العليا للانتخابات وهي منذ حلول اليوم ما قبل الأخير الذي يفصل على موعد الاقتراع الشعبي وهو اليوم المحدد لانتخابات البرلمان الليبي. ولا يجوز للمرشح في يوم الصمت الانتخابي بأي شكل من الأشكال ممارسة أي نوع من أنواع الدعاية في أي قناة من قنواتها، وفي حالة مخالفة ذلك سوف يتعرض المرشح إلى عقوبة الحبس أو غرامة وبالحرمان من الترشح لمدة (5) سنوات حسب ما جاء في القانون الانتخابي. هذا ومن المقرر إعلان النتائج الأولية للانتخابات يوم 27 يونيو الجاري بحسب المفوضية الانتخابية العليا، على أن تعلن النتائج النهائية في منتصف يوليو. ووفقاً لمعطيات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات فقد بلغ عدد الناخبين المسجلين لدى المفوضية أكثر من 1.5 مليون ناخب، 60 في المائة منهم من الذكور، فيما استأثرت النساء ب 40 في المائة من مجموع المقترعين. وسيحل مجلس النواب المستقبلي محل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) أعلى سلطة سياسية وتشريعية في البلاد، والذي انتخب في يوليو 2012 خلال أول اقتراع حر في تاريخ البلاد . ويواجه المؤتمر الوطني العام اتهامات بأنه حصر كل السلطات بين يديه، وبأنه ساهم في انعدام الاستقرار في البلاد لا سيما عبر دعمه ميليشيات مسلحة على حساب الجيش. وتحت ضغط الشارع وافق المؤتمر الوطني العام على تسليم السلطة إلى هيئة منتخبة بعدما كان قرر في بادئ الأمر تمديد ولايته التي انتهت في فبراير الماضي إلى ديسمبر 2014. وكلفت الحكومة الأسبوع الماضي وزير الداخلية بالوكالة ورئيس هيئة أركان الجيش النظامي وضع خطة أمنية للانتخابات. وقد تكاملت الخطة الأمنية لتأمين عملية الانتخابات، حيث أعلنت وزارة الداخلية بالتعاون مع قوات الجيش، بتأمينها 1602 مركز انتخابي على مستوى ليبيا، وتقديم الحماية الأمنية ل13 دائرة انتخابية رئيسية و19 لجنة انتخابية. وأعلن الناطق باسم حكومة تصريف الأعمال في ليبيا، أحمد لامين، اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتأمين مراكز الاقتراع في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها يوم غد. ووصف لامين الانتخابات القادمة بأنها "استحقاق انتخابي هام يدل على مدى الجهود المبذولة، ونجاح المفوضية في أداء أعمالها"، داعياً كافة الناخبين إلى "الإدلاء بأصواتهم ورسم ملامح الدولة الليبية التي يريدونها". وأعلن الناطق باسم الجيش الليبي علي الشيخي، أنه سيتم نشر أكثر من 13 ألف جندي بالجيش الليبي بكافة مراكز الاقتراع على مستوى الدوائر الانتخابية لتأمين العملية الانتخابية.. إلا أن الداخلية الليبية لم تعلن بعد عن عدد عناصر الشرطة الذين سيتم نشرهم لتأمين عملية الاقتراع. هذا وأكد رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الدكتور عماد السائح أن كل مناطق ليبيا قامت باستلام مواد الاقتراع والدوائر الانتخابية ومراكز الاقتراع جاهزة في كل أنحاء ليبيا إلا مدينة درنة شرق ليبيا التي تسيطر عليها جماعات مسلحة. وافتتحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات يوم السبت الماضي مركزها الإعلامي بعد وضع اللمسات الأخيرة لتجهيزه بكل المتطلبات، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن انطلاق عملية الاقتراع بالخارج.. والذي سيتولى تنسيق المتطلبات الإعلامية والتواصل مع القنوات ومع الإعلاميين بالداخل والخارج، ودعمهم بالمعلومات المتعلقة بالعملية الانتخابية. وأدلى الليبيون المقيمون بالخارج بأصواتهم في الانتخابات التشريعية لاختيار أعضاء مجلس النواب للمرحلة الانتقالية يوم السبت الماضي، وتم تخصيص 22 مركز انتخاب في 13 دولة لاستقبال الناخبين الليبيين. ويرى مراقبون أن الظروف الأمنية الصعبة التي تعيشها مدن مثل بنغازي ودرنة (شمال شرق) وسبها (جنوب) وسرت (وسط) ستتسبب في فشل عملية الاقتراع فيها، وخلق تحديات تضع نزاهة الاقتراع على المحك، ما يتطلب بذل جهود أكبر للتهدئة بين كافّة الأطراف وتعهّدهم بحماية صناديق الاقتراع. وقال حزب التغيير الليبي، إنه "لا مخرج من الأوضاع التي تمر بها البلاد، غير بالحوار، والتوافق، وإشراك الجميع في وضع الحلول والرؤى المستقبلية لبناء ليبيا التي لا مكان فيها للتطرف". ودعا حزب التغيير، في بيان له، أمس، المواطنين الليبيين الذين تم تسجيلهم للتصويت في الانتخابات البرلمانية، بالمشاركة والإقبال على الانتخابات، واختيار الأصلح والأفضل من الذين سيضعون مصلحة ليبيا نصب أعينهم. وأبدى محللون سياسيون مخاوفهم من النتائج المتوقعة من انتخاب هذا البرلمان الذي يعلق عليه الليبيون آمالهم في الخروج من أزمات البلد السياسية والأمنية خصوصا وأن شريحة واسعة منهم ترى أن المؤتمر الوطني العام هو السبب في مأزق البلد. ويشكك بعض المراقبين في قدرة السلطات على تنظيم الاقتراع.. لكن المفوضية العليا للانتخابات تتمتع بالوسائل اللوجستية والبشرية اللازمة لتنظيم هذه الانتخابات في الموعد المقرر. ويعول عدد من الناخبين على أن يقر البرلمان المقبل خارطة الطريق التي رسمتها /لجنة فبراير/ المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام للخروج من الأزمة السابقة، وذلك من خلال انتخاب رئيس للبلد بشكل مباشر من الشعب. وعبر تنظيم هذه الانتخابات، يريد الليبيون طي صفحة المؤتمر الوطني العام الذي اتهم بأنه وراء كل مشاكل البلاد.. وهم يعلقون آمالا على انتخاب أعضاء جدد في البرلمان بهدف وقف التجاذبات السياسية بين مختلف الأطياف السياسية. دولياً دعا مجلس الأمن الدولي أمس، الليبيين إلى إجراء الانتخابات التشريعية المقررة في 25 يونيو الجاري بطريقة سلمية.. مؤكدا أن هذا الاستحقاق يمثل "خطوة مهمة لانتقال البلد إلى حكم ديمقراطى مستقر". وقال أعضاء المجلس ال15 في بيان صدر عنهم بالإجماع إنهم "يطلبون من كل الأطراف ضمان أن تجرى الانتخابات بطريقة سلمية وفى كل أنحاء البلاد وان يتمكن جميع الليبيين من ممارسة حقهم في المشاركة في الانتخابات". وأضاف البيان أن أعضاء المجلس "يدعون كل القوى السياسية في ليبيا والتي تنبذ الإرهاب والعنف إلى الدخول في حوار من أجل التوصل إلى توافق حول الخطوات المقبلة وأولويات المرحلة الانتقالية الديمقراطية".