يبدو أن أمد الحرب المستعرة في سوريا سيطول بعدما قررت الإدارة الأمريكية وضع خطط لإنفاق 500 ميلون دولار على تدريب وتجهيز المعارضة السورية،فيما وصفت موسكو الخطوة الأمريكية بأنها في الاتجاه الخاطئ تجاه هذا البلد الذي يعاني من أزمة إنسانية بسبب النزاع المسلح المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات. ولا تزال الأطراف اللاعبة في الأزمة السورية إقليميا ودوليا على تباين كبير بشأن الحل السياسي للأزمة وذلك بعد انتهاء جولتين (جنيف1- جنيف2) من محادثات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة، إلى طريق مسدود . وتقول تقارير إخبارية إن إرسال المعونات العسكرية إلى قوات المعارضة السورية لن يؤدي إلا إلى إطالة الحرب وزيادة مخاطر اندلاع حرب طائفية في المنطقة ،وأن هذا الصراع قد يمزق المنطقة بأكملها، كما أنه قد يسبب المزيد من الدمار في الأراضي السورية. وفي هذا الإطار أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) أمس الخميس أن وزير الدفاع تشاك هيجل طلب من معاونيه وضع خطط أكثر تفصيلا لتدريب وتسليح مقاتلي المعارضة السورية إذا وافق الكونجرس على تمويل طلبه الرئيس باراك أوباما. وقال جون كيربي المتحدث باسم البنتاجون إن الأموال ستسمح للجيش الأميركي بأن "يدرب ويجهز على نحو ملائم العناصر المنتقاة بالمعارضة المسلحة السورية المعتدلة." وأضاف قائلا "أصدر الوزير تعليمات إلى معاونيه للبدء بوضع خطط أكثر تفصيلا لتنفيذ مهمة التدريب والتجهيز إذا وافق الكونجرس." وتحت ضغط من بعض المشرعين الذين يطالبون بدعم أميريكي أكبر للمعارضة المسلحة في سورية طلب أوباما في وقت سابق يوم أمس الخميس من الكونغرس الموافقة على 500 مليون دولار لتمويل مثل هذه المهمة. وطلب الرئيس باراك أوباما الخميس موافقة الكونغرس على تخصيص نصف مليار دولار لتدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة . وتأتي هذه الخطوة بعدما خضع أوباما لضغوط من بعض أعضاء الكونغرس لزيادة الدعم الأميركي للمعارضة السورية. وأفاد بيان للبيت الأبيض بأنه سيتم التدقيق بشأن مقاتلي المعارضة قبل تقديم المساعدة لهم، وذلك في مسعى لتهدئة المخاوف من أن تقع بعض المعدات المقدمة للمعارضة السورية في يد أعداء للولايات المتحدة في نهاية الأمر. وعلى النقيض أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين أن موسكو لن تسمح بتبني مجلس الأمن الدولي قرار ذي طابع إنساني حول سورية يهدد بفرض عقوبات على دمشق. وانتقد تشوركين أمس الخميس ان المحاولات الهادفة إلى الاستناد للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي ينص على إمكانية فرض عقوبات واستخدام القوة، في مشروع قرار حول إيصال مساعدات إنسانية إلى السوريين. وفي حديث صحفي قال المندوب الروسي إن هذه المحاولات "لا تهدف إلى الحصول على نتائج إنسانية ملموسة، بل ممارسة المزيد من الضغط السياسي على الحكومة السورية". ووصف تشوركين خطط الإدارة الأمريكية لإنفاق 500 ميلون دولار على تدريب وتجهيز المعارضة السورية بالخطوة في الاتجاه الخاطئ. وعبّر عن أسفه بأن الولاياتالمتحدة "تصب الزيت على نار النزاع السوري بدلا من محاولة تحقيق حل سياسي". وأضاف: "لاحظنا أن زملاءنا الأمريكيين يقولون إنهم ليسون على يقين فيما إذا كان من الضروري تعيين أحد في منصب الإبراهيمي وإعادة تنشيط المفاوضات بين دمشق والمعارضة". ودعا تشوركين الى تقييم خطر المتطرفين بكل جدية. منوها: "نواجه خطر إنشاء دولة إرهابية في الأراضي الممتدة بين حلب وبغداد. هذا هو الواقع". كما عبّر عن اعتقاده أن هذا الوضع جزئيا هو نتيجة فشل المفاوضات السورية السورية مذكرا بأن البرنامج التمهيدي للحوار السوري كان يتضمن 4 نقاط أولها مكافحة الإرهاب والثاني تشكيل حكومة انتقالية، غير أن المعارضة رفضت بحث هاتين المسألتين بشكل منفصل. وتابع: "مع الأخذ بعين الاعتبار النشاط الأخير ل "داعش"، ألم يكن من الأفضل أن يتفق الطرفان على خطوات عملية مشتركة لمكافحة الإرهاب وفي هذا الإطار إنشاء لجنة مشتركة لتحقيق هذا الهدف. ومن الممكن أن تصبح هذا اللجنة أساسا للهيئة الانتقالية التي يسعى إليها الجميع". وكان مبعوث الأممالمتحدة السابق إلى سوريا، الأخضر الابراهيمي، قد حذر من أن سوريا قد تتحول إلى "دولة فاشلة" مثل الصومال. وقال الدبلوماسي المخضرم، الذي تنحى نهاية مايو الماضي ، إن النزاع "قد يتفجر" وينتشر إلى ما وراء الحدود السورية. وجاء تحذير الإبراهيمي في حوار مع صحيفة دير شبيغل الألمانية، بعد تنحيه عن منصبه. وقال محذرا "ستصبح (سوريا) صومالا آخر. لن تتقسم مثلما يتوقع كثيرون. ستكون دولة فاشلة، ينتشر فيها أمراء الحرب". وأسفر النزاع في سوريا منذ اندلاعه في عام 2011، عن مقتل نحو 150 ألف شخص، ونزوح الملايين عن ديارهم. وترأس الإبراهيمي جولتين من محادثات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف، لكن المفاوضات انتهت إلى طريق مسدود، وهو ما عجل باستقالته. من جانب آخر أعلنت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري آموس أن 10.8 مليون شخص في سورية يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. وكتبت آموس على صفحتها في موقع تويتر للتواصل الاجتماعي أمس الخميس أن هذا العدد يزيد بمليون ونصف المليون على عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في البلاد قبل نصف عام. وأضافت المسؤولة الأممية أنه بعد أربعة أشهر من تبني مجلس الأمن الدولي قرارا يطالب دمشق بفتح ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية، لا يزال النزاع المسلح هناك يودي بحياة الآلاف من السوريين، مشيرة إلى أن عدد متلقي هذه المساعدات في البلاد ما زال ضئيلا. ولفتت آموس إلى أن أهالي المناطق التي تسيطر المعارضة السورية عليها لا يستطيعون الوصول إلى الأدوية.