فشل مجلس النواب اللبناني (البرلمان) ،أمس الأربعاء، للمرة التاسعة في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس ميشال سليمان الذي انتهت مدة ولايته في الرابع والعشرين من مايو الماضي. وبسبب عدم اكتمال نصاب الثلثين لعدد النواب الحاضرين في الجلسة التاسعة، أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس جديد للبلاد إلى 12 أغسطس المقبل. وحضر الجلسة التاسعة 65 نائبا فقط ،بعد مضي شهران تقريبا على الشغور الرئاسي،في حين يتطلب النصاب حضور الجلسة 86 نائبا من أعضاء المجلس ال 128 في الدورة الأولى من جلسة الانتخاب الرئاسي، وفي حال عدم حصول المرشح على ثلثي عدد النواب المطلوب للفوز، تجري عملية اقتراع جديدة يحتاج فيها المرشح إلى 65 صوتا على الأقل للفوز. وكان مجلس النواب اللبناني عقد قبل ذلك ثماني جلسات لم ينجح فيها بانتخاب رئيس للبنان خلفا للرئيس سليمان. وقالت النائبة ستريدا جعجع زوجة المرشح المسيحي سمير جعجع في تصريحات صحفية "إنها الجلسة التاسعة التي يحضرها خمسة وستون نائبا...لقد انتظرنا جلسة، جلستين، ثلاث جلسات وأربعا وخمسا وستا وسبعا وثماني جلسات وصولا إلى التاسعة اليوم... نعم لقد مضى شهران تقريبا على الشغور الرئاسي وما زلنا ننتظر". ورأت أن "السبب هو أن هناك فريقا من النواب لا يحترم إرادة الشعب اللبناني الذي انتخبه والدستور الذي بموجبه تم انتخاب هذا الفريق الذي يعطل الإستحقاق الرئاسي وكأن المسألة ترتبط بحسابات سياسية خاصة وضيقة ولا علاقة لها بالمصلحة الوطنية العليا ومصالح جميع اللبنانيين". وقاطعت الجماعات السياسية جلسات الانتخاب السابقة واتهم كل منها الآخر بالوصول إلى طريق مسدود. ووفقا للنظام السياسي في لبنان فإن السلطة تتوزع بين الطوائف الدينية المختلفة وقد أسندت رئاسة الجمهورية إلى الطائفة المارونية المسيحية ورئاسة البرلمان إلى مسلم شيعي. وقد تولت حكومة رئيس الوزراء السني تمام سلام صلاحيات الرئاسة ريثما يتم اختيار رئيس جديد للبلاد. وكانت صلاحيات الرئيس قد تآكلت في لبنان بموجب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في البلاد ومنح صلاحيات أكبر للحكومة ورئيس الوزراء. ومع ذلك فإن موقع رئاسة الجمهورية مهم بسبب شعور المسيحيين بالتهميش وينتخب رئيس البلاد في لبنان بالاقتراع السري، ويفترض بالمرشح نيل ثلثي أصوات أعضاء البرلمان ال 128 لينتخب من الدورة الاولى، في حين يتم بدءا من الجلسة الثانية انتخاب الرئيس بغالبية النصف زائدا واحدا من الأعضاء . وقد أدت الحرب الأهلية في سوريا إلى تفاقم الانقسامات السياسية وتعقيد مسألة التوافق على رئيس جديد كما تسببت الأزمة السورية والمأزق السياسي الداخلي بضرب الاقتصاد اللبناني مما دفع البنك المركزي لتقديم حزم التحفيز. ويتزامن الجمود السياسي الراهن في لبنان مع تدهور في الوضع الأمني حيث وقعت ثلاثة انفجارات انتحارية في أواخر الشهر الماضي استهدفت العاصمة ونقطة تفتيش على الطريق المؤدي إلى سوريا. ويتيح الدستور اللبناني لمجلس النواب انتخاب أي مسيحي ماروني رئيس للبلاد من دون أن يكون أعلن ترشيحه. وأثارت مبادرة أطلقها عون في وقت سابق من هذا الشهر، واقترح فيها تعديل الدستور بما يتيح انتخاب رئيس البلاد مباشرة من الشعب على مرحلتين، الأولى بان يقوم المسيحيون بانتخاب مرشحين اثنين، والثانية أن ينتخب كل اللبنانيين من كل الطوائف أحد هذين المرشحين رئيسا، رفضا شديدا من مختلف القوى السياسية وتحديدا "قوى 14 آذار". واعتبرت هذه القوى أن انتخاب رئيس جديد للبلاد هو أولوية قبل أي تعديلات دستورية، في حين شددت أطراف أخرى على أن ذلك "انقلاب" على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية عام 1989 ونص على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الحكم.