بات أمن الانترنت والتهديدات التي تتربص بحريته من انتهاك للخصوصية والحريات في صلب اهتمام عدد من دول العالم والمختصين في هذا المجال، مع تزايد الهجمات على شبكات الانترنت، وما يتهدد الشبكة العنكبوتية من انقطاعات وأعمال قرصنة على الشركات والهيئات ومخاطر خسارتها لملايين الدولارات وهو ما دفع بعض الدول لمواجهة هذه التهديدات بهدف حماية (المستهلكين) افرادا وشركات وهيئات. وفي هذا الإطار يعتزم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الإعلان هذا الأسبوع الإعلان عن خطط تستهدف حماية المستهلكين الأمريكيين وقطاع الأعمال من التهديدات الخاصة بالفضاء الالكتروني بعد شهر من أعنف هجوم الكتروني تتعرض له شركة أمريكية. وبينما بات أمن الانترنت في بؤرة اهتمامات الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد الهجوم على شركة "سوني بيكتشرز انترتينمنت" الذي ألقت فيه بالمسؤولية عنه على كوريا الشمالية . سيعلن الرئيس أوباما مقترحات تشريعية واجراءات تنفيذية ستجئ ضمن خطاب حالة الاتحاد الذي سيلقيه في 20 من شهر يناير الجاري وسيتناول مسائل تتعلق بالخصوصية وسرقة الكيانات والأمن الالكتروني والنطاق الترددي الواسع حسبما قال مسؤول بالبيت الابيض السبت. وقال المسؤول إن أوباما سيطرح غدا الاثنين خططا "لتحسين الثقة في التكنولوجيا من خلال معالجة سرقة الكيانات وتحسين الخصوصية على مستوى المستهلك والطلبة" وذلك خلال زيارة يقوم بها الى لجنة التجارة الاتحادية. وأضاف المسؤول ان اوباما سيستضيف الثلاثاء أعضاء من الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لمناقشة الاهداف المشتركة للاقتصاد والامن القومي فيما يعكف الرئيس الديمقراطي على اعداد خطبة ستكون الاولى التي يلقيها منذ فاز الجمهوريون بالاغلبية في الانتخابات التي جرت بمجلس الشيوخ في نوفمبر الماضي. وقال المسؤول إن أوباما سيزور بعد ذلك مركز الأمن الالكتروني بوزارة الأمن الداخلي للنهوض بمجال المشاركة الطوعية في المعلومات بين الحكومة والقطاع الخاص والصناعة لمحاربة المخاطر الالكترونية "مع حماية الخصوصية والحريات المدنية. وفي المقابل ذكرت تقارير عدة مؤخرا أن شبكة الإنترنت في كوريا الشمالية تعرضت لانقطاعات كبيرة من المرجح أنها تعود لهجمات إلكترونية منظّمة بدءا من مساء الأحد 21 ديسمبر 2014. وبحسب شركة " داين" Dyn المتخصصة برصد اتصالات الإنترنت حول العالم فإن البنية التحتية المحدودة للإنترنت في كوريا الشمالية عانت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بحيث لم تعد عناوين الإنترنت هناك قادرة على الاتصال بشبكة الويب. وقال "دوغ مادوري" مدير تحليل الإنترنت في شركة Dyn بتصريح أدلى به لموقع "كوريا الشمالية تكنولوجيا" (North Korea Tech)، أن مثل هذه الانقطاعات في الشبكة الكورية الشمالية تُلاحظ لأوّل مرة، وقد يكون الأمر عائدًا إلى هجمات إلكترونية بالفعل. وتأتي هذه التقارير بعد أن توعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، كوريا الشمالية بالرد على الهجمات التي قامت بها ضد شركة "سوني بيكتشرز" وأدت إلى خسارة الأخيرة لمئات الملايين من الدولارات وتسرب العديد من الأفلام، وإلغاء عرض فيلم "ذي إنترفيو" الذي يحكي قصة تخيلية لاغتيال الرئيس الكوري الشمالي، وذلك بعد تهديدات غير مباشرة من كوريا الشمالية. وأشار مراقبون إلى احتمال أن تكون الولاياتالمتحدة وراء الهجمات الإلكترونية على كوريا الشمالية بالفعل، إلّا أنه لا توجد حتى الآن أية تأكيدات تدعم هذا الاحتمال. ولا تزال الصين أيضا تمثل للولايات المتحدة هاجسا ايضا في هذا المجال "وربما بلدا أو بلدين آخرين" ،حسبما قال الاميرال مايك روجرز مدير وكالة الامن القومي الأمريكية"وهو يدلي بشهادته في 20 نوفمبر 2014 أمام لجنة المخابرات بمجلس النواب بشأن تهديدات الانترنت ان الصين "وربما بلدا أو بلدين آخرين" //لم يحددهما// لديها القدرة على غزو بل وإغلاق نظم الكمبيوتر في مرافق الطاقة الامريكية وشبكات الطيران والشركات المالية. في حين ردت الصين آنذاك على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها هونغ لي بان الحكومة الصينية "تحظر" عمليات التسلل للانترنت وانها في الغالب ضحية لمثل هذه الهجمات التي تأتي من الولاياتالمتحدة. وفي السياق ذاته زادت هجمات الانترنت المنسقة على منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة بين يناير و يونيو 2014،وارتفع حجم تلك الهجمات المتقدمة ذات الأهداف المحددة إلى نحو الضعف في المنطقة وتركيا وأفريقيا في الفترة نفسها،فيما تزايدت الدعوات الدولية للشركات والهيئات الحكومية في المنطقة إلى تبني استراتيجية دفاعية فعالة، لتجنب مخاطر وقوع بياناتهم وملكياتهم الفكرية في أيد خاطئة. وكشف تقرير دولي بهذا الصدد أن المملكة العربية السعودية هي أكثر دول منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إستهدافاً بالتهديدات الإلكترونية، لأمن الشركات في المنطقة. وأوضح التقرير الذي أصدرته شركة "فاير آي" المتخصصة في مجال مكافحة القرصنة الإلكترونية، ونشر على موقع وزارة الاتصالات وتقنيات المعلومات السعودية في 25 نوفمبر 2014 أن المملكة تصدرت القائمة من ضمن خمس دول في عدد هجمات القرصنة الإلكترونية المتقدمة بنسبة 30 في المئة من إجمالي عدد الهجمات المسجلة في النصف الأول من العام 2014، تلتها مباشرة تركيا بنسبة 29.5 في المئة، فقطر بنسبة 16 في المئة، ثم الإمارات بنسبة 7.1 في المئة، فيما حلت الكويت خامسة بنسبة 6.4 في المئة. وشكلت الخدمات الحكومية والمالية أكثر الأهداف الرئيسة إستهدافاً لتلك الهجمات، إذ تعرضت لأكثر من 50 في المئة من إجمالي حالات التهديد المتقدمة الثابتة التي تم رصدها. واستعرض التقرير تصورات غير مسبوقة عن آخر التهديدات التي تستهدف أمن الشركات في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، وتم اختبار أنشطة ومحاولات وأهداف وعدد متنوع من التهديدات المتقدمة خلال الأشهر الستة من العام الحالي 2014. وأشار التقرير إلى تضاعف هجمات البرمجيات الخبيثة تقريباً، وخصوصاً الهجمات المتقدمة ذات الأهداف المحددة، خلال الفترة بين (يناير) و (يونيو) 2014، وارتفاع حجم الهجمات المتقدمة ذات الأهداف المحددة إلى نحو الضعف في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في الفترة نفسها. وأضاف أن التهديدات المتقدمة هي حقيقة ماثلة في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، لذا ينبغي على الشركات والهيئات الحكومية في المنطقة المبادرة إلى تبني استراتيجية دفاعية فعالة، لتجنب مخاطر وقوع بياناتهم وملكياتهم الفكرية في أيد خاطئة. يشار الى تيم برنرز لي، عالم الكمبيوتر البريطاني الذي اخترع الشبكة العنكبوتية قبل 25 عاما، حذر في الآونة الأخيرة بأن الحكومات والشركات الكبرى وسعيها للسيطرة على الشبكة تهدد حرية الانترنت، داعيا الى وضع ميثاق يضمن الحقوق والحريات الاساسية لمستخدمي الشبكة. وكان القلق حول الخصوصية والحرية في الانترنت قد تضاعف منذ قيام موظف وكالة الامن القومي الامريكية ادوارد سنودن بافشاء اسرار برامج المراقبة التي تقوم بها الوكالة.