خمسة وسبعون عاما عمر العلاقات اليمنية- الروسية، التي كانت ومازالت مميزة في جميع مراحلها، قبل وبعد الثورة اليمنية وقبل وبعد الوحدة ، وقبل وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. قدم خلالها الأصدقاء الروس الكثير من العون والمساعدة المعرفية والمادية لليمن في مختلف المجالات الثقافية والصحية والعسكرية. سعادة السفير الروسي بصنعاء،الكسندر زاسبكين، يقدم لسبأنت لمحة عن تلك العلاقات وحجمها، وابرز ما تميزت به خلال مراحلها المتعددة. -سبأنت: بداية سعادة السفير نرجو ان تقدموا لنا نبذة عن طبيعة العلاقات اليمنية –الروسية ومميزاتها؟ -السفير: العلاقات الروسية- اليمنية كانت دائماً مميزة، راسخة ومثمرة، تشمل مجالات عدة، السياسي، والاقتصادي، والعسكري، والثقافي، نحن كنا ولا نزال نعمل دائماً من أجل تطوير وترسيخ هذه العلاقات في المجالات كافة.. الاهم من ذلك ان هناك نوع من مشاعر الود لدى الشعب الروسي تجاه الشعب اليمني تكونت خلال هذه المرحلة الطويلة من عمر العلاقات بين الشعبين، وعلينا في الوقت الحاضر العمل من أجل مزيد من التطوير والتعميق لهذه العلاقات في شتى المجالات. في هذه المناسبة أود أن اشير إلى اهمية الزيارة التاريخية لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، إلى موسكو ولقائه فخامة الرئيس فلاديمير بوتين في ديسمبر الماضي، حيث مثلت هذه الزياة نقطة تاريخية في العلاقات بين البلدين، فقد تم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات، ويجري حاليا اتخاذ الخطوات العملية لتطبيق ما تم الاتفاق عليه من قبل الرئيسين.. كما يسرني أن اقول التعاون بيننا كان دائماً مثمرا وهو مستمر في شتى المجالات التي تخدم المصالح الجوهرية للشعبين والبلدين الصديقيين. - سبأنت: ماهي ابرز مجالات التعاون حالياً بين الجمهورية اليمنية وجمهورية روسيا الاتحادية؟ - السفير : هناك عدة عوامل اساسية في العلاقات بين البلدين ، أولاً سياسياً، مواقفنا متطابقة فيما يخص القضايا الاقليمية والدولية، والحوار السياسي بيننا مستمر فيما يتعلق بالمصالح الكبرى للبلدين. ثانياً: هناك المجالات التقليدية للتعاون الاقتصادي الذي نتمنى أن يتطور اكثر ويشمل مجالات جديدة، وهذا ما نسعى إليه ونبذل كل ما في وسعنا من جهود في سبيله. ثالثاً: وهو الأهم، التعاون من أجل ايجاد الاستقرار في المنطقة، ودعم القدرات الدفاعية لليمن، هناك تعاون عسكري في المجال الفني بين البلدين ونحن نساهم في دعم اليمن لتحديث القوات المسلحة انطلاقا من قناعتنا ان هذا العمل يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة كلها. وثقافيا تم التوقيع على اتفاقية التعاون في مجال التعليم والتربية والثقافة والرياضية بين البلدين ونحن ننفذ بنود هذه الاتفاقية حالياً في كافة القطاعات المذكورة، ويسرني أن أشير إلى بعض الامثلة على التعاون القائم بيننا في هذا المجال على النحو التالي : - تقديم المنح الدراسية للطلاب اليمنيين في كافة التخصصات العلمية ونيل مختلف الدرجات العلمية من الجامعات والمعاهد الروسية وقد زاد عدد المنح المقدمة هذا العام ليصل إلى 60 منحة مقدمة من الحكومة الروسية. - وهناك تعاون في مجال علم الآثار، ويوجد حالياً فريق روسي يعمل في حضرموت كما يوجد باحث روسي يقوم حالياً بدراسة طبيعة جزيرة سقطرى، ولا يفوتني الإشارة إلى نشاطات السفير الروسي السابق الذي ألف أكثر من عشرة كتب عن اليمن وهو يعد حالياً فيلماً وثائقيا عن اليمن . - كما يسرني الإشارة إلى تشكيل الهيكل الجديد لجمعية الصداقة الروسية -اليمنية برئاسة السيد جاتروسكي، مدير متحف ارميتاج وهو شخصية مشهورة جداً في روسيا وخبيراً بشئون اليمن ماضيه وحاضره . - وعلى الصعيد الرياضي ، تعد مشاركة الفريق الرياضي اليمني في الألعاب الرياضية في بطرسبورغ، دليلاً على الخطوات العملية التي يجرى اتخاذها لتطوير التعاون بيننا في مجال الرياضة. - سبأنت: علاقات الصداقة اليمنية - الروسية .. يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل ما قبل الثورة اليمنية ، سبتمبر وأكتوبر، ما بعد الثورة، وما بعد الوحدة اليمنية.. بم تميزت كل مرحلة؟ -السفير : يصعب الحديث عن خصوصية كل مرحلة على حده في لقاء كهذا لكن أود أن اشير إلى شيئ مهم، وهو أنه خلال كل مرحلة من هذه المراحل كان دائماً الشيء الاساسي في العلاقات الروسية - اليمنية ، بغض النظر عن طبيعة النظام في اليمن أوفي الاتحاد السوفيتي أو في روسيا، وبغض النظر ايضاً عن الظروف الدولية، كان موقف روسيا تجاه اليمن، هو نفسه في كل المراحل.. نحن كنا ننطلق من أهمية مساهمة الاتحاد السوفيتي أو روسيا في تطوير اليمن اقتصادياً وعسكرياً، وبالحوار السياسي معاً في كل الظروف التاريخية، كان هذا في العشرينيات والثلاثينيات، بعد الحرب العالمية الثانية أو خلال المتغيرات والمراحل المختلفة في اليمن . نحن أيدنا الثورة في اليمن وايدنا الوحدة اليمنية.. وخلال كل هذه المراحل كان دائماً الاتحاد السوفيتي أو روسيا يمارس نهج يتوافق مع المصالح الجوهرية للشعب اليمني. - سبأنت: يعتقد البعض ان التعاون الروسي اليمني يكاد يكون محصورا في المجال العسكريّ هل هذا صحيح؟ - السفير : هذا ليس صحيحاً.. نحن نسعى إلا يكون هناك فقط جناح واحد في العلاقات مع اليمن بل جناحان، العسكري والاقتصادي، وطبعاً المحور الاساسي هو السياسي.. و لدينا تقاليد جيدة في التعاون الاقتصادية وهناك بعض المشاريع المنفذة من قبل الشركات الروسية مثل مصنع اسمنت باجل.. والموانئ، ولدينا كذلك تعاون جيد في مجال الطرقات والكهرباء واستصلاح الاراضي سابقا، ونحن الآن نريد ونعمل من أجل تطوير التعاون الاقتصادي مع اليمن في مختلف المجالات، ونريد بعض الشركات الروسية ذات التقاليد الجيدة في العمل في اليمن أن تعود للعمل فيها وكذلك مجيء شركات جديدة مثل شركات البترول الروسية ، ونرى افاقاً جيدة للعمل في هذا المجال، علينا ان نرتب الامور بشكل جيد ونتفاءل بأن المستقبل واعد بالخير. - سبأنت : يحظى الكادر الطبي الروسي بالقبول والثقة لدى الشعب اليمني ..كم يبلغ عدد الكادر الروسي العامل في مجال الصحة وماهي آفاق التعاون المستقبلية بين البلدين في هذا المجال؟ - السفير : ان التعاون بيننا مستمر في مجال الصحة وهناك عدد كبير من الاطباء الروس يتجاوز عددهم مائتين ، يقدمون خدمات للشعب اليمني في مختلف التخصصات الطبية ويعملون في مختلف المدن والمناطق اليمنية.. ونحن في تنسيق مستمر مع الجهات المختصة من اجل مزيد من التعاون في هذا المجال.. ونحن نعتبر التعاون بيننا في هذا المجال مكسباً هاماً لعلاقات الصداقة بين الشعبيين الروسي واليمن. - سبأنت: ظاهرة الارهاب طالت اضرارها اليمن وروسيا ومكافحتها تعد هدفاً مشتركاً بين البلدينّ هل هناك تعاون في هذا المجال؟ - السفير : كل من روسيا واليمن لديهما تقريباً موقف متشابه من الارهاب، نحن نعتبر الارهاب عملاً اجرامياً ليس له دين ولا وطن، ونحن على استعداد للتعاون مع اصدقائنا في اليمن في هذا المجال ونعتبر مساهمة روسيا في تحديث القوات المسلحة اليمنية تعزيزاً لقدرات اليمن الدفاعية، وبالتالي تطوير قدراتها الذاتية على مكافحة الارهاب ونحن جاهزون لتطوير التعاون بيننا فيما يخص هذه الظاهرة. - سبأنت : من وجهة نظركم ماهي اسباب الارهاب؟ - السفير : بطبيعة الحال ظاهرة الارهاب مبنية على تراب معين وعلى تناقضات معينة في الملفات الدولية.. الفقر مثلاً يعد أحد الاسباب التي تغذي ظاهرة الارهاب، وفي نفس الوقت هناك النزاعات الاقليمية لها دور كبير في تغذية الارهاب.. ما أود التأكيد عليه هنا ، اننا نعتبر هذه الظاهرة اجرامية وعلى كل الانظمة الشرعية في العالم توحيد الجهود لمكافحتها. - سبانت : دعت اليمن وعدد من الدول العربية إلى عقد مؤتمر دولي لتحديد مفهوم الارهاب والبحث في كيفية محاربته؟ كيف تنظرون إلى هذه الفكرة؟ - السفير : نحن نعتقد أن هذه الفكرة جديرة بالاهتمام والدراسة كما نأمل ان نواصل الحوار مع اليمن والدول العربية وكذا الدول الاخرى حول هذا الموضوع، لتحديد الخطوات العملية على الصعيد الدولي من أجل الوصول إلى مفاهيم محددة ونوعية فيما يخص ظاهرة الارهاب وكيفية محاربته.. اكرر أن هذه الفكرة جديرة بكل الاهتمام. - سبانت : الدعم الروسي للشعب اليمني كان دائماً سخياً، متنوعاً ومستمراً، وقرار روسيا اعفاء اليمن من معظم الديون المستحقة عليها.. يعد دعماً لعملية التنمية في اليمن، ما حجم الديون التي تنازلت عنها روسيا؟ - السفير : نحن كنا نعتبر اليمن بلداً صديقاً للاتحاد السوفيتي والآن صديقاً لروسيا، لذلك ما كنا نقدم من القروض والتسهيلات لهذا البلد كان يتوافق مع مصالح الشعبين الروسي واليمني.. لقد اتخذت روسيا قرار اعفاء اليمن من معظم الديون المستحقة عليها رغم أن روسيا نفسها بحاجة إلى الاستثمارات والقروض.. لكن من العلاقات مع الاصدقاء نحن دائماً جاهزون لاتخاذ القرارات المناسبة للجانبين.. أما بالنسبة لمقدار الديون التي تم اسقاطها، حسب ما لدي من معلومات، حوالي خمسة مليارات دولار، وهذا المقدار يمثل معظم الديون المستحقة لروسيا على اليمن. - سبأنت : هل هذا الاجراء اتخذته روسيا مع بقية الدول المدينة لها؟ - السفير : اليمن كان من أولى الدول التي تم اعفاؤها واظن انه حظي بمعاملة خاصة وفريدة في هذا الشأن. - سبأنت : بمناسبة مرور 75 عاماً على الصداقة الروسية- اليمنية .. ما الذي يود سعادة السفير الكسندر زاسبكين، قوله للشعبين اليمني والروسي ؟ - السفير : بهذه المناسبة اريد أن أوكد بشكل مقنع ان اليمن لديه مكان بارز في قلب الشعب الروسي وهناك دوماً مشاعر طيبة من قبل الشعب الروسي تجاه اليمن. كما أن اليمنيين يكنون نفس المشاعر تجاه الشعب الروسي ويتعاطفون معه دائماً وهذا دليل على أن علاقاتنا مبنية على اسس متينة وسوف تستمر كذلك في المستقبل, لذلك انا وزملائي اعضاء السفارة سعداء جداً ان نكون هنا نواصل بذل الجهود لتطوير علاقات الصداقة بين البلدين والشعبين.. كمااهنأ الشعب اليمني بشهر رمضان الكريم واتمنى له كل الخير والرفاهية. سبأنت