وليس من قبيل المصادفة أن تكون اجندة هذه القمة اقتصادية في المقام الأول حيث من المقرر أن تناقش نحو 13 موضوعا اقتصاديا. وقبيل بدء القمة وكالعاده بدأت العديد من التقارير حول الإنجازات الاقتصادية لدول المجلس في الانتشار هنا وهناك ، ولعل احدث التقارير هو التقرير الذي نشرته اليوم غالبية الصحف الخليجية حول الفوائض المالية التي حققتها دول المجلس حيث يرى التقرير أن الدول الخليجية وبفضل العائدات النفطية التي لا سابقة لها، قد حققت فائضا كبيرا جدا في ميزانياتها وحظيت بعائدات مالية لا تتمكن اقتصاديات المنطقة من إيجاد فرص حقيقية لاستثمارها. ويرى محللون اقتصاديون أن هذه السنة كانت استثنائية لكافة دول الخليج التي حققت فوائض في ميزانياتها" بدلا من مواجهة عجز كان متوقعا. فقد ارتفعت العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي قرابة 35 بالمائة هذه السنة بفضل ارتفاع أسعار النفط بنسبة 25 بالمائة وضربت أرقاما قياسية تاريخية إضافة إلى ارتفاع الإنتاج من 10 إلى 15 بالمائة. وقد استخدمت الدول الخليجية التي يعتمد اقتصادها بالدرجة الأولى علي العائدات النفطية، كامل طاقتها وأنتجت 5ر15 مليون برميل يوميا كمعدل وسطي مقابل 15 مليونا عام 2003 و3ر13 مليونا عام 2002 بحسب إحصائيات نشرت في المنامة اليوم الأحد. وبحسب تلك الإحصائيات فان إجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الست التي لا يتجاوز عدد سكانها 8ر35 مليون نسمة بينهم جزء كبير من الوافدين، من المتوقع أن يبلغ5ر421 مليار دولار، مرتفعا 4ر9 بالمائة مقارنة بالعام 2003.وبالتالي سجلت ميزانيات هذه الدول فائضا كبيرا وأعلنت المملكة العربية السعودية، اكبر مصدر للنفط في العالم، فائضا قدره 14ر26 مليار دولار بعد أن بلغت عائداتها 80ر104 مليارات دولار ونفقاتها 66ر78 مليار دولار، فيما كانت تتوقع أصلا عجزا بقيمة 8 مليارات دولار (مقدرة العائدات ب3ر53 مليار دولار والنفقات ب3ر61 مليارا). ونقل عن كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري السعودي سعيد الشيخ قوله : أن الموارد النفطية هذه السنة ساعدت في رفع مستويات الإنفاق العام وخاصة في مشاريع البني التحتية ومشاريع التنمية ، فضلا عن تخفيض جزء من الدين العام بما يجعل الدولة تتخلص من عبء اقتصادي كبير. وتعتزم المملكة العربية السعودية استخدام قسم من فائضها لخفض الدين العام من 660 مليار ريال (176 مليار دولار) إلى 614 مليار ريال (73ر163 مليار دولار). وفي دولة الإمارات العربية المتحدة حققت العروض التي طرحتها للاكتتاب كل من شركة "أملاك للتمويل" و"بيت التمويل" وشركة "المنشآت العربية التقنية" مبالغ تجاوزت 33 و 78 و64 مرة السقف المحدد أصلا. وكذلك في المملكة العربية السعودية حيث حصلت شركة "اتحاد الاتصالات" الكونسورسيوم الذي تقوده "اتصالات" الإماراتية الحاصل علي رخصة ثانية للهاتف النقال في المملكة، في أكتوبر علي 6ر13 مليار دولار عندما عرضت للاكتتاب 20 بالمائة من رأسمالها أي ما يساوي 51 مرة المبلغ المطلوب وقدره 267 مليون دولار. وهذا الوضع يظهر حدود أسواق الاستثمار في الدول الخليجية التي تمتلك في الخارج أصولا تقدر ما بين 800 – 1000 مليار دولار. وإذا كانت الأموال متوفرة فان المشكلة تبقى في كيفية إيجاد فرص حقيقية للاستثمار وتوطين الأصول المودعة في الخارج. فهل ستكون القمة قادرة على اتخاذ قرارات اقتصادية تقود إلى توفير فرص استثمارية حقيقية وتشجع راس المال المهاجر إلى العودة ؟ العديد من المرقبين هنا يرون بان القمة لن يكون بمقدورها فعل الكثير خصوصا بعد الخلاف السعودي البحريني اثر توقيع الأخيرة منفردة لاتفاقية تجارة حره مع الولاياتالمتحدة الأمر الذي رأت فيه السعودية تجاوزا للتنسيق والعمل الجماعي من شأنه أن يعرض المصالح الاقتصادية لباقي دول المجلس للخطر وهو ما تنفيه البحرين . ويرى آخرون بان القمة لن تتوقف كثيرا عند هذا الخلاف مشيرين إلى أن لديها اجنده اقتصادية اكثر أهمية من مثل العملة الخليجية وما يصاحبها من ضرورة الحديث عن مصرف خليجي مركزي ونظام نقدي موحد بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بانتقال رؤوس الأموال داخل المجلس وقضايا التملك العقاري والاستثماري وقضايا أخرى هامة من مثل فتح الأسواق المالية وإزالة ما تبقى من العقبات الجمركية وبقية المعوقات التي تعترض السوق الخليجية المشتركة . الطموحات كبيره والملفات المفتوحة كثيرة ومتشعبة والخلافات الخليجية ليست بقليلة وتبقى آمال المواطن الخليجي كبيره بحسن تدبير قادته . سبا