خارطة حاشد السياسية فسيفساء متناغمة (1) لقبيلة حاشد تفاعلات وتناقضات وبواطن وظواهر وقصص مثيرة و كثيرة على مر التاريخ اليمني الحديث، إذ تشهد فترات تاريخية أن هذه القبيلة أكبر هموم السلطة بينما تراها فترات أخرى أكبر مناصر لها وضامن لاستقرار النظام السياسي. ومن يستقرئ التاريخ المعاصر لأبناء القبيلة وساستها ومشائخها اليوم قد يعتقد أنهم يخوضون ثورة داخلية حاسمة ضد بعضهم البعض وبالدليل الدامغ، بينما قد يرى آخرون أنهم منسجمون متناغمون ومتفقون تماماً وبالبراهين الدامغة، وأن ما حدث خلال ثورة الشباب السلمية الأخيرة ربيع 2011 ما هو إلا لعبة حاشدية دبرت بليل من أجل الالتفاف على ثورة الشباب والحفاظ على ما لأبناء القبيلة من مصالح في الإمساك بزمام الحكم. في الوقت ذاته قد يرى طرف ثالث أن الجميع وقع ضحية مؤامرة غربية ليس لأحد منا يد فيها. وعلى كلٍ، فالخارطة السياسية والاجتماعية الحاشدية على أهميتها لم تحظ بأي اهتمام تحليلي عميق من أي مختص كان. ومن هنا كانت لي هذه المشاركة السطحية والمتواضعة في توضيح فرضية واحدة فقط في تلك الخارطة وهي أن أبناء قبيلة حاشد كمجتمع متفقون تماماً داخليا على ضرورة الحفاظ على الوحدة الاجتماعية للقبيلة وتركيبها التقليدي أفقياً وهرمياً، وأن السياسة والمصالح الشخصية لأفرادها قضية لا يمكن أن ترمي ببقعها السوداء على القبيلة وتمزق النسيج الحاشدي المحكم. حاشد تاريخياً و جغرافياً حاشدقبيلة يمنية قديمة من قبائل همدان وإحدى أهم القبائل الوارد ذكرها في نصوص خط المسندضمن مملكة سبأ. هي أكثر القبائل نفوذاً سياسياً في اليمن منذ ثورة سبتمبر 1962 وبعد الوحدة اليمنية. حسب المعتقدات اليمنية القديمة، فإن حاشد تنسب الى حاشد بن جشم بن حبران بن نوف بن همدان بن مالك بن زيد بن اوسله بن ربيعة بن الخيار بن ممالك بن زيد بن كهلان بن سبأ . وتنقسم حاشد الى اربعة اقسام قبلية أساسية هي بني صريم وخارف والعصيمات وعِذَر. تتداخل مناطق تواجد قبائل حاشد مع مناطق قبائل بكيل الواسعة مثل أصابع اليدين المتشابكتين في الكثير من المناطق بدءاً من بلاد الروس وسنحان جنوب شرق مدينة صنعاء وانتهاءً شمالاً وشرقاً نحو تخوم قبائل حرف سفيان وتنتهي مناطقها الغربية بحبور ظليمة وبعض مناطق حجة. وقد كان لذلك التداخل العميق والعصبية القبلية الأثر الكبير في وجود عداء تقليدي وندّي بين بينها وقبيلة بكيل المجاورة التي قد تشكل ثلاثة أو أربعة أضعاف قبيلة حاشد عدداً ومساحة بحسب تقدير المصادر القبلية. البعد القبلي تعتبر مدينة خمر العمق الاستراتيجي القبلي لحاشد ومعقل الحكم القبلي الذي تتركز فيه مقرات إقامة كافة كبار مشائخ القبيلة مثل آل الأحمر وآل أبوشوارب والمشرقي وآل عاطف وجليدان ...الخ، بالرغم من أنها لا ليست مسقط رأس أي منهم. ونظراً لأهمية دورها أثناء الثورة اليمنية السبتمبرية، فقد لعبت المدينة دوراً في مقاومة الأمامية وهي تقع في مركز جغرافي متوسط بين المعقل الإمامي المتركز في مناطق حجة وبعض مناطق صعدة والجمهوري المتركز جنوبها. وعليه تم توقيع اتفاقية خمر الشهيرة بين الطرفين. تبني أبناء القبيلة أسلوب الحكم الأفقي المتمثل في المشيخ والهيكل الاداري القبلي الذي يدير نظام الحياة ويسود الإطار السلطوي ويؤثرون ذلك على الأسلوب العمودي الذي يهمن عليه الحكومة أو إدارة المجالس المحلية. المشيخ لا يختلف إثنان من قبائل حاشد ومشائخها اليوم على استحقاق بني الأحمر لمشيخ القبيلة نظراً لدورهم التاريخي البارز في قيادة القبيلة وتقوية شوكتهم السياسية منذ بواكير ولادة الدولة اليمنية بعد الاحتلال العثماني بداية القرن العشرين، حيث رأيت ضرورة سرد تاريخ ذلك المشيخ أدناه للأهمية التاريخية في صناعة المكانة الحالية في النظام السياسي المعاصر لذلك في سرد الجذر التاريخي لتوحد حاشد المستمر خلف مشيخهم رغم كل الظروف وفهم تأثير الأحداث التاريخية على أحداث اليوم التي تتشابه كثيراً في تفاصيلها. كانت قوة شخصية وتأثير نفوذ الشيخ علي بن قاسم الأحمر وراء أول بروز لآل الأحمر في مشيخ القبيلة والتفاف القبيلة حوله في نهاية القرن 11 الهجري، وبرز بقوة عندما التحم مع زعماء حاشد وبكيل للانتقام من (القاسم بن الحسين) الذي إغتال شيخ سفيان المجاورة صالح بن هادي بن حسين، وولاه الإمام المنصور إمام شهارة قيادة جيش لمواجهة القاسم بن الحسين الذي أعلن خروجه عليه.وبعد وفاة الإمام القاسم، أيد الشيخ على قاسم الأحمر الإمام محمد بن إسحاق ضد الإمام حسين بن القاسم بح الحسين، وتطور الصراع بين الطرفين حتى حاصرت جيوش حاشد وبكيل بقيادة الشيخ علي الأحمر وزعماء من بكيل مدينة صنعاء وانتهى الحصار بمقتل الشيخ الأحمر في الخيمة التي دعاه الإمام إليها للصلح في صنعاء! مرت عقود طويلة حتى ظهر اسم آخر قوي هو الشيخناصر بن مبخوت الأحمر في أواخر القرن 12 الهجري، حيث أدى دوراً بارزاً في نصرة الإمام محمد حميد الدين ومن بعده ابنه الإمام يحيى طويلاً في الحرب ضد الوجود العثماني الثاني في اليمن. دعم الشيخ ناصر ترشيح يحيى حميد الدين للإمامة بعد وفاة والده،إلا أنه بعدها بمعية عدد من زعماء ومشائخ حاشد وبكيلعارض بشدة عقد الإمام يحيى صلح (دعان) مع الاحتلال العثماني. بعدها فضّل الأحمر وعدد من مشائخ حاشد وبكيل الالتحاق بالإمام محمد الإدريسي في عسير والمخلاف السليماني لمناصرته في حربه ضد الأتراك، وفي مقدمتهم آل الشايف، ومشائخ من أرحب، وسفيان.وبعد وفاة هذا الشيخ بدأ أبناؤه قيادة جيوش حاشد في حروب مستمرة وناجحة ضد الامام يحيى وفي مواجهات متوالية مع القائد القوي ولي العهد سيف الإسلام أحمد بن الإمام يحيى في معقل إمارة الأخير في مناطق حجة وكان نتيجة أقواها إرسال الإمام ثلاث حملات حرب وحصار متتالية خلال خمس سنوات أفضت إلى خضوع آل الأحمر وتسليمهم الرهائن المطلوبة بعد أن أظهروا مقاومة شرسة.وبعد صلح، قرر الإمام ابعاد الشيخ ناصر بن ناصر الأحمر خارج اليمن ليختار نجران إلى أن توفى في ابها عام 1362ه ليستقر المقام للامام يحيى طويلاً قام خلال عشرين عاماً حتى عام 1367ه بالتضييق على ولده الشيخ حسين بن ناصر بن ناصر الأحمر وعلى أموالهم بهدف الحد من قوته الحربية ونجح في ذلك. وفي عهد حكم الإمام أحمد، كان أبناء الأحمر رهائن عنده في صنعاءوحجة لوقت طويل تحسنت خلالها علاقة الشيخ حميد بن حسين مع ولي العهد الإمام البدر ليستغلها أثناء علاج الإمام أحمد في ايطاليا بالتواصل، ومعه عدد من المشايخ مثل الشيخ سنان أبو لحوم والقاضي أحمد السياغي، وقاموا بتوعية مشائخ القبائل وتعبئتهم ضد الوضع القائم. ونشأت من خلال القاضي عبد السلام صبره قواسم مشتركة بين أولئك المشايخ وبين العلماء والمثقفين وضباط الجيش والأمن.وقد أدى كل ذلك إلى زيادة مخاوف الإمام منهم حيث بدا أن الشيخ حميد وكأنه ينازع الإمام الملك فكان أن سارع بإعدام كل من حميد الأحمر ووالده حسين بن ناصر الأحمر سنة 1959م. ومع ذلك السجل الدسم لآل الأحمر كأحد أقوى مشائخ اليمن منذ نهاية القرن 11 الهجري، وجد النظام الجمهوري المبكر من الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر أقوى مشايخ شمال اليمن على الإطلاق، لذا فقد وجد الكثير من المشايخ والرموز الدينية الذين أبعدهم الرئيس الشهيد الحمدي من العاصمة أنهم لا بد أن يتكتلوا معاً عند أقواهم هناك في خمر تحت ظل دوحة الشيخ عبدالله وبقوا هناك إلى أن أستشهد الرئيس وكان الشيخ أحد أبرز المتهمين شعبياً باستشهاده! خارطة حاشد السياسية فسيفساء متناغمة(2) منذ دخول أكبر قائد عسكري حاشدي يقود ألوية الفرقة المدرع إلى المسرح السياسي اليمني ودعمه ثورة الشباب السلمية عقب مجزرة الكرامة في 18 مارس 2011، وما تلاه من تداعي أكبر مشيخات حاشد واليمن يتصدرهم جميع أبناء شيخ حاشد، انقسم المحللون والساسة الى قسمين أحدهما يقول بالمؤامرة على الثورة وان هذا التأييد لم يأت إلى لإنقاذ الرئيس السابق من الاطاحة به ثم بعدها انقاذه بالحصانة من حبل المشنقة، غلا أن القسم الآخر ظل مؤمناً بصدقية الموقف السياسي الحاشدي الجديد. وحتى الآن، ورغم أن أكثر من خسروا مناصبهم ومميزاتهم الحكومية ولا يزالون كذلك بفعل الثورة الشبابية 2011 هم أبناء قبيلة حاشد، إلا أن ذلك لم يؤثر على سلامة النسيج الحاشدي الاجتماعي الداخلي بشكل واضح على الأقل. فبالرغم من أن الانقسام السياسي الحاد كان أساساً بين رموز السياسة والجيش والقبلية في داخل حاشد، فقد كان الكثير من المحللين يتوقعون أن يسقط ذلك الإنقسام ظلاله الدموية السوداء على الأراضي الحاشدية والمجتمع الحاشدي الذي كان يتناقض في ميوله واتجاهاته السياسية ضد النظام داخل القرية بل الأسرة الحاشدية نفسها.. والغريب أن شيئاً مما توقعه الجميع لم يحدث بينما حدث في مجتمعات ليس لها علاقة مباشرة قوية مع أو ضد السلطة!! لقد تزعم أبناء القبيلة استحثاث وتمويل وحماية الثورة الشبابية، كما تولى النظام التوريثي المقابل والذي ينتمي الى نفس القبيلة تمويل أنصاره ضدهم، ليرسم الطرفان أبرز ملامح وتفاعلات الثورة بحلوها ومرها. فهم يؤمنون أن للسياسة مكانها ووقتها وشخوصها التي ينبغي بالضرورة أن تكون بمعزل عن المكان الجغرافي والإطار القبلي المتعلق بقبيلة حاشد. ورغم الانقسام السياسي والحزبي غير الظاهر كثيراً داخل الاطار الجغرافي الحاشدي، إلا أن صدأ ذلك لم يصل إلى النسيج الاجتماعي والتركيب القبلي التراتبي. التماسك الاجتماعي للقبيلة تتميز قبيلة حاشد بالحضور السياسي القوي قديماً وحديثاً ساهم في تشكيل الخريطة السياسية والاجتماعية والثقافية لليمن في التاريخ اليمني الحديث بدءاً من مكافحة الوجود التركي وحتى ثورة الشباب السلمية في 2011م. لكن أشد ما يميزها هو عدم تمكن السياسة من الفت في عضد أبناء القبيلة بمشائخها وأفرادها وقراها، فهم يتعاملون بينهم كالأقارب يجمعهم الدم والمصاهرة والقبيلة ويشعرون بوحدتهم ضد الآخر مهما كان استحقاق أو شرعية قضيتهم. تسلق الكثير من أبناء القبيلة قمة سلم القيادة السياسية والعسكرية والحكومية لليمن في مناصب بارزة جداً خلال حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي امتد 34 عاماً. لقد فشل الرئيس السابق في منتصف الثورة الشبابية أن يضرب الوحدة الحاشدية عندما قام بتأليب بعض مشائخ القبيلة على بعضهم، إلا أن محاولاته المتكررة تلك باءت بالفشل الذريع بسبب عدم إدراكه الحقيقة الثابتة التي سقناها أعلاه. فلم يحاول علي صالح الانتقام لنفسه والثأر لنظامه ضد زعامات القبيلة إلا باستهداف أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وضرب بيوتهم في أنحاء متفرقة في العاصمة، الأمر الذي لم يقدم عليه ضد آخرين من خصومه صغاراً كانوا أو كباراً، باستثناء ضربه لمنزل اللواء علي محسن يوم تفجير مسجد الرئاسة ولذلك ظروفه وأسبابه التي يعلمها الجميع. يوم بدأ صالح مسلسل انتقامه، بدأ بضرب بيت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر نهاية مايو 2011 ثم عمل على تجميع المناوئين له من مشائخ وشخصيات حاشد ومن ناصرَ أبناء الأحمر منهم و من بعض مشائخ المناطق الأخرى وأرسلهم جفعة واحدة نحو منزل الشيخ الأحمر بزعم التوصل إلى صلح مع النظام. وبعد تأكده من وجودهم هناك، تفاجأوا جميعاً بضربهم بالسلاح الثقيل من قبل رأس النظام. وقد استثنى صالح من أولئك الجمع كافة مشائخ حاشد الذين يدينون له بالمناصرة واستعادة الأمور إلى حظيرته مثل أبناء أبو شوارب والمشرقي وجليدان وعاطف وسنان الغولي ومقصع وأبو حورية...الخ، وهم مجموعة المشايخ الذين ألبهم صالح، بعد هذا الحادث، وحرضهم على مشاركة قواته وقوات بعض المشايخ الآخرين لضرب بيوت أبناء الأحمر في حدة والحصبة وحي النهضة وضرب الثوار، الأمر الذي رد عليه أولئك المشايخ بالرفض الشديد وفضَّل البعض منهم الانتشار في نواحي أخرى من العاصمة لمواجهة الثوار عوضاً عن ذلك.. لقد كان هؤلاء المشايخ يدركون عواقب فعلتهم على المدى الطويل في مجتمعاتهم القبلية إن هم انساقوا لما أغراهم به صالح. كما كان أحد براهين الالتحام القبلي الحاشدي غياب الكثير من مشائخ حاشد عن مؤتمر مشائخ اليمن الذي نظمه بعض المشايخ المناصرين لصالح ومن بينهم أشهر مناصريه الذين تم الإشارة إليهم أعلاه. وكما تجسد ذلك الموقف الحاشدي العام، انعكس ذات المشهد على الموقف الحاشدي السنحاني، إذ انقسم ساسة ومشائخ سنحان، التي تتركز فيها السلطة والمصالح الكبرى من النظام السابق، بين مؤيد لصالح وللواء علي محسن، ولم يظهر على المشهد الإعلامي العام أي من مشاهد ذلك الانقسام رغم محاولة صالح إقحامهم في المشهد السياسي بافتعاله مشهد اطلاق النار على الوقد القبلي السنحاني الذي جاء لمقابلة اللواء محسن وعقد صلح بينه وصالح. ويكون المثال مثالياً عند التزام شيخ مشايخ سنحان اللواء أبو حورية الصمت المطبق بعد ذلك الحدث وحتى اليوم كونه خشى أن يتحدث فيصيب قبيلته الانقسام الذي أصاب البلاد.. كما لم تشهد مجتمعات سنحان أي اشتباكات عسكرية أو مسلحة بين من بدأ يفقد سلطته ونفوذه ومن يتعصب للواء الذي دخل مع صالح مرحلة فقدان الثقة والتحالف الاستراتيجي الطويل ودخلا نفق المؤامرة والمشاريع التوريثية المستقبلية التي لم يتفقا عليها مسبقاً، ليبدءا مرحلة كسر العظم والافتراق الأبدي. حدث كل ذلك وسنحان مؤمنة تماماً أن الطفرة التي تمتعت بها خلال حكم المشير ستضيع تماماً وإلى الأبد، وأنه لن يكون لسنحان الأثر السياسي في الحكم في المستقبل، وليس كما تتمتع به قبيلة حاشد الكبرى من ضمان لنفوذها الكبير على الأحداث السياسية ما بعد الثورة الشبابية. أحد مشاهد وبراهين ذلك التضامن الحاشدي يمكن أن يُرى جلياً في مناسبات الأفراح أو المآتم في مجتمعات حاشد، حيث ترى معظم أبناء ومشائخ القبيلة وشخوصها الحكومية والسياسية الهامة مجتمعة في مثل تلك المناسبات ولا تسود اجتماعاتهم السياسة ولا المناكفات ولا التلميحات الانتقادية السياسية. هناك تغيب السياسة وتحيا النكتة المجردة والذكريات والقضايا الاجتماعية البينية ذات الاهتمام الحاشدي الصرف.. وفي تلك المناسبات، ترى الكثير من السيارات كثيفة التسليح بأطقمها المسلحين تقبع أمام القاعات أو الخيام التي تحتضن تلك المناسبات التي تجمع أقطاب الخصومة السياسية من ابناء القبيلة لكن المشهد داخل المجالس مختلف جداً. ولمشاركة المجتمع الحاشدي أفراحهم وأتراحهم الأهمية الكبيرة لدى مشائخ تلك المناطق، حتى أن ثلاثة من أصغر أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يقيمون في مدينة خمِر من أجل أداء واجب مشاركة أبناء قبيلتهم تلك المناسبات أياً كان أصحابها وأينما كانوا حتى وإن كانوا لا يعرفونهم شخصياً، وهذه أمر مشهور هناك. حاشد والحوثية تعد حاشدبمثابة الطوق الذيي عزل نفسله بإحكام عن التأثير المذهبي والقبلي الحوثي. بالإضافة الى ندرة وجود المتحوثين من أفراد القبيلة في مناطقمتاخمة لقبائل حرف سفيان المتأثرة أغلبها بالحوثية، يواجه أزلئك النفر رفضاً اجتماعياً قوياً ضدهم، الأمر الذي جعل صوتهم مكتوماً ونشاطهم مشلولاً. لذا فمن الصعب رؤية أياً من شعارارت الحوثي أو مظاهر الحوثية في مجتمعات حاشد. ساهمت بعض أفراد القبيلة وقبائل أخرى من محافظة حجة في بعض حروب الدولة ضد الحوثيين بإيعاز من الشيخ عبدالله بن حسين واللواء محسن. إلا أن الحوثيين المدركين لقوة الخارطة الحاشدية لم يجرؤوا على الثأر منهم بعد إنتهاء الحروب، بينما ثأروا لأنفسهم سريعاً في مجتمعات دماج وكتاف بصعدة وبعض مجتمعات حجة البكيلية بمجرد تسلم الرئيس عبدربه هادي مقاليد قيادة البلاد، وأغلب مجتمعات الجوف قبلئذ. من ناحية أخرى، كان الحوثيون في عام 2009 قد حاولوا جس نبض قبائل باجتياح مجتمع حوث في ليلة واحدة لكنهم لم يدم وجودهم هناك 24 ساعة حتى اعترت الحمى جسد حاشد ليقدم نحوهم حوالي 3000 مقاتل حملوا الحوثيين إلى سجون آل الأحمر بخمِر بعد معركة صغيرة. وفي بداية عام 2011، أقدمت مجموعات حوثية على مهاجمة قرية في منطقة السنتين لأيام قليلة فروا دن تحقيق أي هدف بعد تدفق قبائل حاشد لمناصرة القرية. مستقبل حاشد حالياً فقدت حاشد رئاسة السلطة في البلاد ونفوذها على الحزب الحاكم الوحيد سابقاً على جزء من الجيش لكنها لا تزال تؤثر بقوة على أكبر أحزابا لمشترك والجزء الآخر من الجيش. لكن نجاح مؤتمر الحوار الوطني المرتقب وتنفيذ قانون التدوير الوظيفي وهوية كبار القادة العسكريين في قيادة المحاور الجديدة، كل هذا سيحد من نفوذ القبيلة على صناعة القرار والسلطة. لكن وحدة القبيلة ونشاطها السياسي المتجدد عبر مختلف المراحل التاريخية سيجعلها رقما صعباً في دولة لن تجد طريقها بسهولة نحو القانون والمؤسسات ومجتمع لا تزال أغلبيته مشدودة نحو القبيلة والعرف.