لم أكن على مقربه بالكاتب بقدر ما استهواني العنوان وأوقد فيا جذوة الشوق للتحول إلى حرف في طلاوة الرواية التي وكما عنونتها الروائي اليمني علي المقري في روايته المسمى بخور عدني أنصف البلدة والمكان ... فبعد أن أهدتني الرواية الأخت الفاضلة المثقفة /أماني شريح سرعان ما عدت لأعكف عليها وانبش في معانيها . لا أنكر أن ثمة بعض خواطر كانت تراودني في مطالعتها قربتني من نفسية الملف حيناً وأبعدتني عنه أحيانا إلا أني أجدني في هذه الروية أقول وبكل صدق: أن المؤلف أنصف هذه البلدة.
أي نعم انه تناول إشارات تاريخية تعود إلى سنوات تمتد من منتصف أربعينيات القرن الماضي وحتى بداية السبعينيات، إلاّ أنه وكما يقول المقري :إنّه لم يكتب رواية تاريخية وإنما كتب رواية تضع بعض جوانب التاريخ الاجتماعي والسياسي في المحك الروائي، وإنّ ما يشير إلى هذا الجانب التاريخي في الرواية لا يتعدى بضع فقرات أو أسطر قليلة في الرواية كلها.
جوانب راقتني في الرواية: الخطاب الذي سردت فيه هذه الرواية تعدد. • وأجمل ما كان من صيغ الخطاب هو أن يتحول الراوي إلى لغة الخطاب لذاته المعايشة للواقع. فقد راقني هذا الالتواء الذي يوحي بأن الملف كان جزء من الطبيعية السيكلوجية لأصحاب الأحداث وهذا ما يعسر على كثير من الروائيين أن تتعدد صيغهم ويجعل ذات مشاعره كجزء من الخطاب بحيث لا يلثم من قدح السرد بما يوحي لخلل في الانتقالات . • الرواية عبارة عن محلول وضع على أرض جلا جل ما فيها من موجودات سواء الألبسة والأمكنة وكذا في الروائح وكذا في المنتشر من الاديان والثقافات والعادات والنفسيات وكذا الكلمات وهذا الأمر الذي يجعل القارئ يدرك حجم الجمال الذي يتمتع به الكاتب من ذخيرة زمانية ومكانية وبرجماتية أيضاً ساهمت في تركيب هذا المحلول الغوي الساحر. • المقري يؤسس في رواية بخور عدني وطن فضله في نفسه كثيراً أفصح عنه أو إن صح القول أفصح عن بعض أجزاءه في بعض روايته وفضل الإفصاح عن الجزء الأكبر منه في روايته بخور عدني وذلك من خلال ثناءه عن التنوعات العرقية المنسجمة وكذا عن انتشار بعض العادات والتقاليد وكذا بعض الطقوس والممارسات الحياتية المتمثلة بالشرب في روايته بخور عدني.
• هنات أخاف أن تستغل بغير قصد ! وكان مما كتب الروائي أن عدن بلد التنوع ومن مستلزمات التنوع توفير هذا التنوع لكل القاطنين فيه من مستلزمات الحياة لكي يشعروا بحرية هذه الأرض وجمالها.
هذه النقطة التي أخاف أن تستغل ضداً لا معاً لدى بعض الوئام في كون عدن غير محفوظة النسب وعريقة الانتساب و بمفهوم آخر أن عدن بلد ألا دين وكذا بلد ألا نسب ولو تركنا هذا المفهوم يصول في ربوع عقول واعية لوعينا أن هذا البديهي من أصول البلدات العريقة الواعية التي تعني الانسجام لا الاختلاف وأن هذه الخاصة خاصية تحملها كل مدينة عدنية المعنى لا المسمى.