الإصلاح في تعز يشترط المال لتسليم المقرات الحكومية    المساوي:استخبارات أجنبية تسعى لزعزعة استقرار تعز والسيطرة على ساحلها    أمريكا تنشر طائرات تجسس متطورة في الخليج وسط تصاعد المخاوف من الصواريخ الباليستية    عبدالرحمن شيخ: الانتقالي مشروع وطني والشراكة ضمانة ضد التفرد والفساد    توكل كرمان أمام القضاء التركي بتهمة التحريض على الإرهاب في المغرب    مصرع 4 مهاجرين غرقا قرب السواحل اليونانية    احكام في عدد من القضايا الجزائية في صعدة    كارفاخال يتعرض لانتكاسة جديدة    سفارات لخدمة العمل اللادبلوماسي    الدكتور الترب ل"سبوتنيك": حالة اللاحرب واللاسلم في اليمن "مقصودة" ولن تستمر طويلا    ضبط 369 كجم حشيش في صعدة    حملة تكشف اين رواتب اليمنيين    الذهب ينخفض عالميًا مع ارتفاع الدولار والتفاؤل التجاري بين واشنطن وبكين    المخدرات في المهرة تثير القلق.. ضحايا في اشتباك بين الشرطة وعصابة تهريب وترويج    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    تصاعد القلق في حضرموت.. تسليح الحلف وفتح سؤال "من يمول الفوضى؟"    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    الرئيس الزبيدي يعزز التنسيق مع القيادات الحضرمية لتأمين حضرموت وإنهاء التواجد العسكري اليمني في الوادي    بحضور وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري .. تدشين شركة "طيران عدن" بإطلاق أولى رحلاتها التجريبية من مطار عدن الدولي إلى القاهرة    صنعاء.. مناقشة دراسة أولية لإنشاء سكة حديد في الحديدة    مؤامرتا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واليمني للجنوب العربي    الأسهم الأوروبية تسجل ارتفاعا قياسيا    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يلتقي مسؤولي مكتب التخطيط والتعاون الدولي في لحج    المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره الإعدادي في صنعاء استعداداً لخليجي الدوحة    ضبط 185 قطعة أثرية عراقية في بريطانيا    أبطال اليمن في المصارعة يشاركون دورة الألعاب الأسيوية    حالات تحكيمية مثيرة للجدل بكلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة.. أهداف ملغاة وركلات جزاء    مزاد "بلاكاس" الفرنسي يعرض تمثال لرجل من آثار اليمن    أشاد بجهود البحرين التنظيمية.... البدر: الألعاب الآسيوية للشباب حدث رياضي مميز    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    اعتقال شيخ قبلي بمحافظة شبوة بعد ساعات من حملة استهدفت عدداً من الشباب    "بهاء سعيد" و"أرزاق بازرعة" يتوجان أبطالًا للبطولة التأسيسية المفتوحة للدارتس بعدن    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي التعاون بحضرموت الاعتراف النهائي    خامس حالة خلال أسبوع.. شاب ينهي حياته في إب وسط تردي الأوضاع المعيشية    التعليم العالي تعلن بدء تحويل مستحقات الرسوم الدراسية للطلاب المبتعثين    تنظيم دورة تدريبية لأطباء زوايا التثقيف الصحي حول الرسائل الأساسية لصحة الأم والطفل    وزير التربية يدلي بتوجيه هام!    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    اللواء بن بريك يفتح بوابة حضرموت نحو وحدة الصف الجنوبي    الشتاء يبدأ مبكرًا في اليمن.. تقلص الامطار والحرارة تلامس 3 درجات في بعض المناطق    فشل وساطة العليمي بين قيادة الهضبة وسلطة حضرموت    مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين لا يجوز أن تهجّر أقباطها الذين سكنوها قبل الغزو السلفي    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "18"    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    بعد 3 أيام من إيقاف التعامل معها.. جمعية الصرافين تعمِّم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    فوضى موانئ الحديدة تكشف صراع أجنحة الحوثي على تجارة القمح وابتزاز التجار    قراءة تحليلية لنص "أنتم العظماء لا هم" ل"أحمد سيف حاشد"    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحيل الصديق العزيز عبد العزيز
نشر في سما يوم 19 - 09 - 2021

رحل عنا منذ يومين العزيز عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الجزائري الأسبق، بعد حياة حافلة بالنضال السياسي والوطني والقومي والأممي، وقد كان في طليعة الشباب الذين شاركوا في ثورة بلد المليون شهيد..
وفي أحد اللقاءات حدثني بوتفليقة عن ذكرياته الأولى في النضال، وكيف غامر بالدخول إلى السجون الفرنسية مع صديقته الصحافية الفرنسية، وقابل القادة الجزائريين الخمسة وعلى رأسهم الزعيم أحمد بن بيلا.. وكان اختطاف الفرنسيين لهم حديث العالم حينها، ونقل لهم رسالة سرية من قيادة الثورة، وردهم عليها من وراء الأسوار الحديدية للسجون الفرنسية إلى القيادة. كان هذا أول اختراق بل أول اتصال بين الثوار في السجون وخارجها كما أخبرني، وقال أن المخابرات الفرنسية في داخل السجون وخارجها لم تتمكن من معرفة هويته وزيارته للقادة إلى أن أُعلن عنها في وقت لاحق في الإعلام الخارجي..
وتقديراً لدوره فقد عُيّن وزيراً للشباب بعد انتصار الثورة واستقلال الجزائر، ثمّ وزيراً للخارجية، المنصب الذي شغله لأطول فترة في تاريخ الجزائر.. وكان يُعتبر الشخص الثاني في القيادة الجزائرية بعد الرئيس بومدين بحكم العلاقات النضالية والصداقة والثقة والاحترام التي جمعت بين سي بومدين وعبد العزيز، إلى درجة أنهما ارتبطا بعلاقات شخصية قوية كما حدثني عنها بوتفليقة، ولم يكونا يفترقان الا وقت النوم والسفر، لكن تلك العلاقة تأثرت بعد زواج بومدين بفعل المرأة والسلطة، واقتصرت على الجانب الرسمي فقط..
كان يقال عن بوتفليقة انه يميل للغرب في سياسته أكثر من علاقته بالمنظومة الاشتراكية، ولكنه كان بشكل عام متوازناً إذ لا يمكنه أن يخرج عن طاعة القائد الصارم بومدين، قائد الحزب والدولة في الجزائر، الذي استطاع بناء الدولة الجزائرية وتعريب المناهج الدراسية، وشهدت الجزائر في عهده نهضة اقتصادية وتنموية على كافة المستويات، وكان بوتفليقة ينفذ سياسة الجزائر الخارجية كما وضعها بومدين وحظيت باحترام العالم. حيث وقفت الجزائر في عهده مع حركات التحرر الوطني العربية والافريقية والعالمية.. كما وقفت الى جانب مصر وسورية والأردن في حروبها ضد اسرائيل، وأيضاً إلى جانب القضية الفلسطينية.. وكان الرئيس بومدين يردد بصدق دائماً: نحن مع فلسطين ظالماً أو مظلوماً حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس..
وكانت الجزائر من الدول المؤثرة في جامعة الدول العربية ومنظمة التحرير الافريقية وحركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الاسلامي وجبهة الصمود والتصدي التي تشكلت بعد كامب ديفيد بين الجزائر واليمن الديموقراطية وسورية وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية. وكان عبد العزيز بوتفليقة حاضراً في كل هذه المحطات وهذه المنظمات إلى جانب الرئيس هواري بومدين مما جعله واحداً من أشهر وأنجح وزراء الخارجية العرب والعالم الثالث، وهي مكانة استمدها من مكانة الجزائر ومن علاقته الوثيقة ببومدين.
وكان اتفاق الجزائر بين العراق وإيران الذي حال دون نشوب الحرب بين البلدين، من أهم انجازاته خلال توليه لوزارة الخارجية..
عرفت بوتفليقة خلال زياراتي للجزائر ولقاءاتي به في بعض مؤتمرات القمة العربية والقمم الاسلامية وقمة الصمود والتصدي وآخرها قمة دمشق في سبتمبر 1978م والتي حضرها لآخر مرة الرئيس هواري بومدين قبل ثلاثة أشهر من وفاته. وقد التقيت ببومدين في جناحه الخاص في دمشق وأبلغني حينها أن صحته ليست على ما يرام، وأن لديه مخاوف على مصير الثورة الجزائرية، وأن يكون مصيرها مثل مصير بعض الثورات حيث يندلع الصراع على السلطة. ويبدو أن ما كان يخاف منه قد حدث فعلا بمجرد إعلان وفاته، لكن تفاصيل ذلك ليس مكانه هنا وقد تحدثت عنها في مذكراتي.
شاركت في تشييع جنازة بومدين، وتكلم في مراسم الدفن والتأبين عبد العزيز بوتفليقة الذي أشاد بدور الرئيس بومدين في الثورة وبناء الدولة، مما اعطى انطباعاً لدى البعض أنه الرئيس القادم للجزائر، ولكن ذلك الخطاب لم ينه الصراع على السلطة ومنصب الرئيس بين عبد العزيز بوتفليقة ومحمد صالح اليحياوي، الذي حسم الصراع كان تدخل الجيش لصالح القائد العسكري الشاذلي بن جديد.. وهو من خارج دائرة الصراع.
غادر بعدها بوتفليقة الجزائر إلى جنيف. وكان يتنقل بين جنيف والكويت وعدن وصنعاء والرياض وأبوظبي... ولم تشهد الجزائر الاستقرار بعد وفاة زعيمها بومدين إذ سرعان ما غرقت في موجة من الصراعات والحروب الأهلية الدموية كأنه كان يقرأ مستقبل الجزائر من بعده.
في لقاء جمعني به في عدن شرح لي بوتفليقة عن خلافاته مع الشاذلي بن جديد وأنه رفض أن يعمل تحت قيادة سي بن جديد لأنه كان يشعر بأنه أكثر كفاءة وخبرة وقيادة وتجربة في الحكم منه ومن بقية القيادات الجزائرية آنذاك..
وقد عرضت عليه العمل في أي سفارة من سفارات اليمن الديموقراطية يختارها او الإقامة في عدن معززاً مكرماً، لكنه شكرني حينها واعتذر قائلاً:
- لا أريد أن أتسبب لك في أي مشكلة مع الحكومة الجزائرية.
وبعد خروجي من السلطة جمعتنا أبوظبي في عهد حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان.. وكنا نلتقي باستمرار في منزل صديقه الشيخ أحمد خليفة السويدي وزير الخارجية الاماراتية السابق وعدنان الباجه جي وزير خارجية العراق وأحد مستشاري الشيخ زايد والأخضر الابراهيمي وزير الخارجية الجزائري السابق.
بعد تأسيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية عام 1995م في دمشق، وفروعاً له في القاهرة واليمن ورأس الخيمة، اقترحت على بوتفليقة أن يرأس فرعاً للمركز في أبوظبي بعد موافقة الشيخ زايد على ذلك، رحب بالفكرة ولكنه اقترح أن يكون اسم المركز: مركز زايد للدراسات الاستراتيجية. رحبتُ بالفكرة وباركها الشيخ زايد، وعرض الشيخ زايد تعيينه مستشاراً له ليستقر في أبوظبي كغيره من العرب وغيرهم الذين كانت تأويهم أبوظبي وتحميهم. ولكن التطورات في الجزائر حينها حالت دون العمل في المركز حيث عاد إلى الجزائر بطلب من قيادات الجيش الوطني الجزائري ليتسلم رئاسة الجزائر كغيره من رؤساء الجزائر الذين سبقوه وجاءوا مثله من المنفى.. حكم بوتفليقة الجزائر لعشرين عاماً حتى قيام الثورة الشعبية التي أطاحت به وببعض القيادات التي كانت معه في آخر حكمه وآخر أيامه.. وكنت أتمنى ألا تكون نهايته بهذه الطريقة التي تمت بعد تاريخه النضالي الطويل والمعروف للجميع..
للفقيد عبد العزيز الرحمة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.