قوبلت أحداث القتل التي وقعت مؤخرا في مدينة الحولة السورية بإدانة واسعة من أرجاء العالم، ما جعل الأزمة في البلاد تصل إلى نقطة تحول. وفيما اقترح الغرب خطة لنقل السلطة على غرار ما حدث في اليمن من أجل إنهاء الاضطرابات، ذكر المراقبون أن الأمل في نجاح النموذج اليمني في سوريا ضئيل. فقد قال الدكتور حسن ابو طالب الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر في مقابلة اجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) إن نجاح خطة اقتسام السلطة في اليمن استند إلى سلسلة من الظروف التي تفتقر إليها سوريا حاليا.
اولاً، بالرغم مما قيل عن رفضها التفاوض مع الحكومة اليمنية، إلا ان المعارضة ظلت على اتصال بالحزب الحاكم وظلت تجرى مساومات تحت الطاولة معه قبل أن يقدم علي عبد الله صالح استقالته بشهور. في حين ان المعارضة السورية ترفض بشدة فتح حوار مع الرئيس بشار الأسد وحكومته.
ثانيا، اتفق كل من الحزب الحاكم والمعارضة في اليمن على ان يتم خلال الفترة الانتقالية تعيين نائب صالح رئيسا للبلاد ، وهو شخصية تقبلها أيضا معظم أبناء الشعب اليمني. ولكن الأمر في بلد الشام ليس هكذا.
ثالثا، ان اليمن يعتمد، باعتباره أحد أشد البلدان فقرا في العالم، بشدة على المساعدات المالية من جارته السعودية الغنية بالنفط وغيرها من البلدان الخليجية التي اضطلعت بدور هام في الوساطة لحل الأزمة بالبلاد .
ان الجانب المقبول في الخطة اليمنية ان صالح حصل على دعم علني أو ضمني من الدول الغربية والدول المجاورة لمنحه حصانة سياسية بعد تنحيه عن السلطة، وهو أمر يعتقد أنه يمكن القبول به مقارنة بمصائر نظرائه مثل معمر القذافي وحسنى مبارك وبن علي.
بيد ان الاستراتيجية الجغرافية في سوريا أكثر تعقيدا من ذلك، فالدول المجاورة والقريبة منها ومن بينها لبنان وتركيا والعراق والأردن وإيران وغيرها، تنتمى لطوائف دينية مختلفة ولديها مصالح مختلفة في سوريا.
وبالاضافة إلى ذلك، في الفترة التي سبقت استقالة صالح, انشق عدد كبير من مسئولي الحكومة واعضاء البرلمان والضباط عن النظام ليصبحوا قوة رئيسية بالمعارضة. فكاد صالح يفقد السيطرة على البلاد بالكامل حتى انه أصيب في هجوم استهدف القصر الرئاسي. فيما لايزال نظام بشار الأسد ثابتا وقويا حتى الآن، ولم تشهد آلة الدولة تفكيكا كبيرا مثلما حدث في اليمن. ومن ناحية أخرى، فانه رغم ازدياد حجم "الجيش السوري الحر"، إلا انه غير قادر على مواجهة الجيش النظامي.
وقد صرح دونغ مان يوان نائب مدير المعهد الصيني للدراسات الدولية لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن احتمال قيام الدول الغربية بتدخل عسكري في سوريا يزداد منذ ان طردت السفراء السوريين لديها واتهمت الحكومة السورية بالضلوع في مذبحة الحولة.
وقال إن البلاد ستتكبد خسائر فادحة جراء المواجهات العسكرية، ويتعين على الجانبين إلقاء الأسلحة وإطلاق حوار شامل للتوصل إلى تسوية بنوايا حسنة من أجل معالجة الأزمة.