قال الكاتب الصحفي عبدالحكيم هلال يخاطب طفلته الصغيرة رغد :ماتت "سارة". الطفلة التي كانت توزع ابتسامتها دوما، رغما عن كل مآسيها الطفولية الأخيرة. وأضاف هلال على صفحته بموقع التواصل الأجتماعي" الفيس بوك " :قبل أن تغادرنا بيوم واحد فقط، ردت على ابتسامتي "المشفقة"، بأجمل منها. كانت هناك تجلس وحيدة في فناء العمارة؛ سكننا الهادئ والوديع، الذي كان يكتظ كل يوم بضحكات أطفالنا المرحة، وتحول بالأمس إلى مزار حزين. وتابع هلال قائلا :كانت "سارة" الحبوبة، صديقة رائعة لطفلتي. لكنها لم تعد كذلك الأن..لقد ماتت صديقتك يا "رغد"..!! كيف ماتت؟ هذا أمر لا يجدر بالأطفال الخوض فيه الأن. وخاطب هلال قاتل ابنتيه : هل تعرف يا عبد الرؤوف ماذا صنعت بكبديك؟، وبأكبادنا نحن أيضا؟ لا، أنت الآن لم تعد تعرف شيئا، توقف نبض قلبك؛ لا.. بل أنت لم تكن تعرف شيئا حتى قبل أن تقذف بقلبك وملاكيك الصغيرين من شرفة الحياة القاسية..!! لقد ماتت "سارة" بعد موتك بساعات يا صديقي، وأنا كنت هناك في بهو المشفى غارقا بدموع المأساة حين أعلن الأطباء عجزهم عن مواصلة محاولاتهم الفاشلة في ضخ الروح إلى قلب طفلة، وصلت إليهم كعجوز مهشمة، حتى لم تعد الحياة ترغب ببقائها على ظهرها الرحب حينا والقاسي أحيانا كثيرة. نص المقال من على صفحته : ماتت صديقتك يا رغد بطريقة قاسية ---------------------------------------------------- ماتت "سارة". الطفلة التي كانت توزع ابتسامتها دوما، رغما عن كل مآسيها الطفولية الأخيرة. قبل أن تغادرنا بيوم واحد فقط، ردت على ابتسامتي "المشفقة"، بأجمل منها. كانت هناك تجلس وحيدة في فناء العمارة؛ سكننا الهادئ والوديع، الذي كان يكتظ كل يوم بضحكات أطفالنا المرحة، وتحول بالأمس إلى مزار حزين. كانت "سارة" الحبوبة، صديقة رائعة لطفلتي. لكنها لم تعد كذلك الأن..لقد ماتت صديقتك يا "رغد"..!! كيف ماتت؟ هذا أمر لا يجدر بالأطفال الخوض فيه الأن. سامحني يا الله، يا خالق الأطفال زينة لحياتنا الدنيا: كيف تركت ذات السبع سنوات تموت بتلك الطريقة المفجعة؟ حتى لكأن تضاريس الحياة تكاتفت عليها، وبخلت بمنحها نهاية أقل ألما..!! أتضرع إليك يا من وهبتنا الروح وقدرت لنا الحياة لتسلبها منا بقضاءك: كيف يمكنني أن أواجه نظرات طفلي "علاء"، الأن..؟ عاد لتوه من المدرسة، زوار الفرجة ما زالوا يملئون الجوار، سألني "علاء" ما الذي حدث؟ كذبت عليه: سقطت "سارة" مع أختها "شيماء" وأبوها من شرفة سكنهم في الدور الخامس. كيف سقطوا؟ الله أعلم يا بني، يكفي أن تعرف أنهم سقطوا، هذا فقط ما هو مسموح لك به الأن. لم تمضي سوى دقائق، حتى عاد من الخارج باكيا مفجوعا من تفاصيل رواها له أصدقائه عن أب رمى بطفلتيه من شرفة سكنهم المرتفع وأنتحر..!! وساعتئذ، كنت قد بدأت بتفادي نظرات طفلاي القاتلة، يا إلهي: لا تدعني نهبا لذلك الشعور القاسي؛ خلت أن كل أب أصبح "قاتلا" في نظر أطفاله..!! هل تعرف يا عبد الرؤوف ماذا صنعت بكبديك؟، وبأكبادنا نحن أيضا؟ لا، أنت الآن لم تعد تعرف شيئا، توقف نبض قلبك؛ لا.. بل أنت لم تكن تعرف شيئا حتى قبل أن تقذف بقلبك وملاكيك الصغيرين من شرفة الحياة القاسية..!! لقد ماتت "سارة" بعد موتك بساعات يا صديقي، وأنا كنت هناك في بهو المشفى غارقا بدموع المأساة حين أعلن الأطباء عجزهم عن مواصلة محاولاتهم الفاشلة في ضخ الروح إلى قلب طفلة، وصلت إليهم كعجوز مهشمة، حتى لم تعد الحياة ترغب ببقائها على ظهرها الرحب حينا والقاسي أحيانا كثيرة. وهناك في الغرفة المجاورة، ظلت "شيماء" على سريرها، بصدر مجروح وساق مكسورة..!! هل تعرف: لن تتعافى "شيماء" من كسورها العميقة، تلك التي ستظل رفيقتها الدائمة، هناك في عقلها الباطن، عقدتها المستحكمة لما تبقى لها من حياة، حياة غير تلك التي يتبادلها الأطفال معها؛ هي لن تكون سوى مأساتها الكبرى. ربما كان يتوجب عليا الإكتفاء بالقول: اللهم لك الحمد على ما وهبت، ولك الحمد على ما أخذت..لا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون.. لكنها الغصة في حلقي أردت إزاحتها في مساء مختلف وحزين كهذا، عليَ أتمكن من اتخاذ قرار العودة إلى منزل أصبح موحشا بعد أن غادرته العائلة خوفا من الكوابيس..