حب الوطن والانتماء اليه غريزة متأصلة في النفس وسر من أسرارها ,ويظل الوطن محمولا بين الجوانح مهما تباعدت المسافات وأنتصبت الحواجز وحب الوطن كما جاء في الحديث الشريف من الايمان, ويقول الشاعر أبو العلا المعري فياوطني أن فاتني بك سابق من الدهر فلينعم لساكنك البال وقيل لأعرابي "كيف تبترد بالبادية اذا أنتصف النهار وأنتعل كل شيء ظله؟فقال وهل العيش الا هناك؟ يركض أحدنا ميلاً فيتصبب عرقاً كالجمان ثم ينصب عصاه ويلقي كساءه وتقبل عليه الرياح من كل جانب فكأنه في ايوان كسرى,وقال "قاسم أمين"(الوطنية تعمل ولاتتكلم)وسئل أحد الحكماء بأي شيء يعرف دون تجربة وأختبار فقال بحنينه الى أوطانه وتلهفه على مامضى من زمانه, ولنابليون بونابرت عبارة بليغة عن الوطن عندما قال "مثل من باع بلاده وخان مثل الذي يسرق مال أبيه ليطعم اللصوص فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه". ومن أجمل ماقرأت عن الحنين الى الوطن دراسةللدكتور "مسعود بوبو"أستاذ اللغة العربية في جامعة صنعاء,يقول فيها "الحنين نزعة انسانية متأصلة في النفس البشرية وشعور داخلي يصعب تعليله في كثير من الأحيان فقد يكون حب الوطن بمفهومة الأصيل السائد بين الناس وقد يكون تعلقا بالماضي وترجيعا لذكرياته الحميمة الباقية, وقد يكون إرتباطا عاطفيا بالمكان أو تعبيرا عن الألفة التي تحققت بين النفس وهذا العالم يوما ما في مكان ما ودونما قلق أو تكدير وقد يكون الحنين كل هذا".. وقرأت أيضا أن صوت الحنين الى الوطن موغل في القدم مسموع في تواريخ الأمم وآدابها ,في الأدب اليوناني القديم نقف على شواهد مؤثره تتردد في الألياذه وال"أوديسا"وتصورحنين الأبطال الأسطوريين اليونانيين الى وطنهم, وربما أن العرب كانوا من أكثر الأمم حنينا الى مواطنهم, ف"كتب"التراث العربي تحفل بالشواهد الحية والصادقة وبالاشارات الصريحة الواضحة الى ماللحنين الى الديار من منزلة وأثر في حياة العربي, ولعل ابرزها شعر الوقوف على الأطلال ومايفيض به أصحابه من مشاعر التوق والتحنان والترجيع للذكريات, يقول الشريف الرضي: ولقد وقفت على ديارهم وطللولها بيد البلى نهب *** ******* وتلفتت عيني فمذ بعدت عن الطلول وتلفت القلب أما اليمنيون فهم أكثر الأصوات الشعرية المعبرة عن الحنين الى الوطن بل الأكثر لوعة وأشتياقا الى أرضهم وديارهم وربما أن الهجرة وحب اليمني للتنقل الدور الكبير في غلبة نبرة الحنين في الأصوات الشعرية اليمنية,قال وضاح اليمن: أبت بالشام نفسي أن تطيبا تذكرت المنازل والحبيبا ************ تذكرت المنازل من "شعوب" وحيا أصبحوا قطعا شعوب وهذا الشاعر "العرجي" يقول: هاج قلبي بعدما كان سكن لبريق لاح من نحو اليمن *********** فاعتراني الشوق لما خلته موهنا قد لج وهنا والحزن ********** تلك أوطاني لليل ولنا مايهيج ذا الهوى الا الوطن المصدر:كتاب إثيريات للأستاذ عبده بورجي