بدأت سوريا في إجلاء مدنيين من وسط حمص المحاصر يوم الجمعة في أول خطوة في إطار وقف لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام تم الإتفاق عليه للسماح بتقديم مساعدات إنسانية لمن هم داخل المدينة التي شهدت بعضا من أسوأ ما أسفر عنه الصراع السوري من دمار. ووصلت ثلاث حافلات تقل عشرات ممن تم إجلاؤهم برفقة مسؤولين بالهلال الأحمر العربي السوري إلى نقطة تجمع خارج حمص بينما وقف جنود من الجيش والشرطة على مقربة. والاتفاق هو أول نتيجة إيجابية من محادثات السلام التي بدأت قبل أسبوعين بين الأطراف المتحاربة في سوريا والمقرر استئنافها يوم الإثنين في جنيف وإن كان الأمل ضعيفا في تسوية الخلافات الرئيسية. وبموجب اتفاق حمص سيسمح للنساء والأطفال والمسنين بمغادرة المدينة القديمة التي تحاصرها قوات الرئيس بشار الأسد منذ عام ونصف العام كما سيسمح بدخول مساعدات إنسانية لمن سيبقون داخلها. ويتوقع الهلال الأحمر مغادرة 200 شخص. وقال برنامج الأغذية العالمي إن شاحناته ستكون مستعدة يوم السبت لنقل مواد غذائية تكفي لتغطية احتياجات شهر بالنسبة لما يقدر بنحو 2500 شخص يعانون الجوع وسوء التغذية بعد حصار مستمر منذ أشهر لوسط المدينة الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة. وتوقعت السلطات السورية ومنظمات إغاثة أن يغادر نحو 200 شخص الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وصرح مسؤول بالأممالمتحدة للتلفزيون السوري بأنه أمكن بحلول عصر يوم الجمعة إجلاء حوالي 80 شخصا. وقال الهلال الأحمر إن هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها من دخول وسط حمص منذ بدء الحصار. وقالت روسيا إنه تم الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام في حمص التي كانت من أوائل المدن التي شهدت احتجاجات على الأسد منذ ما يقرب من ثلاث سنوات وتدميرا لشوارعها في معارك شرسة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة. وأعلنت السلطات السورية أنه سيتم توفير العلاج الطبي والمأوى لمن يتم إجلاؤهم وإرسال مساعدات إنسانية للسكان الذين يفضلون البقاء في حمص القديمة. وأشادت روسيا باتفاق حمص ووصفته بأنه "معلم بارز" غير أن مسؤولين غربيين أبدوا تشككا إزاء التزام سوريا تجاه المدنيين المحاصرين وسط الصراع وقالوا إن الأمر ما كان ينبغي أن يستغرق أسابيع من المفاوضات للسماح بدخول مساعدات إنسانية. وقال جون ويلكس الممثل الدبلوماسي البريطاني لدى المعارضة السورية "كان ينبغي للنظام أن يدع قافلة المساعدات الإنسانية تدخل ثم يقرر السكان ما إن كانوا سيبقون أم سيغادرون." ورفض مقاتلو المعارضة عروضا سابقة لإجلاء النساء والأطفال خوفا على مصير الرجال الذين سيبقون. واحتجز عشرات الرجال أو اختفوا بعد اتفاق مماثل في المعضمية غربي العاصمة دمشق. وتضاربت التقارير حول الوجهة التي توجه إليها من تم إجلاؤهم عن وسط المدينة. وقال مسؤولون إن بوسعهم أن يختاروا وجهتهم لكن نشطا في المدينة القديمة قال إنه يجري نقلهم إلى حي الوعر على المشارف الشمالية الغربية لحمص حيث فر الكثير من أبناء المدينة من السنة. وعبر النشط حسن أبو زين في حديث من خلال سكايب عن قلقه الشديد من اعتقال بعض من سيصلون إلى الوعر يوم الجمعة. وقال إن القوات النظامية قصفت المدينة القديمة مساء الخميس وقصفت الوعر صباح الجمعة مستهدفة المكان الذي تم إرسال أناس إليه حماية لهم. وقال إن قناصا أصاب رجلا حاول اعتلاء الحافلة الأولى التي قدمت لإجلاء سكان وحمل قوات الأسد المسؤولية. ولم يصدر تعليق من المسؤولين الذين يحملون عادة مقاتلي المعارضة مسؤولية إطلاق النار على قوافل المساعدات الإنسانية. وأظهرت لقطات تلفزيونية ما بدا أنه آثار طلقات في مؤخرة إحدى الحافلات التي نقلت سكانا وإن كان لم يتضح متى أصيبت بها. - توقع إجلاء 200 شخص كان محافظ حمص طلال البرازي قد قال في وقت سابق إن أول دفعة ممن سيتم إجلاؤهم من المدينة ستضم أطفالا دون الخامسة عشرة ورجالا فوق الخامسة والخمسين ونساء. وقال إن مراكز استقبال أنشئت لاستقبال وعلاج من سيغادرون المدينة القديمة الذين سيكون لهم حرية التوجه أينما شاؤوا. وقال البرازي في تصريح للتلفزيون السوري "نحن مستعدون اليوم لأي عدد حتى لو زاد العدد عن 400 لكن حسب الأممالمتحدة بالامس أن العدد المتوقع سيكون 200 وربما يكون أقل." وأضاف "نتمنى أن تنجح هذه الخطوة الاولى وتتكرر يوم غد وبعد غد لنضمن خروجا آمنا لجميع المدنيين الذين يرغبون في الخروج من المدينة القديمة." وقال إن بعض السكان المسيحيين يحاولون أيضا الخروج من وسط المدينة لكن المسؤولين لم يتمكنوا بعد من توفير خروج آمن لهم من ديارهم في حي الحميدية وحي بستان الديوان. وكان دخول المساعدات الإنسانية لحمص أول بند في جدول أعمال المحادثات قبل أسبوعين على أمل أن تنال توافقا نسبيا يمكن أن يعطي قوة دفع للمحادثات لدى التطرق إلى الخلاف السياسي الصعب بين الأسد وخصومه. إلا أن الاتفاق استغرق وقتا أطول بكثير مما توقعه الدبلوماسيون. وتقول المعارضة إن المحادثات يجب أن تركز على التحول السياسي الذي دعت إليه القوى العالمية بعد اجتماعها في جنيف في يونيو حزيران 2012. أما الحكومة فتصر على إعطاء الأولوية لإنهاء الإرهاب -وهو تعبير تطلقه على المعارضة المسلحة- وتقول إن التحول السياسي ما هو إلا جزء من جدول الأعمال. ونقلت الوكالة العربية السورية للانباء يوم الجمعة عن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية تأكيده أن الحكومة ستشارك في الجولة الثانية من المحادثات وطالب بمناقشة بيان جنيف "بندا بندا" مشيرا الى الوثيقة التي وافقت عليها الاممالمتحدة والقوى العالمية كأساس لمحادثات السلام. وقال إن استعادة السلام والاستقرار في أنحاء الجمهورية العربية السورية يتطلب وضع نهاية للإرهاب والعنف كما جاء في بيان جنيف. وبدأت الانتفاضة في سوريا منذ حوالي ثلاث سنوات باحتجاجات شعبية على حكم عائلة الأسد المستمر منذ اربعة عقود لكنها تحولت إلى صراع مسلح في مواجهة قمع قوات الأمن. وأودت الحرب الأهلية بحياة ما يربو على 130 ألف شخص واجبرت أكثر من ستة ملايين نسمة -أي ما يقرب من ثلث السكان- على الفرار من ديارهم