باريس سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    "جيل الموت" يُحضّر في مراكز الحوثيين: صرخة نجاة من وكيل حقوق الإنسان!    مذكرات صدام حسين.. تفاصيل حلم "البنطلون" وصرة القماش والصحفية العراقية    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    كيف حافظ الحوثيون على نفوذهم؟..كاتب صحفي يجيب    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    هيئة عمليات التجارة البريطانية تؤكد وقوع حادث قبالة سواحل المهرة    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    الوزير الزعوري يطّلع على الدراسة التنموية التي أعدها معهد العمران لأرخبيل سقطرى    قيادات الجنوب تعاملت بسذاجة مع خداع ومكر قادة صنعاء    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    على خطى الاحتلال.. مليشيات الحوثي تهدم عشرات المنازل في ريف صنعاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس الانتقالي الجنوبي قراءة في التحولات والمالآت
نشر في سما يوم 23 - 05 - 2017

ان الخارطة السياسية الجنوبية على مدى ربع قرن ونيف كانت تعيش مخاض طويل تعثرت خلال هذا المخاض ولادة شكل ما يعكس روح القضبة وعمق متطلباتها ،وظلت تعيش حالة من الإزدواج المتناقض حيث تسبق الجماهير بمزاجها الشعبي الثوري العارم الذي شكل حوافز قوية للاندفاع الى الأمام بالثورة وقواها الحية ، الا ان العامل الذاتي المتمثل بالتعبيرات السياسية بكل نوجهاتها ظلت تراوح في شرنقتها تعاني من ضعف التخلص من غلاف الاحتواء تحت مبررات لا ترقى الى حجم المد الشعبي الذي اصبح اكثر تنظيما بدون ادوات القيادة ووسائلها التي تاهت في المنازعات الشخصية والتباينات الهامشية والخلافات الغير مبررة.
كل تلك العوامل اضعفت دوافع التوافق والإلتئام حول شكل تنظيمي راقي يستجيب لذلك المزاج والزخم الجماهيري كما لم تقدم التكوينات الحراكية نفسها كقوة تستطيع تقديم القضية الجنوبية على الوجه المقنع على المسرح الإقليمي والدولي مما اضعف التجانس والتناسق السياسي الجنوبي في الداخل جعل العالم يطالب الجنوبيين بضرورة وجود قيادة قادرة على تجاوز الذات والإنكفاء على جنينية الولادة دون نمو في وعي القيادة وقدراتها على الخروج بالقضية الى رحاب اوسع واكثر ديناميكية تنتزع مواقف دولية على اقل تقدير تعاطفية ان لم تكن منصفة لحق الشعب الجنوب في تقرير مصيره وفق للمواثيق الدولية.. رغم كل ذلك فإن التراكم الحراكي سياسيا قد ولد بيئة قابلة للنمو وتوليد شكل ارقى من التنظيم والقيادة وربما توالي الاحداث والمتغيرات قد سرعت في إنضاج المتطلب الوطني الجنوبي الى كيان سياسي دون تأخير لسد ذرائع المشككين بعدم قدرة الحركة السياسية الجنوببة على تنظيم نفسها وعقمها على ولادة قيادة ناضجة تستوعب متطلبات المرحلة الراهنة والمراحل اللاحقة بكل تعقيداتها..وقد اعتمدت مراهنات تلك القوى على حالات الإختراق لاحزابها ومراكز نفوذها في الشرعية وفي الصف الجنوبي تحت مبررات الاولوية لحرب الانقلاب ورفض الإنفصال للابقاء على حالة الإحتلال وخنق القضية الجنوبية بتأليب التحالف على قوى الجنوب السياسية التي بدأت تدرك نضوج الظرف لإعلان قيادة جنوبية تحكم قبضتها على مجريات الأوضاع وتحدث تغيرا جوهريا في الموقف الإقليمي والدولي ..لذا كان اعلان عدن 4 مايو 2017 ليس نقطة تحول فحسب بل وقاعدة متينة مدعومة بالتأييد والتفويض لاعلان قيادة تأسس لشكل ارقى من التنظيم والقيادة والإدارة والتوجيه وكان المجلس الإنتقالي خطوة قلبت الطاولة تماما على كل المراهنات وبددت كل الشكوك بعقمية الجنوب بولادة قيادة تحظى باحترام وتأيد شعب الجنوب وقبول اقليمي ودولي تجعل الحل المتاح اقرب الممكنات الى موضوعية ما يطالب به شعب الجنوب في تقرير المصير كطريق انسب لحل الأزمة اليمنية بشقيها
الشمالي - الجنوبي وازمة المنطقة واستقرارها ومواجهة المد الأيراني العسكري.
الواقع وتطور مشكلاته:
---------------------------
ان الوضع المعقد الذي وصلت إليه الأمور في اليمن تنذر بمخاطر كبيرة سوف يواجهها اليمن و الاقليم برمته. خصوصا بعد فشل الشرعية في إدارة المناطق المحررة وعدم تقدمها في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون بعد مرور سنتين وثلاثة اشهر من الحرب، ولم تحسم الحرب عسكريا في ظل التكاليف الباهضة لهذه الحرب بشريا وماديا .
ولهذا فان أي تسوية قادمة سيكون انصار الله طرفا اسياسيا في الحكم بالإضافة إلى الموتمر المتحالف مع الحوثي ، والاصلاح وان اختلف معهم الإ أن كل المؤشرات تدل على إحتمال انقلاب حزب الاصلااح على التحالف والرئيس هادي دون شك، والذي بدأ في اظهار موقفه ضد الامارات أكثر من الانقلابيين انفسهم، وسيخرج التحالف خاسرا من اليمن وحتى المناطق المحررة اذا بقية دون اطار سياسي يوجه ادارتها ويحافظ على النصر فانها فسوف تبقى تحت إرادة القوى السياسية اليمنية ، التي تتخذ موقف من التدخل الخليجي وتعتبره احتلال وسينظرون للجنوبيين بوصفهم عملاء ومتواطئين مع التحالف، وليس قريبا اننا نجدهم يبررون فشلهم بالحرب بانه كان عن قصد منهم لرفض التوطئ مع من يطلقون عليهم محتلين ، وهناء سنكون امام فصل جديد يكريس من التنافر و الكراهية بين الشمال والجنوب لتبرز مشكلة استحالت التعايش معا في اطار دولة واحدة تحت أي شكل من نظم الحكم الاتحادي او غيرة وسنعود إلى مرحلة الصرعات المسلحة والتي قد خلقت جيل وقوى صراع جديدة لهذه المرحلة.
وانه بتواجد القوى الشمالية القريبة من إيران في سلطة الحكم سيظل التوتر والتهديدات قائمة على الحدود اليمنية السعودية .
المرجعية السياسية الجنوبية البعد والضرورة:
------------------------------
لهذا ان قيام مرجعية سياسية جنوبية هي ضرورة اقليمية ويمنية وهادوية قبل ان تكون جنوبية .
فوجود مرجعية سياسية جنوبية كانت محل مطالبت الداخل والخارج.
وهي ثمرة نضال الجنوبيين طوال السنوات الماضية .
وقد بات اليوم التوجه نحو استقلال الدولة الجنوبية عن الدولة اليمنية الفاشلة امرا أكثر واقعية وإنها لحالة الوحدة الزائفة التي دخل فيها الجنوب في اشراك وحدة غير مدروسة قبل 25 عام ،وتم الانقلاب عليها بالحرب على الجنوب في 1994م ، ومنذ ذلك التاريخ يناضل شعب الجنوب من أجل استقلاله واستعادة دولته .
وجاءت التطورات والتغيرات السياسية الأخيرة في اليمن والمنطقة لتزيد من تفاؤل الجنوبيون بتحقيق أمنية الاستقلال التي قدموا من أجلها تضحيات لاتعد ولا تحصى، فجميع المؤشرات تتجه نحو الاستقلال إذا ما أحسن السياسيون الجنوبيون العمل في التركيز بالانتقال من الحراك الشعبي إلى الحراك السياسي وذلك لم ياتي الا من خلال قيادة سياسية جديدة للجنوب .
فالاوضاع المأساوية التي وصل إليها اليمن بعامة والجنوب بخاصة ، تستدعي إعادة صياغة العلاقات التي تسير بالجنوب إلى الانتقال بخطوات عمليه يتصرف من خلالها ككيان سياسي مستقل اذا ما اردوا الحفاظ على الانتصار وتامين الاستقرار وعدم ترك الجنوب مفتوحا للاستقطابات الداخلية والخارجية ومواجهة شبح الارهاب .
ان الاستيعاب الدقيق لكل الأوضاع الراهنة وما سينتج عنها من تغيير كبير في مجمل العلاقات على المستويات الداخلية والخارجية والذي أظهرت الحرب الحالية ملامح هذا التغيير في نمط العلاقات الدولية في المنطقة، تبرز أتجاه
الوصول إلى جنوب مستقل آمن عبر إرساء قواعد الدولة القادمة كاطار سياسي واقتصادي مستقل، ومن ثم كيفية ان يصبح الجنوب دولة مستقلة تجابه التحديات القادمة التي يثيرها عناصر وقوى النظام الفاشلة والفاسدة المصرّ ة على استثمار ما يسمى بالوحدة ، سواء كانوا في الشرعية أو الانقلابيون متخذين
موقفا واحدا ضد حق استقلال الجنوب وتقرير مصيره .
إنطلاقا مما تقدم لابد من التوجه العملي نحو تغيير وتطوير علاقات الجنوب الخارجية مع دول الاقليم والعالم ، والتي وفرت الظروف الراهنة مناخا مناسباً في تغير قواعد التعامل مع المجتمع الاقليمي والدولي و إعادة تقييم وجهات نظرهم السائدة حول الجنوب والمصالح الوطنية المشتركة معهم، والتي تتقبل فكرة استقلال الجنوب كحق طبيعي لشعب الجنوب بدلاً من إنكارها واخضاعه إلى وحدة زائفة بالقوة كما كانوا عليه في السابق .
إفرازات شراكة التحالف العربي- الجنوبي والمآلات المستقبلية :
----------------------------------
ان حجم التحولات المحتملة التي جاءت بها السنوات الأخيرة تكشف لنا عن المزيد من التوجه نحو الاستقلالية للجنوب عن صنعاء، فالتوجه المستقبلي يجب ان يأخذ اليوم المراجعة والتقييم الشامل لتجربة السنوات الماضية من قبل الجنوبيين ان كان في طريقة نضالهم من أجل الاستقلال ،أو في قراءتهم للتحولات التي شهدها اليمن وعلاقاته مع محيطة الاقليمي والدولي وتغلغل النفوذ الايراني في اليمن والذي عرّض دول الخليج لمخاطر تهدد أمن ومصالح المنطقة ، وهو الأمر الذي أدى إلى تدخل دول التحالف العربي في التصدي للمليشيات الانقلابية التي تتبع الحوثي وصالح ومن يقف خلفها .
وبهذا الصدد فقد حققت المقاومة الجنوبية مع التحالف العربي نصراً على تلك المليشيات في الجنوب وكسرت المشروع الايراني في المنطقة ، الاّ ان النصر لم يكتمل بسبب تأخر حسم الحرب في الشمال .

ان النتائج المتوقعة من الحرب الحالية ستكون غير حاسمة ومثيرة للانقسامات المزدوجة في اليمن ، في ظل الانقسام الواضح بين الشمال والجنوب ، كما بينها مسرح عمليات الحرب هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى الانقسام الحاصل في الشمال ذاته بين الحوثي وعفاش كطرف وبين الاصلاح والقوى المتحالفة معه كطرف أخر .
وهذا سيسحب نفسه على مزيد من التوتر في العلاقات بين تلك الاطراف مستقبلا من ناحية . ومن ناحية أخرى نلاحظ ان فشل الشرعية في الشمال جعلها تنتظر استقلال اي تطور سياسي في الجنوب بانه ضد التحالف وانه يؤثر سلبا على نتائج الحرب في الشمال، تبرر بذلك فشلها المحتوم كما حصل في ردود افعالهم عن تشكيل المجلس السياسي الجنوبي.
وقد اتضح جليا ان تأخير وتعطيل العملية السياسية في الحنوب تندرج ضمن استراتيجية الشمال الهادفة إلى كسب الوقت وإعادة الوفاق بين القوى المتصارعة في الشمال ، بالتوازي مع خلق الفوضى بالجنوب وتدهور مستوى الخدمات في الجنوب وعدم تاهيل مؤسسات الدولة وتطبيع مهامها في المناطق المحررة، ومن ثم التوجه إلى انتاج الشرعية البديلة لهادي بحسب رؤيتهم والعودة لترتيب الاوضاع التي تعيد الجنوب إلى حضيرة صنعاء وتحت الارداة السياسية للاحزاب اليمنية.
لذا يمكن النظر إلى تواجد قوات التحالف العربي بالجنوب بوصفها القوى التي تساعد على تامين النصر الذي تحقق بالجنوب ومن ثم تمنع عودة المليشيات والتوغل في مناطق جديده ، طالما ان الحرب لم تحسم في الشمال ، وسوف يتم تحقيق الاستقرار الامني في الجنوب من خلال التصدي للعمليات التخريبية التي تقف وراءها تلك القوى ، ومن ثم التوجه نحو إكمال العمليات بالشمال وصولا إلى تحقيق الهدف الذي جاءت من اجله قوات التحالف ، لان قوات التحالف تتحرك بسهولة ويسر في الجنوب ، بينما يتم مهاجمتها بالشمال.
كل هذا يبرز أهمية ان يكون للجنوب اطار سياسي مستقل عن القوى السياسية الاخرى في الشرعية او غيرها .
لقد جاء التدخل العربي لدعم الشرعية، لوقف اختراق النفوذ الإيراني في المنطقة فحسب؛ بقدر ما هو يهدف إلى تأمين ممرات النفط والغاز العالمية في البحر الاحمر وخليج عدن . والجنوب يمتلك امكانية تامين ذلك بالتعاون مع دول الجوار مستقبلاً.
اما ايران سوف تنظر للحوثيين والقوى المتحالفة معها كحلفاء طبيعيين لها، ومن خلالهم ممكن فرض السيطرة على اليمن ككل ضمن مشروعها بالمنطقة ، وتنافسها مع دول الخليج وتحديدا السعودية ، وقد اشار الناطق باسم الخارجية الايرانية قبل الحرب من انهم يتحكمون في اربع عواصم عربية منها صنعاء وهو الامر الذي يؤدي بالضرورة إلى استمرار عدم الاستقرار المنطقة وتبقى ايران سيدة الموقف وفقا لهذه النظرية .
لذا فان استقلال الجنوب يعيد دولته إلى عضويتها الكاملة والنشطة في المجتمع الدولي والذي سوف تكون شريكا مع محيطها الإقليمي والعربي وداعمه للاستقرار، لان صنعاء تدرك جيدا ان الجنوب أرض غير ارضها ومن ثم تجعل منه منطقة تستخدمها لتنفيذ المشاريع التي تخدم اجندات اطراف خارجية تريد الانتقام والتآمر على المنطقة العربية ، وهذا طرح ليس عفوياً ، بل مستمد من الوقائع الفعلية ومن الحقائق والاحداث التي تجري وجرت على أرض الواقع في السنوات الأخيرة .
كل ذلك لم يمنع الجنوبيون في اصرارهم نحو استقلالهم عن صنعاء الذي يحاولون منع ذلك من خلال تصدير الارهاب إلى الجنوب ، في ظل ضعف اللاعبين السياسيين الجنوبيين وتعدد تكويناتهم دون الوصول إلى انتاج مرجعية واحدة رغم اتفاقهم على هدف الاستقلال . من هنا تاتي أهمية الكيان السياسي الجنوبي ليتولى الدفاع عن الجنوب وتمثيل قضيته امام الخارج ويضع حدا للعبث السياسي في الجنوب وادارة المناطق الجنوبية المحررة واملاء الفراغ الإداري والسياسي في كل محافظات الجنوب ، ويواصل مسيرة الحراك بصورة أكثر احترافية يعتمد على المقاومة والحراك معا ، ويخلق مقاربة سياسية مع كل القوى الجنوبية الاخرى .
ويتعامل مع جنوبيين السلطة أي الشرعية من الناحية التكتيكية لتقليد ادوارهم المطلوبة حاليا, والتعامل مع الاطراف الخارجية باسم هذا المجلس وهم مضطرين التعامل مع ذلك .
فنتائج هذه الحرب قد قربت الجنوب إلى القوى الخارجية ووضعته في مكانة بارزة أظهرت أهمية تكوين قوة سياسية موحدة في الجنوب ضد خصومهم في صنعاء المتحالفين مع إيران واذا ما احكموا سيطرتهم على المناطق الجنوبية المحررة، سيضعهم في مكانة أفضل من السابق ، ويكّون لديهم خبرة في الإدارة العامة للدولة، يقتنع بها الخارج ليدعم فكرة قدرة الجنوب على ادارة دولته القادمة .
وتبرز أهمية القيادة السياسية في استيعاب السلطات المحلية والعمل معها على اتباع استراتيجية واضحة تركز على الجوانب الامنية والاقتصادية والسياسية ففي الجانب الاقتصادي ممكن التركيز على مجال الاستثمارات الاقتصادية والوظائف الاقتصادية وجذب الرسمال الجنوبي من الخارج للاستثمار في الجنوب ، والتركيز على مجال النفط والغاز والمقاولات ، والذي من شأنه أن يعطي مؤشر القدرة على أن يكون الجنوب دولة مستقلة عن حكومة صنعاء . ويتم وضع ذلك من خلال خطة واضحة للمجلس الانتقالي تجذب و تشجع الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر في الجنوب مع مختلف الدول بما في ذلك الخليج العربي بعيداً عن سيطرة بقايا نظام صنعاء والفاسدين.
ان تطابق المصالح الوطنية والأمنية للجنوب مع دول الخليج العربي، تتعاظم اليوم أكثر من ذي قبل خصوصاً مع تبلور سياسات واضحة على أسس طائفية للدول السنية في المنطقة العربية .
الخلاصة:
-------------------------------
ان إرجاع نجاح الجنوب في الاستقلال يستند إلى عوامل عدة
فوضع الجنوب يحتاج إلى الإلمام بالظروف المعقدة التي أثرت على المنطقة العربية ، منذ أوائل التسعينات، بالإضافة إلى فهم الأوضاع الداخلية في اليمن.
واتخاذ الخطوات الاجرائية لتحول الجنوب إلى كيان مستقل ، حيث يمثل قيام المجلس السياسي الانتقالي العامل الاساس وحجر الزاوية في نجاح الجنوبيون في توحيدهم ضمن مرجعية سياسية واحده ، تعبر عن شعب في منطقة محددة جغرافياً ومعروفه دوليا بانها كانت دولة مستقلة ، يمكنها من الدخول في علاقات وطيدة مع الدول الأخرى ,ومن ثم فإن قيام كيان سياسي يمتلك كافة المقومات اللازمة الداخلية مثل الشعور الجمعي بهوية الانتماء للجنوب كهوية وطنية تعمل على تماسك المجتمع ، بالإضافة إلى الكفاءة الادارية ، والتقدم الذي أحرزته المقاومة و الحراك الجنوبي والتضحيات التي قدمها شعب الجنوب، فضلاً عن التحالفات الإقليمية التي افرزتها وتفرزها الحرب الدائرة حالياً باليمن ، وأبرزها محور ( الامارات – السعودية – مصر )، وهو ما سوف يساعد على التحول إلى دولة مستقلة ، ولم تحدث مثل هذه التطورات فجأة، ولكن هذا الوضع سوف يسير ويتطور مستقبلاً..
ان عملية استيعاب حقيقة استعادة وبناء الدولة الجنوبية المستقلة ، تمثل حجز الزاوية في الخطوات العملية المتبعة على ارض الواقع للوصول إلى تحقيق الحق وهي قيمة كبيرة في السياسة الاستراتيجية التي تتعامل مع الواقع باحترافية من ناحيه، وترك الشارع لمواصلة نضاله من ناحية أخرى ، دون خلق التصادم بينهما ، او الالتفات إلى مؤثراتهما.
من هنا نرى ان الوضع الذي وصل إليه الجنوب من خلال احراز مقاومته تحقيق النصر مع التحالف العربي على مليشيات الحوثي .
فمن حق الجنوبيين المطالبة في اشراكهم في مفاوضات الحل النهائي ، وعدم ترك قوى اخرى تستثمر هذا وتوظفة في المفاوضات لصالحها كما هو حاصل اليوم .
أن بناء ونجاح وتطوير أركان الدولة سواء في الشمال او الجنوب يعد كعامل محفز لما يسمى خلق الاستقرار بالمنطقة ، لان عودة الامور إلى ما قبل الحرب باتت غير منطقية فما خلفته الحرب بين الشعبين من عداء يفوق تلك العداوة التي عرفت بين شعوب ودول عدة بالعالم.
وتجاه ذلك نعتقد ان ردود الفعل من قبل دول الجوار قد تغير وازيل القلق الذي لا يزال موجود في بعض الدوائر الخارجية بشأن ظهور عودة الدولة الجنوبية ، فالمشروع الايراني في المنطقة الذي بداء من اليمن وكُسر في الجنوب في ظل تخاذل الشمال ، ربما قد يقرب الكثير من المعارضين السابقين لاستقلال الجنوب .
كما أن هناك سوابق في حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهناك حالات مماثلة جرت خلال الفترة القصيرة الماضية مثل استقلال كوسوفا، فعندما تم إعلان استقلال كوسوفا، تم تحديه من قبل بلجراد، غير أن كوسوفا أعلنت استقلالها في يونيو 1991، وقد حاول الصرب منع استقلالها، غير أن التحالفات الدولية مكنت كوسوفا من الحصول على استقلالها في الفترة من 1995 فصاعداً، حتى استطاعت أن تعلن استقلالها الرسمي في فبراير 2008، والسؤال هل ستساعد التحالفات الدولية الجنوب على إعلان استقلاله كما حدث في كوسوفا، او جنوب السوان مع الفارق الكبير في احقية الجنوب بالاستقلال نظرا لعوامل حضارية وتاريخية وسياسية عدة .
ولذلك ليس من المبالغة الحديث عن مستقبل الدولة في الجنوب التي سوف تعيد التوازن في المنطقة. فان تطابق المصلحة الاقتصادية والجيوسياسية بين الجنوب والخارج ، هو ما سوف يساعد على الاستقلال .
يمكن القول أن تضافر عوامل مثل التماسك الداخلي وزيادة الشعور بالانتماء للجنوب كهوية ، وضعف الدولة في صنعاء ان تحقيق قدر اكبر من وحدة الصف الجنوبي وصياغة استراتيجية سياسة تمليها اجندة سياسية واضحة، تعبر عن مصالح الجنوب الوطنية، ينبغي ان تشكل المحور الذي تدور عليه علاقات الجنوبيون على المستويين الداخلي والخارجي .
ان مطالب الجنوبيين السياسية في حق تقرير مصيرهم ، سواء كان ذلك في شكل الحكم الفدرالي أو استقلالها الكامل على ارضه المحددة (بدولة الجنوب) الواضحة في حدودها الدولية إلى يوم 22 مايو 1990م . كانت دوما الهدف الرئيس لكل السياسات لدى القوى والتكتلات السياسية الجنوبية طوال السنوات الماضية . واصبح من الممكن الحديث عن استقلال الجنوب بحكم الواقع ؟ وهذا لا يعني باي حال من الاحوال ان استعادة الدولة الجنوبية امر محال.
وان تعزيز الاستقرار السياسي في الجنوب وتفاعله مع الدول الفاعلة على المستوى الاقليمي والعالمي، كل ذلك يؤكد وضعه ككيان ، ليتصرف بمزيد من الاستقلال مع الايام القادمة .
حتى وان كانت ظروف هذه المرحلة ليست مناسبة لإعلان الدولة ، وهذا ليس فقط بسبب الحرب والاضطراب السياسي في المنطقة حاليا، الا ان الجهات الفاعلة قد تضطر لتقديم تنازلات في المستقبل القريب، في ما يتعلق ب (القضية الجنوبية)، من اجل الوصول الى وضع اكثر استقرارا فان ذلك يتطلب، ضمان الدعم الخارجي وتحقيق وحدة أكبر بين الجنوبيين في إطار الوحدة السياسية والظهور بمظهر الطرف الواحد في التعامل السياسي بما يخص قضية الجنوب. تماشيا مع الدعوات المطالبة بالاستقلال وعنفوان الشارع الجنوب الموحد بالهدف .
فالاستقرار السياسي الداخلي هو حجر الأساس الذي تقوم عليه الدولة المستقلة، كما يمثل الترابط والتماسك الوثيق بين المكونات والقوى السياسية والاجتماعية ركيزة اساسية وعامل حاسم في تحقيق الاستقلال, وهذه الحقيقة التي تستند عليها البيئة السياسية الدولية عند الاعتراف بدولة جديدة.
وعليه لابد من المراجعة الكاملة للهيكل السياسي في الجنوب بهدف تقديم وجهة النظر لتطور المجلس الانتقالي الجنوبي .
واستيعاب الأسباب الجغرافية والسياسية والاقتصادية ، حيث يمثل الجنوب ساحة لسياسة ومصالح القوى الرئيسية في الاقليم والعالم ، ولذلك يعتمد مصيره على العلاقات مع دول الخارج .
إذ نرى من الاهمية بمكان من اتباع مسار ديمقراطي حقيقي ينسق ادارة شؤون الحياة في الجنوب ويحقق الاستقرار الامني والسياسي الداخلي فذلك يمكنه من الحصول على الاعتراف الدولي بالإستقلال ليكون دولة عضو في هيئة الأمم المتحدة.
ان مستقبل الاستقرار السياسي الداخلي والخارجي، لابد من السير فيه عبر الممارسة العملية. وابعاد خطر التيارات الاصولية والارهاب، لما لذلك من تأثير ايجابي على الاستقرار بالجنوب واليمن بخاصة وفي الاقليم بعامة خصوصا ان تجربة السنوات السابقة في محاولة نظام صنعاء وحزب الاصلاح لإيجاد موطئ للإرهاب في الجنوب شكل مصدر قلق لدول الخارج ، فاذا ما تم مجابهة ذلك خلال الفترة القادمة فذلك سيغير نظرة المجتمع الدولي للاعتراف بدولة الجنوب.
خلاصة الخلاصة:
لقد صمد شعب الجنوب كثيرا في وجه الاضطهاد والمعاناة والظلم، على تلك الأرض المحروقة التي حملت ركام وحطام الأبرياء، خلال السنوات الماضية ، وعانوا كثيرا من الويلات من خلال حربيين شنت على الجنوب بتبريرات مختلف والهدف واحد هو اذلال هذا الشعب وتدمير كل مقدراته وتهجير اهله ، وجعلهم مواطنيين ما دون الدرجة الثانية معتقدين أنهم بذلك سوف يقضون على الجنوبيون واحتلال ارضهم إلى الأبد، ولم يعرفوا أن الجنوبيون كطائر الفينيق الأسطوري الذي ينهض من رماده في كل مرة يحترق فيها، فهم ينهضون في كل مرة ويتحدون الواقع وصعوباته، لأنّ لديهم حلماً، وحكايتهم طويلة لا يمكن فهم حاضرها ومستقبلها إلا بفهم ماضيها وذاكرتها مع نظام صنعاء وخديعة الوحدة والحروب .
ويعد الاستقلال هدف مشروع للشعب الجنوبي باعتباره شعب عريق ويعيش على أرضه، وتعرض لصنوف القهر التي وصلت إلى شن حربين ابادة شاملة عليه في 1994م و2015م خلال فترة العشرين العام الماضية .
ان الاصرار الكامل من قبل الشعب الجنوبي على التحرير والاستقلال هو العامل الأساسي أمام عدم اعترافها للحق الجنوبي بكيان مستقل.
ان الاستقلال واستعادة الدولة حق طبيعي للشعب الجنوبي وفق مبدأ حق تقرير المصير المقر دوليا، وقد ادركت القيادات السياسية الجنوبية بان الحل الوحيد والحقيقي هو بناء دولة الجنوب على كل أراضيه ، الا ان هذا الادراك مع الاسفل لم يؤهلها إلا في انتاج رؤية وحامل سياسي للقضية، من هنا جاءت هذه المحاولة الممثلة باعلان قيادة للمجلس الانتقالي الجنوبي .
اعداد مركز مدار للدراسات والبحوث .
عدن 21 مايو 2017م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.