المجلس السياسي يحذر من تداعيات الاعتراف ب"أرض الصومال"    الشرعية حين تتحول من مبدأ قانوني إلى أداة تعطيل    لسنا بنادق للإيجار.. كاتب جنوبي يؤكد الشراكة مع التحالف ويحذر من استهداف قضية الجنوب    عاجل: مصرع القيادي الإرهابي رويس الرويمي وخمسة من عناصر القاعدة في عملية أمنية بحضرموت    نائب وزير العدل يتفقد تجهيز مقرات المحاكم الابتدائية المنشأة حديثًا بأمانة العاصمة    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    حمداً لله على السلامة    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    صحيفة بريطانية: توترات حضرموت تنذر بانفجار صراع جديد يهدد مسار التهدئة في اليمن    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ينفذ عمليات واسعة لإتلاف مخلفات العدوان بمحافظة الجوف    قوات دولية في غزة لماذا.. وهل ستستمد شرعيتها من مجلس الأمن ؟!    هل يهزم ابن زايد بن سلمان ويتسبب بقسمة تركة الرجل المريض؟    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    فلسطين الوطن البشارة    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    جوائز غلوب سوكر: باريس والبرتغال ويامال الأفضل    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    بيان مليونية سيئون يجدد التفويض للرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب العربي    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    هروب    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاضرة في أربعاء تريم الثقافي: صورتنا في الفن الاستشراقي واقع تاريخي ام استعلاء ثقافي
نشر في سما يوم 06 - 01 - 2011

قدم مركز تريم للعمارة والتراث محاضرة جديدة ضمن سلسلة محاضرات أربعاء تريم الثقافي والتي تعقد للسنة الرابعة على التوالي في الاربعاء الأول من كل شهر تحت رعاية وزراتي الثقافة والإعلام في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق وذلك في مساء الأربعاء 5 كانون الثاني 2011م.
ألقت المهندسة ريم عبد الغني كلمة رحبت فيها بالضيوف، وأوضحت أهمية موضوع الإستشراق وسبب تناوله من قبل مركز تريم للعمارة والتراث، وأكدت على تصميم مركز تريم للعمارة والتراث على الاستمرار في عقد أمسيات أربعاء تريم الثقافي لهذا العام للسنة الرابعة على التوالي، مساهمة في الحراك الثقافي في سوريا.
ويذكر أن مركز تريم للعمارة والتراث مؤسسة غير حكومية، مركزها دمشق، أسستها المهندسة ريم عبد الغني في كانون الثاني -يناير 2004 م، تُعنى بالتراث والعمارة في العالم العربي من خلال التوثيق والدراسة والنشر والإنتاج الفني وتنفيذ المشاريع الهندسية وإكمال الحفاظ والترميم وتبادل الخبرات مع المؤسسات والهيئات والمراكز المماثلة في العالم.
ألقى المحاضرة التي دارت حول: صوﺭتنا في الفن الاستشراقي: وﺍقع تاﺭيخي أﻡ ﺍستعلاﺀ ثقافي؟ الأستاذ الدكتور ناصر الرباط، أستاذ الآغا خان للعمارة الاسلامية، ومدير برنامج الآغا خان في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (M.I.T) في كامبرج- الولايات المتحدة الأميركية

حضر الندوة الرئيس علي ناصر محمد رئيس اليمن السابق، ومعاون وزير الثقافة الدكتور محمد تركي، ومدير المؤسسة العربية للإعلان السيد ماجد حليمة، والعميد مناف طلاس، ومدير مكتب وزير الثقافة اليمني السيد معاذ الشهابي، وعدد كبير من المسؤولين والأكاديميين والمثقفين والإعلاميين وجمهور كبير من المهتمين من دمشق والمحافظات السورية ومن خارج سورية أيضاً.
التعامل الساذج مع الفن الإستشراقي، والشرق المُتخيّل:
ناقش الدكتور الرباط الاقبال الشديد الذي يشهده الفن ﺍلاستشراقي في العالم العربي ﺍليوم .فاللوحاﺕ الاستشراقية التي تعوﺩ بمعظمها للقرﻥ التاسع عشر وﺍلثلث الأوﻝ من القرﻥ العشرين ﺃصبح لها مزﺍدﺍت سنوية ناجحة مما ﺩفع بأسعاﺭ الفن الاستشرﺍقي إلى مستوياﺕ لا تبرﺭها إطلاقاً قيمته الفنية. وأوضح بأن مقتني الفن الأثرياﺀ في العالم ﺍلعربي يتهافتوﻥ على شراء هذﻩ اللوحاﺕ وتزيين دورهم بها على أساس أنها تمثل تراثهم وتاريخهم بحساسية فنية ﻭبواقعية منقطعة النظير. ﻭلا يقتصر الأمر على الأثرياﺀ فهناﻙ ﺃيضاً ﺍنتشاﺭ استخداﻡ المناظر ﺍلاستشرﺍقية لتمثيل ملامح من تاريخنا ﺃو تراثنا في البحوﺙ والمقالاﺕ وﺍلكتب ﺍلتي تعنى بالشأﻥ التراثي في عالمنا العربي المعاصر، الأمر الذي يستوجب التعليق على هذﻩ الظاهرﺓ على أﻛثر من صعيد. فبالإضافة لعدم التوافق التاريخي بين تلك اللوحاﺕ على اختلاﻑ مدارسها الفنية وجنسياﺕ فنانيها وبين موﺍضيعها المختلفة التي يمكن اختزالها بمقولة تمثيل الشرﻕ تمثيلاً فنياً موضوعياً، فهناﻙ- برأي المحاضر- مشكلة أعمق بحاجة ملحة لأن تطرﺡ على بساﻁ البحث النقدﻱ في عالمنا العربي حيث مازﺍﻝ التعامل مع الفن الاستشراقي والإعجاﺏ بانتاجه الطويل وﺍلمتنوﻉ يتميز بسذﺍجة شديدة.
فهذﻩ اللوحاﺕ ﺍلاستشراقية، التي تدعي تمثيل مناظر حقيقية من الحياة اليومية للشرقيين (وﺍلمقصوﺩ هنا في أغلب الأحوﺍل العرب في بلاد ﺍلشام ومصر وﺍلمغرب(، لا يمكنها حقاً ﺍدعاء الواقعية أو الموضوعية، ولا يختلف ﺍلأمر ﮐثيراً بالنسبة للمتفرج العربي المعاصر ﺍلذي يفتش عما يصله بالماضي ﺍلزاهي الذي يزدﺍد زهواً في مخيلته بقدر ما يزداﺩ حاضره قتامة، وﺍلذي يجد في الفن الاستشراقي الغرﺍئبي والمليء بالألواﻥ والحركة وﺍلأزياﺀ الغريبة وﺍلأشكال الغنجة ﺍلمغرية مهرباً ومتنفساً. ولكن هذﻩ اللوحات الاستشراقية على وﺍقعيتها ﺍلظاهرية وعلى دغدغتها لإحساس هذﺍ المتفرج المعاصر بالتواصل التاريخي بينه وبين ماض ﺇيجابي يحّن إليه، تخلق عبر أساليب ﺍلصنعة من رﻭمانتيكية وﻭﺍقعية ﻭﺍنطباعية ومجردﺓ وغيرها صورﺍً "واقعية" للشرق المتخيل ثم تثبت هذﻩ " الحقيقة الواقعية" من خلال إنتاجها فنياً على سطح اللوحة نفسها بدرجات من الحس الفني متفاوتة ولكن بمحتوﻯ من المعنى متشابه.
صناعة الشرق في أوروبا :
"صناعة" الشرﻕ في أوروبا قديمة قدﻡ العلاقة بين ﺃوﺭﻭبا وﺍلشرﻕ الإسلامي، وهي قد اعتمدﺕ منذ البداية على مزيج معقد من الملاحظاﺕ وﺍلدرﺍساﺕ وﺍلخياﻝ ﻭﺍلرغبة وﺍلعدﺍوﺓ وﺍلخوف وﺍلحذر والإعجاب وﺍلذاﮐرﺓ التاريخية المبتسرﺓ. وﻛاﻥ نتاﺝ هذه الصناعة مسخ غريب هو ما سمي "بالشرﻕ" في الأﺩبياﺕ الأوﺭوبية القروسطية وفي الفن ﺍلأوﺭوبي أيضا: مكان غرﺍئبي فيه من ﺍلمدهش والمذهل الكثير، طبيعته ﻭعرﺓ وخلابة، صحاﺭيه شاسعة وجباله شاهقة وحيواناته ونباتاته عجيبة، يقطنه أناس غريبو الأطواﺭ، ﺩينهم شهوﺍني وقاﺱٍ ﻭمنغلق وعدوﺍني، ﻛتابهم ﺍلمقدس مليء بالأﻛاﺫيب والاقتباساﺕ المشوهة من المسيحية وﺍليهودية، ونبيهم ساحر بالكلمات وﺍلأفعال تعلم التوراﺓ ومسخها ليعلمها لأتباعه على ﺃنها منبع ﺩين جديد يعدهم فيه
بجنة فيها ﻛل ما هو حسي ﻭجنسي ﻭشبق، ﺩيدنهم الغزﻭ وﺍلقتاﻝ وﺍلنهب، يسومون
ﺃعداﺀهم ﺍلنكال والعذاﺏ، فيهم العلم الغريب من سيمياﺀ ﻭسحر ﻭفرﺍسة وﺍلتعصب الأعمى، ﺍلفرﻭسية ﺍلرشيقة والجموﺡ البدﺍئي، يلبسوﻥ ثياباً فضفاضة ﻭبرﺍقة ومتعددﺓ ﺍلألوﺍﻥ، يسكنون في قصوﺭ عالية ومنعزلة ومحرﻭسة ومسيجة، يحتفظوﻥ فيها بنساﺀ ﻛثيرﺍﺕ، شبه سجيناﺕ، مغرياﺕ، وجميلاﺕ، وفاتناﺕ، يقضين ﺃوقاتهن نصف عاريات وبدوﻥ ﺃي عمل بانتظار إشارﺓ من السيد لكي يرضين كل رغباته الجنسية، على حين تخلو شواﺭعهم وحياتهم ﺍلعامة من أﻱ ﻭجود ﺃنثوي.
صورة الشرق الجديد بعد الاكتشافات الأوربية الكبرى:
وتطورﺕ تفاصيل صورﺓ "ﺍلشرﻕ" بتطوﺭ معلوماﺕ أوﺭوبا عن هذا "ﺍلشرﻕ" بعد عصر الاكتشافات الكبرﻯ في القرنين السادﺱ عشر وﺍلسابع عشر عندما ﻭصلت الأساطيل الأوﺭوبية إلى مختلف أﺭجاء المعمورﺓ وﺍﻛتشفت "أشرﺍقاً" وعوالم وحضاﺭاﺕ أخرﻯ متعددﺓ ومختلفة في الهند والصين وﺍليابان وبعدها في العالم ﺍلجديد بشماله وجنوبه لم تكن وﺍعية بها. ولكن ﺍلشرق المسلم وﺍلعربي حافظ على مرﮐزﻩ في الوعي والمخيال الأوﺭﻭبي، بل وعمق من مدلولاته ﻛالآخر ﺍلأﻭروبي الأساسي وﺍلمعاﮐس، على الغالب بسبب من ﺍلتقارﺏ التاريخي وﺍلعقائدﻱ
وﺍلحضارﻱ بين ﺃوﺭوبا الناهضة ﻭتراﺙ الشرﻕ العربي والمسلم التي ﺍحتاجته ﺃوﺭوبا لتستكمل بناﺀ صوﺭتها عن نفسها ﻭعن الحضاﺭاﺕ الماضية التي ألهمت نهضتها وﺍلاﺭتباﻁ الديني بين الشرق وﺃوﺭوبا. وطبعاً علينا ألا نغفل الاحتكاك العدائي ﺍلمستمر بين الإسلاﻡ المتوسطي وﺃوﺭوبا بعد انقضاﺀ ﺍلحروﺏ الصليبية خصوصاً في القرنين ﺍلخامس عشر وﺍلسادﺱ عشر عندما هددﺕ ﺍلدﻭلة العثمانية الناهضة قلب أﻭروبا المسيحية وﺍﻛتسحت أجزاﺀ ﮐبيرﺓ من شرقها وﺃسلمتها.
الحذر من الأخر:
ولم يتغير هاجس أوﺭوبا من المسلم وﺍلعربي وﺍلتركي، وهي ﻛلها ﺃسماﺀ اختلطت في الذهن الأﻭرﻭبي بعضها البعض وﺃصبحت دﺍلاً وﺍحدﺍً عن الآخر المكروه وﺍلمألوﻑ وﺍلمجهوﻝ في آن وﺍحد، حتى بعد نهوضها عسكرياً في القرﻥ السابع عشر وبدﺀ أفوﻝ ﺍلدﻭلة العثمانية وﺍنتهاﺀ تهديدها الفعلي لأوﺭوبا. بل وﺃن هذﺍ الهاجس نفسه قد جرﻯ تلقفه وتوظيفه لإبقاﺀ الحذﺭ وﺍلعدﺍوﺓ ضد التركي وﺍلمسلم متوهجة عندما بدأﺕ الحملاﺕ الاستعمارية ضد الشرﻕ ﺍلمسلم في نهاية ﺍلقرن الثامن عشر، وﺍلتي مثلت حملة نابليوﻥ بونابرﺕ على مصر(1798 – 1801) نقلة نوعية فيها من حيث الهدﻑ وﺍلإعداﺩ والإستراتيجية العسكرية وﺍلثقافية وﺍلمعرفية والأيدولوجية.
وعليه لا يمكنا اليوﻡ استخداﻡ ﺍللوحات الاستشرﺍقية بالبراﺀﺓ نفسها التي يستخدمها بها ﻛتابنا ومجلاتنا ﻭفضائياتنا لتصوير حياﺓ الماضي القريب، ﮐما لو ﻛانت المعياﺭ الصحيح لتمثيل هذا ﺍلماضي. وﻛذلك لا يمكننا اعتبارها صورﺍً فنيةً عابقةً بترﺍثنا، من ﺩوﻥ أﻥ نعي دﻭرها التاريخي الأساسي في خدمة المشروﻉ الاستشراقي وﺍلاستعمارﻱ وفي تبريرهما ﻭفي تمثيل نظرتهما للشرﻕ الذﻱ ﮐان، ويظهر أنه لم يزﻝ حتى اليوﻡ، آخرﺍً مختلفاً ومرفوضاً بالنسبة للغرﺏ، وموضوعاً للبحث ﻭالدﺭﺍسة وﺍلتمثيل، ﻭلقمة سائغة للاستغلاﻝ مباشرة ﺃﻭ عن بعد ﻭبطريق التكنولوجيا وﺍلاستثماﺭاﺕ المترﺍبطة وﺍلمتدﺍخلة. ولعل تحليلاً سريعاً لمواضيع الفن الاستشراقي المختلفة يبين لنا الترﺍبط ﺍلشديد في مدلولاﺕ الفن ﺍلاستشراقي الثقافية وﺍلمعرفية بالنسبة لمعاصريه ومنتجيه ومسييريه ومقتنيه على ﺍلرغم من ﺍلاختلاﻑ الوﺍضح في ﺍلموﺍضيع ﻭمن تفاﻭت القيمة الفنية للأعماﻝ. وﮐل الوقائع المعاصرﺓ ماﺯالت تثبت ﺃنه على الرغم من انفتاح حضاﺭاﺕ العالم على بعضها البعض وعلى ﺍلرغم من ﺍنتشاﺭ حضارﺓ ﺍلاستهلاﻙ ﻭطغيانها على ﮐل ﺍلتعبيراﺕ ﺍلمحلية في العقوﺩ الأخيرﺓ، فصورﺓ الشرﻕ ﺍلاستشراقية مازﺍلت هي ﺍلسائدﺓ في ﺍلمخياﻝ الغربي، وللأسف، في ﺍلمخياﻝ العربي والإسلامي في الآن نفسه.


تقديم المهندسة ريم عبد الغني :
بسم الله الرحمن الرحيم
السيداتُ والسادةُ الحضور
السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.
أرحّبُ بكم مجدَّداً في أربعائِنا الأوّلِ من العامِ الجديد، ها هي أمسياتُ أربعاءِ تريم تستمرُّ للسنةِ الرابعةِ على التوالي بفضلِكم، فأنتم المحرِّضُ والهدفُ الرئيسيُّ لهذا المشروعِ المتواضعِ الذي يسعى إلى المساهمةِ في الحراكِ الثقافيِّ في سورية...
اسمحوا لي، باسمِكم وباسمِ مركزِ تريم للعمارةِ والتراثِ وباسمي شخصيّاً، أن أرحّبَ بباحثٍ سوريٍّ قديرٍ حملَ التفوّقَ العربيَّ إلى المَهْجَرِ، وبقيَ حريصاً على أواصرِ الوطن، فتكررتْ إطلالاتُهُ علينا، وجاد بمساهماتِه لا سِيّما مع جيلِ معماريينا الجُدَد.
لقاءٌ انتظرناه وتأخّر.
ليس لأننا تابعنا منذ عِدّةِ أشهرٍ تواصلنا مع الدكتور ناصر الرباط الذي جاء من الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ ليحاضرَ بيننا اليوم... بل لأنّه من العقولِ السوريّةِ الفذّةِ التي كانت جديرةً أن تتصدرَ قائمةَ من حاضروا من هذا الِمنبرِ لا في بداية عامِه الرابع..
ولأنّ الدكتور ناصر، أو ناصر كما يُصِرُّ ببساطتِه وتواضعِه أن يُنادى، باحثٌ في تاريخِ الفنِّ والعِمارةِ والعُمرانِ والتاريخِ الإسلاميِّ، وفنانٌ مُرهَفُ الأحاسيسِ يُجيدُ قراءةَ الخطوطِ والألوانِ، فهو من أفضلِ من يتحدّثُ عن الفنِّ، ولأنّ ناصر عاش طويلاً في الغربِ، درَس ودرَّس فيه ودَرَسَهُ عن قُربٍ، بعد أن ارتوى خلاصةَ الشرقِ في حِضْنِ عائلةٍ أصيلةٍ، فهو أيضاً من خَيْرِ من يُحدِّثُنا عن الاستشراقِ وعوالمِه.
أردتُ فقط أن أرحّبَ بكم وبضيفِنا ناصر الرباط وبزوجتِه السيدة رندة وعائلتِه الكريمةِ التي دأبت على مشاركتنا أربعاءاتِنا حتّى صارت جزءاً من هذا الصالونِ الثقافي.
كما أرحب بالسادةِ الاعلاميين، وبضيوفِ أربعاءِ تريم من داخل وخارج دمشقِ، لاسيَّما الزملاءُ من حِمصَ، ومن خارج سوريا ، خاصّة من لُبنانَ والأُردنِّ، واسمحوا لي أن أرحّبَ بشكلٍ خاصٍ بضيفِنا من اليمن الأستاذِ معاذ الشهابي مديرِ مكتبِ وزيرِ الثقافةِ اليمني، الذي حَرِصَ أن يشاركَنا إحدى هذه الأُمسياتِ التي تحملُ اسمَ مدينةِ تريم اليمنيّةِ العريقةِ، والتي تحتفلُ منذ عامٍ بكونِها عاصمةً للثقافةِ الإِسلاميّة.
هذه هديتُنا لكم في بدايةِ العامِ الجديدِ، عسى أن يجمعَنا المولى دائماً هنا، في هذا الصرحِ الحضاريِّ، في مطلعِ كلِّ عامٍ آتٍ، في أربعاءِ تريم جديد، وأنتم بخيرٍ وسوريةَ بخيرٍ ووطنِنا العربيِّ والعالمِ يرفُلُ بالخيرِ والسلامِ.
ورَغمَ أنّ مُعظَمَنا يعرفُ الكثيرَ عن ناصر الرباط ، لكنني أدَعُ للإعلاميِّ الماهرِ عبدِ المؤمنِ الحَسَن أن يُعطيَنا كالعادةِ لمحةً سريعةً عن سيرةِ المحاضرِ الذاتيّةِ.
شكراً لإصغائِكم.
----


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.