لم تعد الحرب الأهلية التي بشّر بها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح مجردتهويل وتهديد . لقد بدأت فصولها في ما تشهده صنعاء والمدن اليمنية الأخرىمن معارك واشتباكات مدمرة، وتحشيد عسكري وقبلي. صالح نجح في إجهاض المبادرة الخليجية، لأنه منذ بداية الحراك الشعبي السلميفي السادس من فبراير/ شباط الماضي، كان يناور ويخاتل ويكسب الوقت، ولم يكنجاداً في وعده بأنه سيتنحى، إنما كان صادقاً في جر بلاده إلى حرب أهلية. المبادرة الخليجية ماتت وأهال صالح التراب عليها، ولكن هل هذا يعني أن علىالدول الخليجية وخصوصاً المملكة العربية السعودية بما تمثله من عمق جغرافيوقبلي وسياسي وشريان حياة للنظام اليمني أن تراقب ما يجري مكتفية بمبادرةانتهى مفعولها. لم يسلم اليمن بمدنييه وعسكرييه ومن هم يناهضون النظام أو يناصرونه مننيران الاحتراب والعواقب الوخيمة لما يجري والذي أصاب بشظاياه رأس النظامنفسه. هل تدرك دول الخليج العربي -وخصوصاً السعودية- معنى وقوع حرب أهلية -لا سمحالله- في اليمن وتداعيات ذلك على اليمن والجوار، في ظل تصاعد عملياتمجموعات التطرف والإرهاب، والتدخلات الأجنبية للهيمنة على باب المندبوالبحر الأحمر والخليج العربي باعتبارها مناطق استراتيجية تقبض على خناقالمنطقة والعالم، إضافة إلى مخططات خبيثة قد تمزق اليمن إلى ثلاث دول فيالجنوب والوسط والشمال. أمام هذه الصورة السوداوية، يتحول الانتظار إلى انتحار، ولن يكون اليمن وحده الضحية. لدى دول الخليج الكثير من الأوراق ووسائل الضغط لإجبار الرئيس اليمني على التنحي نزولاً عند إرادة الشعب اليمني. فلتبادر دول الخليج العربي إلى عقد قمة طارئة فورية تحسم فيها الموقفوالقرار، لأن أي تأخير يعني أن قطار الحرب الأهلية يمضي في طريقه، وتتعاظمالمأساة ويزداد الخراب والدمار، وعندها قد يتسع الرتق على الراتق، ولاتساعة مندم. لقد لجأ صالح إلى كل أساليب المراوغة مع كل المبادرات والمبادرين، وكلأصحاب النوايا الحسنة الذين حاولوا حقن الدماء وإخراج اليمن من دائرةالعنف، وكان خياره الوحيد استخدام القوة الغاشمة في مواجهة شعبه الذي ضربمثلاً في تحركه السلمي. صالح قرر أن يتحدى شعبه وكل من سعى وحاول حقن الدماء، ويدفع بلاده إلى حرب أهلية ضروس لن تُبقي ولن تذر. . . هلموا إلى إنقاذ اليمن، قبل أن يتحول إلى صومال آخر.