أسفرت الحروب التي خاضتها الولاياتالمتحدة إثر اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 عن 225 الف قتيل و365 ألف جريح ، وبلغت كلفتها المادية 3700 مليار دولار على الاقل. وفي دراسة نشرتها جامعة براون الأميركية خاض الباحثون في الجامعة في أرقام حربي أفغانستانوالعراق إضافة إلى حملة مكافحة الإرهاب التي تشنها الولاياتالمتحدة في باكستان. ومما جاء في الدراسة أن من بين القتلى هناك 31741 جنديا بينهم حوالي ستة آلاف جندي اميركي و1200 جندي من القوات الحليفة للولايات المتحدة و9900 جندي عراقي و8800 جندي افغاني و3500 جندي باكستاني و2300 موظف في شركات أمنية خاصة. الأرقام تبدو قابلة للكثير من الجدل، إذ إن هناك مايشبه الإجماع على أن عدد ضحايا الغزو الأميركي للعراق يتجاوز مليون قتيل، لذلك تبدو الأرقام المطروحة في هذه الدراسة غير موثوقة تماما، وإن كان الحديث عن نفقات الحرب يكاد يكون مؤكدا، حيث تجاوزت التكلفة ثلاثة تريليونات دولار، كانت كافية لتغيير وجه الشرق الأوسط وأفغانستانوباكستان لو أنفقت على التنمية. الولاياتالمتحدة والدول الغربية مستعدة لدفع تريليون تلو الآخر عندما يتعلق الأمر بالحروب، أما عندما يتعلق الأمر بتنمية الدول الفقيرة فإن الصورة سرعان ماتتبدل وكأن هناك مايشبه الإجماع على إبقاء الفقراء في هوة الفقر والمعاناة عبر تجاهل الحلول الجذرية والاكتفاء بتقديم اعانات ومساعدات ليس إلا. حوالي أربعة تريليونات دولار هي تكلفة الحرب على العراقوأفغانستان والإرهاب، إنه رقم خيالي كان يمكن استثماره بطريقة مختلفة ولو تم ذلك مابقي عاطل عن العمل في الدول التي طالتها هذه الحروب، وللوقوف على أهمية هذا المبلغ لابد من ملاحظة أن مشروع مارشال الاقتصادي لإعادة تعمير أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذي وضعه الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية وصل إلى 13 مليار دولار أميركي، مايقدر بأسعار 2007 بحوالي 75 مليار دولار أميركي. كتب ثيودور هوايت عن أوروبا فى تلك الأيام: «كان الناس يتضورون جوعا، ومات بعضهم من المجاعة، ولجأ البعض إلى السرقة، واضطر معظم الناس إلى تخزين الطعام، وأصبح الجميع مخادعين». وفي يونيو 1947 عندما عاد مارشال من اجتماعات في روسيا مقتنعا أن الروس يخططون للاستيلاء على أوروبا كنا قد أنفقنا بالفعل بليون دولار فى إدارة للأمم المتحدة للإغاثة والتأهيل، وقدمنا منحة قدرها بليون وربع البليون دولار كمعونة مباشرة للحكومة الفرنسية، ونحو نصف بليون دولار للجيش الأميركى لإطعام الألمان الذين كانوا يموتون جوعا، وأعطينا المملكة المتحدة ثلاثة بلايين وثلاثة أرباع بليون دولار. ورغم ذلك كان الاقتصاد الأوروبى لا يزال مصابا بالشلل، فقد كانت مدن كثيرة لا تزال مهدمة، والمواد الغذائية تصرف بالبطاقات، والمصانع مفتقرة إلى الطاقة. تلك الأيام المحفوفة بالخطر كانت تستدعي منا أن نسلك طريقا جديدا لكي ننقذ أوروبا من حافة الهاوية. ألا يستحق الشرق الأوسط شيئا مماثلا بعد عقود من الفقر واليأس والمعاناة؟. [email protected]