مُدِّي بساطي ... وأملأي أكوابي...***نسي العتاب...فقد نسيت عتابي. عيناك يا بغداد ؛ منذ طفولتي ***شمسان نائمان في أهدابي لا تنكري وجهي...فأنت حبيبتي ***وورود مائدتي، وكأس شرابي بغداد ... جئتك كالسفينة متعباً ***أخفي جراحاتي وراء ثيابي ورميت راسي فوق صدر أميرتي ***وتلاقت الشفتان بعد غياب أنا ذلك البحار انفق عمره ***في البحث عن حب وعن أحباب بغداد ... طِرتُ على حرير عباءة ***وعلى ضفائر زينب ورباب وهبطت كالعصفور يقصد عشه ***والفجر عرس مآذن وقباب حتى رأيتك قطعة من جوهر ***ترتاح بين النخل والأعناب حيث التفت أرى ملامح موطني ***واشم في هذا التراب ترابي لم اغترب أبداً...فكل سحابة ***زرقاء... فيها كبرياء سحابي إن النجوم الساكنات هضابكم ***ذات النجوم الساكنات هضابي بغداد عشت الحسن في ألوانه ***لكن حسنك لم يكن بحسابي ماذا سأكتب عنك في كتب الهوى ***فهواك لا يكفيه ألف كتاب يغتالني شعري...فكل قصيدة ***تمتصني...تمتص زيت شبابي الخنجر الذهبي...يشرب من دمي ***وينام في لحمي؛ وفي أعصابي بغداد يا هزج الأساور والحلي ***يا مخزن الأضواء والأطياب لا تظلمي وتر الربابة في يدي ***فالشوق أكبر من يدي و ربابي قبل اللقاء الحلو.... كنتِ حبيبتي ***وحبيبتي تبقين بعد ذهابي * نزار قباني بغداد في8/3/1963 قصيدة الشاعر الراحل نزار قباني التي كتبها عن بغداد في التاريخ المذكور لأسباب غير سياسية رأيت أنها جديرة بأن تكون بطاقة بريدية فريدة من نوعها أرسلها إلى كل من تقع عينه على هذه الزاوية، فقد أردت من خلال هذه القصيدة الجميلة أن أحوِّل زاوية هذا الأسبوع وللمرة الأولى منذ بدأت كتابتها إلى علبة بريد لعشاق بغداد ومحبيها.. أهناك من من لا يحب عاصمة الرشيد؟! في نهاية العام الميلادي كما في نهاية العام الهجري ونهاية العام الصيني قد لا يكون لكل الناس أسباب قوية لوداع عام مضى خصوصاً أولئك الذين يتقدمون في السن عاماً بعد عام.وبخاصة إذا كان العام الماضي قد شهد تطورات غير جديرة بالاحتفال: أوجاع الأضراس أو حالة وجع الرأس الدائم المعروفة باسم "ميغرين" أو اختلال توازن الضغط أو فقدان عزيز أو قريب أو كارثة وطنية أو غزو أجنبي أو إرهاب يسر العداء...الخ هؤلاء وغيرهم كثر يصعب عليهم القول:حسناً شكرًا للعام الفائت. بل يقولون : فليذهب بغير رجعة . ويتطلعون إلى عام جديد يأملون أن يكون مزوداً بالأمل والحب والسعادة ويستعدون لمشاعر جديدة وأحلام وافدة. بدورنا نأمل من خلال قصيدة نزار قباني مع المحتفلين بعام جديد أن تعود بغداد حرة جميلة كما عهدناها منذ قرون وان ترجع البسمة لأطفالها وأهلها فالنجوم الساكنات هضابهم هي "ذات النجوم الساكنات هضابنا".. أما الاحتلال فإلى جهنم وبئس المصير.