جولة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الخارجية التي بدأها مطلع الاسبوع من اليابان بعد توقفه في الطريق اليها بمملكة تايلند لتشمل الولاياتالمتحدةالامريكية وجمهورية فرنسا تستمد اهميتها من مضامين أجندة القضايا التي سيبحثها فخامة الأخ الرئيس في لقاءاته مع قادة الدول الكبرى الثلاث، وهي مع تباين محتوياتها وأولويات موضوعاتها الا ان دلالات ابعادها السياسية والاقتصادية تحمل معاني تعبيرات واضحة لمكانة اليمن العالمية وتؤكد مدى التطور الذي وصل اليه في علاقاته الدولية بالنظر الى ماتمثله اليابان، والولاياتالمتحدةوفرنسا من محورية قارية آسيوية امريكية او اوروبية وماتلعبه من دور محدد لمسارات اتجاهات متغيرات وتحولات الوضع العالمي السياسي والاقتصادي وكذا التأثير في مجريات تطورات احداثه لاسيما في بؤرته المركزية -الشرق الاوسط- الذي يعد اليمن جزءاً منه يسعى في اطار ثوابته الوطنية والتزاماته العربية والاسلامية والانسانية ومن موقعه الحيوي الجيوبوليتيكي للمصالح الدولية الى تعزيز وترسيخ الأمن والاستقرار في البحر الأحمر والعربي والقرن الافريقي والجزيرة والخليج وتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط، وهو مابدا واضحاً في النجاحات الكبيرة في محطة جولة الأخ الرئيس الأولى الى امبراطورية اليابان لتكون في مجملها تجلياً ساطعاً يجسد نجاحات الدبلوماسية اليمنية وتوجهات قيادة الوطن الحكيمة للسياسة الخارجية والمتوازنة والمرنة القادرة على استيعاب متطلبات متغيرات تطورات الاحداث الاقليمية وتحولات الاوضاع العالمية وهذا النجاح في سياسة اليمن الخارجية يعد انعكاساً لنجاح السياسة الداخلية في مواجهة تحديات التنمية والبناء الاقتصادي والنهوض الشامل.. ولأن الاقتصاد شكل اساس العلاقات التاريخية اليمنية- اليابانية مطع عشرينيات القرن الماضي فإن انتقالها مطلع القرن الحادي والعشرين الى مستوى جديد في تناميها وتطورها كان لابد ان يكون منطلقه الاقتصاد متلازم مع مسارها السياسي مرتبط بمشروطية أولوية توجهات تبادل المصالح والمنافع على نحو يفضي بالتعاون بين البلدين والشعبين الصديقين الى شراكة تتعدى ثنائية التبادل التجاري الى الاستثمار التكنولوجي التقني الصناعي، وهنا يبرز الإدراك المتبادل لآفاق المصالح اليمنية- اليابانية في بعدها المستقبلي الذي ينبغي أن نكون عليه وعلى نحو يلبي التطلعات الطموحة في الارتقاء بعلاقتيهما الى مستويات نوعية تستوعب استحقاقات الدفع بها دوماً الى الأمام. وتقديم المجال الاقتصادي لايعني أبداً ثانوية الطابع السياسي في العلاقات بل يؤكدها بإرسائه مداميك ديمومة تطورها كون ترسيخ المصالح يستمد منه تطور العلاقات السياسية والثقافية لتكتسب قوة دفع لتتكامل في تحقيق الازدهار الكامل لها، وفي هذا السياق فإن لقاء القمة الذي جمع فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح بأمبراطور اليابان اكيهيتو وكذا تبادل الهدايا في ختام جلسة المباحثات مع رئيس الوزراء هونشير و كويزومي دلالات رمزية موحية ليس فقط لأواصر عمق العلاقات في الحاضر ولكن استمرار تناميها وتطورها المتسارع في المستقبل.. وهكذا فإن هذه الزيارة تأتي في نتائجها الايجابية على الصعيدين السياسي والاقتصادي كامتداد متطور للزيارة الأولى التي قام بها فخامة رئيس الجمهورية الى اليابان في مارس عام 1999م ولتؤكد الوتائر المتسارعة التي حركت بها دواليب العلاقات الى الأمام خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين الزيارتين وهنا لابد من الاشارة الى ان اليابان تعد من كبار الدول المانحة لليمن والمساهمة بدعم ملموس في التنمية بمجالاتها الحيوية التي تحقق تقدماً في مختلف جوانبها مرسية قاعدة انطلاقات مسارات التعاون الى آفاق أرحب نموذجها الشراكة في مجالات تحلية المياه وتوليد الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الثروة الغازية التي تمتلكها بلادنا وتكون الصورة اكثر وضوحاً في استعداد الرساميل اليابانية على الاستثمار في اليمن في مجالات صناعة السيارات وتقنية المعلومات الأمر الذي سيجعل العلاقات تحلق في فضاءات العصر الواسعة. ان الفهم العميق لطبيعة المرحلة التي تمر بها بلادنا والعالم والاسهام الفاعل لليمن تجاوز التحديات والمخاطر التي تجابه البشرية وخصوصاً مكافحة ظواهر الارهاب والفقر والبطالة وتعد في طليعة القضايا الرئيسية الى جانب الاوضاع في منطقة الشرق لاسيما في العراق وفلسطين هي ماستتمحور محادثات ومباحثات الاخ الرئيس في زيارته للولايات المتحدةالامريكية مع الرئيس والمسؤولين الامريكيين والتي تمثل المحطة الثانية في جولته. وهنا يجب التأكيد على توازي البعد الاقتصادي في منحاه الثنائي مع الجانب السياسي والأمني في اتجاهه الاقليمي والدولي منطلقات قيادتي البلدين من فهم مشترك لأهمية كل منهما للآخر في الشفافية والوضوح التي اتسمت العلاقات اليمنية- الامريكية.. لذا نقول ان نجاح زيارة فخامة الرئيس للولايات المتحدة سيكون بنفس مستوى النجاح الذي حققته في اليابان وان اختلفت الولايات القضايا والموضوعات التي ستطرحها زيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح للولايات المتحدة ولقائه اليوم مع الرئيس الامريكي جورج بوش والتي ملفاتها اوسع واكثر تعدداً ولكن يبقى الفهم المتبادل هو القاعدة لعلاقات الشراكة اليمنية- الامريكية والتي بدون شك سوف تفتح هذه الزيارة آفاقاً جديدة لتعاون وتبادل المصالح والمنافع في المجال الاقتصادي وبمايواكب التعاون في المجال السياسي والأمني وخاصة فيما يتصل بمكافحة الارهاب والفقر والبطالة وتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الانسان. اما على صعيد الاوضاع في المنطقة فإن اليمن يرى في الولاياتالمتحدة باعتبارها القطب العالمي الأوحد والاقوى والاعظم فإن مصالح تقتضي التعاطي المتوازن مع قضايا المنطقة وهو ماسيكون له الأثر الحاسم في تحقيق السلام العادل والدائم فيها الذي سيعيد للولايات المتحدة كبلد ديمقراطي احترام وتقدير كل شعوب المنطقة والعالم الاسلامي والانسانية جمعاء ومنه تستمد مشروعية قيادته لعالم خال من الفقر والبطالة والارهاب. ويبقى القول ان زيارة فخامة الرئيس لليابان والولاياتالمتحدةوفرنسا ستشكل نتائجه نجاحاً مهماً وكبيراً على صعيد علاقات اليمن بهذه الدول وتطور علاقات التعاون وتبادل المصالح والمنافع وبمايرسخ الشراكة السياسية والاقتصادية والديمقراطية والتنموية والأمنية.