تزامناً مع بداية دخول العام الرابع على غزو واحتلال العراق اعترفت السيدة «كوندوليزا رايس» وزيرة خارجية امريكا الحاكمة بأمرها في عالم اليوم - بارتكاب آلاف الأخطاء التكتيكية في العراق.. وهذا الاعتراف الذي يصدر من مسؤول امريكي كبير مشارك في صنع القرار ليس جديداً وليس الأول من نوعه فحتى الرئيس «جورج دبليو بوش» ونائبه «تشيني» ووزير دفاعه «رامسفيلد» سبق لهم ان اعترفوا بما يواجهونه من مصاعب في هذا البلد بعد ان كانوا يتصورون ان ابناءه سيستقبلونهم بالزهور والورود .. ولكنهم تبينوا فيما بعد انها خدعة انطلت عليهم من قبل اولئك الذين كان لهم مصلحة من اسقاط نظام صدام حسين سواء أكانوا من المعارضين العراقيين لذلك النظام او الانظمة المجاورة. اما الجديد في اعتراف «كوندوليزا رايس» والذي يلمسه كل من يتأمل في تصريحها جيداً ويقرأ مابين السطور انه يؤكد على شدة المأزق الذي وقع فيه الرئيس « جورج دبليو بوش» واركان ادارته من جراء غزوهم واحتلالهم للعراق والذي لم يعد احد يعرف - بما في ذلك الأمريكيين انفسهم - كيف السبيل الى الخروج منه وكذلك محاولة هذه الوزيرة خلق تبرير جديد لشرعنة غزو العراق واحتلاله عندما قالت : ان الهدف الأساس من ذلك هو اسقاط نظام صدام حسين لأنه نظام ديكتاتوري متناسية تلك الضجة التي افتعلتها الادارة الأمريكية قبل الغزو حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وكانت هذه هي الحجة الرئيسية التي استخدمتها لإحتلال العراق وانقاذ شعبه وجيرانه بل والعالم كله من خطر اسلحة الدمار الشامل التي قال : عنها السيد « توني بلير» رئيس وزراء بريطانيا والحليف الرئيسي للرئيس «جورج دبليو بوش» ان نظام صدام حسين قادر على استخدامها خلال «84» دقيقة من بدء شن الحرب عليه وايصالها الى بريطانيا؟!!. وعندما انتفت هذه الحجة حين لم يعثروا على شيء من مزاعمهم الكاذبة صاروا يبررون احتلالهم للعراق بحجة القضاء على النظام الديكتاتوري في هذا البلد وهو مالم يكن معمولاً في حسابهم انه سيأتي وقت يلجأون فيه الى هذه الحجة الواهية لتبرير فشلهم الذريع بعد ان عجزوا عن اقناع الرأي العالمي بشرعية ماقاموا به الأمر الذي افقد الادارة الأمريكية وحلفاءها المصداقية، خاصة بعد ان تحولت الجنة الموعودة للشعب العراقي الى نار جهنم تلتهم المئات يومياً. ومن المفارقات التي تدعو الى السخرية وتثير الضحك هو ذلك التحذير الذي اطلقه السيد ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء المكلف والذي ورد ضمن المقابلة التي اجرتها معه ونشرتها مؤخراً صحيفة «نيويورك تايمز» لقد وجه السيد الجعفري من خلال هذه المقابلة تحذيراً شديد اللهجة للولايات المتحدةالامريكية من تدخلها في الشؤون العراقية على حد زعمه ونسي او تناسى ان من يحكم العراق وينصب الأشخاص ويعزلهم هي ادارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بل وهي القادرة ان تقول للسيد الجعفري ابق في السلطة او تنحَ ولن تستطيع ان تفعل شيئاً الا ماتريده الادارة الأمريكية طالما ظلت هي وحلفاؤها محتلين للعراق. فهل يعني ذلك التحذير الذي اطلقه السيد الجعفري انه «استهبال» لعقول العراقيين والعرب جميعاً بهدف صرف الأنظار عما يجري في هذا البلد المنكوب مع ان الحقيقة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار ولا احداً يستطيع حجبها.. نحن نتمنى ان يأتي ذلك اليوم الذي يستطيع فيه ابناء العراق المتعاونون مع الاحتلال ان يقولوا.. لا.. للإحتلال وهو مالم يمكن فعله في الوقت الحاضر لأن هؤلاء انفسهم بحاجة الى من يحميهم من الشعب العراقي نفسه.. فكيف يمكن ان نصدق تحذير الجعفري ونأخذه على محمل الجد .