تعيش بيروت أياما تاريخية سيكون لها ما بعدها وما قبلها. ليس هذا الكلام من قبيل الحماسة ولا يدخل في باب أفعال المبالغة والتعظيم انه ببساطة ينتمي إلى مشاهدة واقعية غير منحازة لما يجري في لبنان لحظة بلحظة منذ الحرب الإسرائيلية التي شنها الصهاينة ظلما على هذا البلد بذريعة خطف جنديين كان خطفهما مبرمجا هذا العام ومعلوما من الدولة العبرية ذلك أن السيد حسن نصرالله كان قد وعد بان يكون هذا العام عام تحرير الأسرى اللبنانيين في سجون العدو وهو معروف في هذا المجال أنه ما خلف يوما تعهداً قطعه على نفسه في مواجهة عدوه وأنه أبعد ما يكون عن السياسة السياسوية في الصراع مع إسرائيل لظنه أن الوعود المضخمة والإعلام المضخم لعب دوراً خطيراً في تشكيل صورة العرب المهزومين دائما في الحروب مع الدولة الصهيونية. أما تاريخية هذه الأيام فيمكن تلمسها عبر الملاحظات الجزئية التالية على الصعيد العسكري يبدو واضحا من خلال المجابهات انه لم يبق من أسطورة الدولة العبرية إلا الطيران الحربي فقد ظهر أنها قابلة للهزيمة بحراً وبراً بوسائل أقل بكثير مما كان يعتقد من قبل وان حزباً واحداً يدير عرب الإمكانات المادية والبشرية ظهرهم له هذا الحزب قادر على الصمود والمجابهة أكثر من سبعة أيام مع الاحتفاظ بالقسم الأكبر من قوته العسكرية. يجب التذكير هنا أن جيوش العرب هزمت خلال ستة أيام في حرب حزيران يونيو عام 1967 وأن حزب الله بمقاييس تلك الحرب استطاع أن يمحو عاراً تاريخياً عن العرب. والملاحظ منذ بدء الحرب أن الدولة العبرية لاتثق بقدرتها العسكرية على تحطيم حزب الله بل تراهن على الفتنة الداخلية في لبنان وعلى الانقسام العربي وعلى كل المجتمع الدولي المزعوم بما في ذلك منظمة هيومن رايتس ووتش التي برهنت مرة جديدة أنها تدافع عن حقوق الإنسان الإسرائيلي وليس عن حقوق كل الناس.صحيح أن هذه عناصر حاسمة في نتائج الحرب لا تقل أهمية عن النتائج العسكرية لكن الصحيح أيضا أن المجتمع الدولي «المضحك» كان دائما محط رهان العرب وليس عدوهم ما يعني أننا نشهد في هذه الحرب انقلابا للأدوار ويبدو فيها العالم وكأنه بات مقلوبا على رأسه. في هذه اللحظات التي تصاغ فيها هذه السطور من غير المعروف بدقة كيف ومتى تنتهي هذه الحرب الظالمة لكن يمكن أن نتوقع دون تردد أن هزيمة إسرائيل المقبلة والتامة في أية حرب جديدة مع العرب تحتاج إلى عدد من مهندسي الأسلحة وبعض ملايين من الدولارات والوقت الكافي لتصنيع صاروخ مضاد للطائرات. أليس معيباً أن يمضي العرب نصف قرن من الصراع مع إسرائيل دون إنتاج صاروخ مضاد لقوتها الجوية التي صارت اليوم حصرية؟ بغض النظر عن نتائج الحرب الدائرة لا يمكن لأحد في العالم أن ينكر حقيقة أن إسرائيل صارت دولة جوية حصراً بعد أن خسرت السيطرة على الأرض وجزءاً من الجو بفضل الصواريخ ومؤخراً البحر وكل ذلك ما كان يمكن أن يتم إلا بفعل المآسي والدمار الذي ينشره الصهاينة في كل لبنان انه ثمن باهظ فعلا لكنه على الأقل لم يذهب سُدىً. بيروت في 19 /7 / 2006م mfjalloul|@hotmail.com