المشهد الديمقراطي بأرقى تعبيراته يتجلى اليوم في المعترك الانتخابي التنافسي الرئاسي والمحلي وعلى ذلك النحو الذي تتبدا صوره الفرائحية المبهجة في المهرجانات التي يحييها المرشحون والناخبون على امتداد مساحات الوطن اليمني متحولة الى أعراس يمانية بغض النظر عما يصاحب حملات الدعاية الانتخابية من اعتمالات التنافس لكسب اصوات الناخبين عبر رفع وتيرة الدعاية الانتخابية وبالتالي حمى الخطاب السياسي الدعائي المتجاوز احياناً لموجبات التقيد بالقانون المنظم للعملية الديمقراطية بماتعنيه من حرية الرأي والتعبير والتعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الانسان.. فإن ذلك لاينبغي ان يخرج عن الحدود الطبيعية المفترضة في اي معركة انتخابية يتصرف فيها المتنافسون افراداً وتنظيمات واحزاب سياسية من موقع المسؤولية الوطنية التي تجعل المشهد الانتخابي تجسيداً اقليمياً وعربياً فريداً للديمقراطية يحسب لليمن وابنائه بكل شرائحهم وفئاتهم وقواهم الاجتماعية والسياسية، وهو في نتائجه يصب في اتجاهات انجاز مهام الحاضر وتحقيق متطلباته برؤى مستقبلية تأتي في سياق مسار استحقاقات مواصلة مسيرة البناء والتنمية بآفاق تأخذ في الاعتبار التطلعات الوطنية بفضاءاتها الواسعة المستوعبة لطموحات الجيل الجديد الذي ولد في الزمن الوحدوي العظيم وعاش في اجواء ومناخات الديمقراطية والذي بدوره سوف يرسي مداميك حياة افضل اكثر تقدماً وازدهاراً لاجيال اليمن القادمة. ان فرائحية الاعراس الانتخابية التي نعيش نشوتها المستمدة من زخم ابتهاجات المعترك الديمقراطي غير المسبوق في اليمن والمنطقة كلها، تقتضي من الجميع ان يكونوا سعداء وحريصين على بلوغ نهايتها بنجاح، في أجواء آمنة ومستقرة يمارس فيها المواطنون حقوقهم الدستورية بعيداً عن العنف والسلوكيات الخاطئة والمسيئة للقيم الديمقراطية الاصيلة التي تراكمت تقاليدها عبر مسيرة تاريخ شعبنا الحضاري العريق، وتتواصل اليوم بصورة مواكبة لمعطيات العصر ومتغيراته وتحولاته، مكتسبين بذلك موقع الصدارة والريادة في المضمار الديمقراطي الذي بكل تأكيد له مضمون اقتصادي وبعد تنموي تطوري شامل وهذا ما يجب أن يدركه اليمنيون للعمل معاً من أجل أن تجري الانتخابات الرئاسية والمحلية في 20 سبتمبر الجاري بعيداً عن العنف والمظاهر المسلحة التي بدون شك ستعكر صفوها وتسيء الى سمعة اليمن ومكانته وتشوه صورته في أنظار العالم بحيث نجعل يوم الاقتراع يوماً بلا سلاح ولامظاهر مسلحة وأن يكون ذلك تعبيراً عن قناعة والتزام وطني عام يشمل الجميع وفي مقدمتهم الاحزاب التي عليها العمل في أوساط اعضائها وأنصارها لتحقيق هذه الغاية والتي من خلالها يبرهنوا انهم في مستوى الاستحقاق الديمقراطي.. وحتى تكون الانتخابات عرساً ديمقراطياً حقيقياًَ داخل الوطن وامام محبيه وأصدقائه والعالم أجمع. ويبقى القول في خضم هذا المعترك الديمقراطي التنافسي المعبر في تميزه عن المدى الذي بلغته الديمقراطية اليمنية عبر مسارات تطورها التي بدأت إنطلاقتها مع إنبلاج فجر العهد الوحدوي المجيد، أنها قد أصبحت بعد 16 عاماًِ من عمر الوحدة المباركة راسخة في الوعي السياسي الوطني والممارسة الاجتماعية.. وأصبحت ديمقراطية حقيقية صادقة ولا يمكن بأي حال من الأحوال التشكيك بها وإعتبارها مجرد ديكور كما هو الحال في العديد من دول العالم الثالث بعد أن اضحت اجرائياً وتنافسياً تشكل نموذجاً فريداً ومتميزاً في نطاقات الدول التي تتقارب مستويات تطورها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي مع اليمن.. وهي بهذا المعنى كانت نتاج عوامل داخلية يمنية خالصة جعلتها خياراً وطنياً ارتبط بالوحدة وكانت المنجز الرديف لها ولم تمليها أو تفرضها أسباب خارجية، لتشكل مع الوحدة وجوداً إشتراطياً يتلازمان مع صانعهما في سفر تاريخ اليمن المعاصر.. والديمقراطية في هذا المنحى هي صمام أمان الحاضر والمستقبل.. والانتخابات الرئاسية والمحلية التي نحن على مسافة زمنية لا تتجاوز الاسبوعين لبلوغ استحقاقها ستمثل في مجمل نتائجها تحولاً مفصلياً في مسيرة تطور التجربة الديمقراطية وستشكل قاعدة إنطلاق صوب غد أكثر إشراقاً ليمن جديد متطور ومزدهر.