ما يزال الجدل يدور عن إمكانية انضمام اليمن إلى دول مجلس التعاون الخليجي ، على الرغم من اللقاءات والندوات والمؤتمرات التي عقدت ، و مؤتمر المانحين الذي عقد في لندن ، والذي من خلاله حصل اليمن على ما يقرب من خمسة مليارات دولار حتى تتمكن اليمن من الاندماج في دول مجلس التعاون الخليجي ،، والناس أمام هذا الحدث بين متفائل ومتشائم ، فالمتفائلون ينظرون بعمق وببعد تاريخي وحضاري إلى وضع اليمن باعتبارها الموطن الأول للحضارة العربية ، والمتشائمون ينظرون بنظرة ضيقة إلى الظروف الاقتصادية والمادية الصعبة التي تعيشها اليمن حاليا ، ويرون أن البعد شاسع بين اليمن ودول الخليج والحقيقة التي يجب أن نؤكدها أن شواهد التاريخ والجغرافيا تشير إلى أن اليمن كان له وما يزال علاقة تاريخية وحضارية مع دول الجزيرة والخليج ، وان اليمن في ماضيه وحاضره يمثل عمقا تاريخيا واستراتيجيا لدول مجلس الخليجي ، فا لتاريخ القديم يشير إلى أن اليمانيين هم اصل كل عربي ، وبالتالي فان صلة القرابة والنسب قائمة بين اليمن ودول الخليج وان اليمنيين أصحاب حضارة ضاربة في أعماق التاريخ ، أشار إلى ذلك القران الكريم في سورة سبأ ووصف اليمن بأرض الجنتين حيث قال جل وعلا: (( لقد كان لسباٍ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ) صدق الله العظيم ، وما زالت الآثار اليمنية تكشف كل يوم عن الرخاء العميم والثروة الوفيرة والقوة المنيعة التي عاشها اليمنيون القدماء في جنوب الجزيرة العربية،وفي إشارة سريعة إلى تاريخ اليمن الإسلامي فقد ميز الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام اليمنيين في الحديث الذي ما معناه ( جاءكم أهل اليمن هم ارقُ قلوباً وألين أفئدة ، الأيمان،يمانٍ والحكمة يمانية ) وشواهد التاريخ الإسلامي تؤكد الدور البطولي والبارز الذي حمله اليمنيون في نصرة الدعوة الإسلامية منذ فجرها الأول وواصلوا فتوحات الإسلام إلى شما ل افريقيا والأندلس ، و يكفي فخرا أن التجار اليمنيين كان لهم الفضل في نشر الإسلام في شرق آسيا عن طريق تجارتهم ومعاملاتهم وأخلاقهم الحسنة التي أغرت العديد من أصحاب تلك البلدان في دخول الإسلام لذلك على المتشائمين الا ينظروا إلى اليمن في ظروفه الحالية المقرونة بالعوز والفقر والبطالة فهذه أعراض مؤقتة يمكن أن تزول، فالإنسان اليمني المعاصر يحمل في أعماقه حضارة تمتد إلى آلاف السنين قبل الميلاد ،ولذلك فهو وقادر على التكيف السريع والتحضر إذا ما توافرت له الامكانات والبيئة المناسبة .. الشاهد الآخر : أن الرجل اليمني العجوز الساكن في قمم الجبال اليمنية العالية ، رغم الحياة المادية البسيطة التي يعيشها إلا انك إذا ما جلست معه محاوراً اكتشفت أن هذا الإنسان البسيط تختزل فيه ثقافة وحضارة الإنسان العربي المسلم ، ويملك روحاً عالية ونفساً مطمئنة ولديه من الإيمان والسعادة ما يفتقده أصحاب الملايين والمليارات ، شاهد آخر: أن اليمن في تاريخها الحديث تمتلك كل أسباب النهوض والحضارة.. فاليمن لديها ثروة بشرية تزيد عن 21 مليون نسمة ، ومازالت ثرواتها النفطية والمعدنية في باطن الأرض لم يظهر منها إلا القليل ، بالإضافة إلى المساحة الجغرافية الشاسعة وتعدد المناخات،، يكفي انك تجد في اليمن فاكهة الشتاء والصيف في وقت واحد ، بالإضافة إلى شواطئها التي تصل إلى أكثر من 2300كم طولي بعضها لم تطأها قدم إنسان ، بالإضافة إلى معالمها السياحية الطبيعية والتاريخية وهوائها المعتدل طوال العام ، كل ذلك وغيره كثير بحاجة إلى رأٍس مال عربي لاستثماره والاستفادة منه ،، فالاقربون أولى بالمعروف الجدير ذكره أنه قد تحق لليمن في عهد الرئيس علي عبد الله صالح منجزات عملاقة تعد مفاصل تاريخية في حياة اليمنيين ، كتحقيق: الوحدة اليمنية ، واكتشاف النفط ، وترسيم الحدود مع الجيران ، وإعادة بناء سد مأرب ، وممارسة الديمقراطية وتكريس مبدأ التداول السلمي للسلطة ،، وبانضمام اليمن إلى مجلس التعاون- إن شاء الله -، يكون بذلك الر يئس الصالح قد دخل التاريخ من أوسع الأبواب وحقق لليمن ما لم يحققه غيره وقد تجلت مواقف الأخ الرئيس في مؤتمر المانحين بلندن حيث كان لخطابه الصادق والواضح اثر كبير في حصول اليمن على تلك المنح السخية من دول مجلس التعاون الخليجي التي ساهمت بأكثر من 90% من المبالغ التي حصلت عليها اليمن ، ولن تنسى له الأجيال تلك المنجزات.. نقول ذلك لأننا من المتفائلين بانضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي في المستقبل القريب، وخاصة بعد ما لمسناه هذه الأيام من رغبة صادقة وخطوات جادة تحدث من الإخوة الأشقاء في دول الخليج لتحقيق تلك الغاية وأخيرا إن انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي بقدر ما يمثل مكسباً لليمنيين إلا انه أيضاً يمثل مكسباً كبيراً لدول الخليج ، فا ليمن سيظل المكان والعمق الاستراتيجي لكل ذوي القربى من إخواننا في الجزيرة والخليج ،،،،، ألم يأت في الأثر ( إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن ) وفتن هذه الأيام كثيرة من يدري ما تخبئه الأيام،، فقد أثبتت الإحداث الأخيرة أنة لا صدقات دائمة مع الغريب ، فا لغريب لاتهمه إلا المصالح الدائمة . وفقك الله زعماءنا لكل مافيه خير شعوبهم والله من وراء القصد . # أستاذ معار/بجامعة البحرين