من يستمع إلى يحيى الحوثي أو يقرأ له يدرك تماماً أن هذا الرجل صار خالياً من أدنى القيم التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات والمشكلة أنه يعتقد أنه يوفر غطاءاً إعلامياً يقترب إلى حد ما من وزير الدعاية الألمانية غوبلز ، وأنه أفضل من يسوق الحقيقة وبوقاحة يريد أن يقنع العالم بمبرر غبي حول ما يجري في صعدة ( ماذا ستفعل بمن يأتي إلى بيتك يريد أن يقاتلك )، لاشك أنك ستقول أن جمال الإنسان في عقله . ترى ..هل يمكن لأي عاقل أن يتقبل هذه العبارة أو يصدق أحدا أن الرئيس على عبدالله صالح وجه بجرة قلم بشن الحرب الأولى والثانية والثالثة لأن هناك مواطنين صالحين في جبال مران وحيدان أكثر سلماً من يهود أل سالم وريده وأهالي حضرموت والحديدة وغيرهم وان حوزاتهم واحة للدين ومعقلاً للتنوير ، وأكثر تحرراً من عاشوراء والغدير وأكثر ترفعاً من الخلافات المذهبية . هل يمكن أن تصدق أن الرئيس استعان في حربه الباردة مع أمريكا بحسين الحوثي لإحراجها في زاوية ضيقة كما يدعي ( عاقل )أسرة الحوثي (يحيى ) الذي يقول انه تعرض بسبب خطورته للاغتيال أربع مرات من قبل السلطة. لقد نسى " يحيى الحوثي" أن أخوه " حسين "كان يحشو عقول الأطفال ببارود الفتنة ويوغر صدورهم بالحقد والكراهية ، مستغلاً تلك الحرية المطلقة ومناخ الرعاية التي لم تضع في الحسبان ، تفقيس العنف وتفريخ الفتنة التي تغذيها روافد نتنة وأفكارا مشدودةً لجاهلية الماضي واصطفائها لإحياء ثأر صفين وموقعة الجمل ومناصبة أحد أطرافها العداء بأثر رجعي . لكننا نحن لم ننسى الغزوات التي شنها عناصر المتمرد الصريع على النقاط الأمنية والإفراج عن المسجونين بقوة السلاح وقتل الجنود والتقطع للمارة ونهب السيارات وإطلاق الأعيرة النارية ليلا على المكاتب الحكومية وترويع المواطنين والاستهانة بالدولة إلى درجة يصعب قبولها ، والأسوأ أنها تجاوزت مداها إلى العاصمة التي صارت مسرحاً للتخريب ونقطة للتحركات المشبوهة نحو الخارج في سبيل التقرب اكثر وسعت جاهدةً لبلورة نواة للمد القادم من وراء الخليج . لم ننسى جسور العلاقة مع السيستاني وجبهات المدد وسلسلة تفجيرات صنعاء ولا ذلك العجوز الذي غادر العاصمة بلحيته البيضاء باتجاه صعدة للنفخ في رماد الفتنة . لم ننسى في المقابل قرارات العفو المتتالية وتوجهات الرئيس على عبدالله صالح بالإفراج عن مئات المعتقلين والديلمي ومفتاح وقاضي حراز ووثائق الانقلاب الفاشل ، كما لم ينسى أحد محطات الحوار التي شارك فيها أعضاء مجلسي النواب والشورى والأحزاب السياسية والمشائخ والعلماء والوجاهات والمسئولين ، ولا حتى مناشدات المجتمع المدني وجميع الفئات والشرائح والفعاليات التي دعتهم للكف عن إشعال الفتنة في جو مشبع بالتسامح والأخوة وفي مجتمع وئد الخلافات العابرة للحدود التي تعتقد انها الظاهرة على الحق ولا مجال فيها للاختلاف . . لقد غمر على عبدالله صالح هؤلاء المتمردين بالتسامح والعفو هؤلاء بينهم يحيى الحوثي رغم أنهم تسببوا في خسارة فادحة لليمن مادية ومعنوية لا تقدر بثمن خلافاً لدماء الشهداء ، ووجه بعد كل ذلك بإعادة إعمار ما تضرر من منازلهم ومناطقهم والموظفين إلى أعمالهم ووجه باعتماد رواتب لرؤوس الفتنة وطلب من الأماميين بصائرهم لتعويضهم عن أراضيهم التي نهبها الإمام لهم وحشد كل الإمكانيات لتخليص مدينة صعدة من مورثاتهم إلى درجة أن خصصت كل وزارة قائمة بمشاريع في صدارة مهامها.بعد كل هذا هاهم يعودون من جديد لقتل (42) جندياً وإصابة (80) آخرين من أؤلئك الذين ينشدون الأمن والاستقرار لصعده وأبنائها . لكن يا ترى متى سيدرك يحيى الحوثي أن المعركة لم تعد مقدسة و أن أؤلئك المتخندقين في جبال النقعة ومجز والطلح لم يعودا مظلومين في حرب تواطأ فيها الجميع وأنهم روساً مفخخة بالموت والدمار، كما أدرك الخيواني بعد حين من الحرب الأولى في صعدة. ترى هل سيجد هؤلاء الذين عشقوا القنص وسفك الدماء دون هدف إنساناً تضيق صدور الناس جميعاً عليهم ويتسع صدره أكثر لتكرار دعوتهم للعودة إلى منازلهم مقابل أسلحتهم الفتاكة التي لا ينبغي أن تصير رمزاً للاختلاف المسنود بالعقيدة المغلوطة ، إن التعصب جعلهم لا يشعرون إنهم في فتنة هي أشد من القتل، تهدد مستقبلنا ومصير وحدتنا وأخوتنا . إن أجمل ما في تلك السماحة أنها صفة أخلاقية تسلح بها على عبدالله صالح منذ نعومة أظفاره رغم قدرته على الرد المضاعف ، إنها ليست مجاملة عابرة ، فمحطات العفو كثيرة منذ أول خطوة له إلى السلطة ، مروراً بطلقاء الانفصال والمغرر بهم والأماميين ، ، ونفسه الطويل جداً لتقبل النقد الذي يضيق به ناقدوه ، وليس أخيراً جملة من قرارات العفو على تلت أحداث صعدة ولكن خوضه معركة ساخنة من النقد استمرت قرابة شهرين نسف خصمه كل شئ حتى الحقيقة وتنصلوا من الأحداث على مدار (28) سنة ورموا بها على علي عبدالله صالح ... ..لكنه لم يضيق حفظه الله . لكن في المقابل نتساءل هل ماتت ضمائر يحيى الحوثي وأمثاله عن رؤية الحقيقة بعد أن تنكروا لكل شئ ...إنني أذكرهم بعبارة جميلة للأستاذ نبيل الصوفي " ليتهم يدركون ماذا يفعلون بنا وبأنفسهم وبهذه البلاد " . [email protected]