لنختلف حول القادة، وحرام ان نختلف حول الوطن، لنختلف حول النظام وكفر ان نختلف حول المصالح العامة، والثوابت والقيم النبيلة، لنختلف حول الممارسات.. وخيانة ان نختلف حول هويتنا ومستقبل الاجيال. صدقوني.. كم اكبرت الشيخ حميد بن عبدالله الاحمر.. عندما قال لأحدهم: «لا يحق لك ان تتحدث باسم الجنوب..» نعم.. فلا يجوز لأحدنا في طول اليمن وعرضه ان يتحدث باسم جنوب او شمال او شرق او غرب، ومن ابوه هذا الذي بيده وثيقه ملكية بجزء او بشطر من اليمن.. هذا الوطن الذي هو ملك لكل يمني جاء الى الحياة وتشكل من ترابه ومياهه.. نعرف ان ارضنا - وليس شعبنا - تشطرت لعقود من الزمن بفعل قوى خارجية وانظمة متخلفة، ونحن ومن قبلنا اباؤنا واجدادنا.. من حافظ على بنيته الثقافية الواحدة.. وصانها من شرخ التشطير الذي رسم على الارض. ونعلم جيداً.. ان انتصارات الشعوب بحاجة الى قيادة عظيمة، وان قيادة دخلت التاريخ من اوسع ابوابه، قادتنا الى استعادة وحدة ارضنا، مثلما وجدت قيادات صنعنا معها مجد الثورة اليمنية- سبتمبر واكتوبر- فتخلصنا من حكم امامي متخلف، وطردنا مستعمراً لم يترك وراءه سوى التخلف. نعلم كل ذلك.. ونعلمه لأبنائنا كما نعلمهم الاّ يقبلوا من احد من وادعاء فضل على الآخرين بصنع وحدة او احراز نصر.. او تفجير ثورة.. نعترف بفضل القيادة لكنها بدوننا كشعب يقود شرائحه مناضلون ووطنيون، وتوجه مسيراته وبنادقه اقلام شريفة وضمائر مخلصة، ما كان لها ان تحقق شيئاً يذكر. الثورة بدوننا كشعب هي انقلاب عسكري والوحدة بدوننا كشعب هي اتفاق بين نظامين والانتصار بدوننا ايضاً ما هو الا وهم في خيال من يدعيه. هذا ما نؤمن به ونعلمه لأبنائنا كما نعلمهم ان يحتقروا من تدفعه مصلحته اوفشله اوعمالته او رواسبه المتعفنة ان يتحدث باسم شمال او جنوب او جزء من الوطن او فئة من فئاته او شريحة من شرائحه بغرض التكسب او لفت الانظار اليه او المزايدة الوقحة باسم من يدعي ملكيتهم والتحدث باسمهم.. في ظل وجود نظام ديمقراطي واحزاب ومنظمات مجتمع مدني. حقير من يفعل ذلك، والاحقر منه من يكون دافعه عملاً خسره او وظيفة يسعى اليها، او مصلحة يلهث بعد بريقها.. والاحقر من الاثنين معاً من يفعل ذلك.. عمالة وخيانة ومؤامرة ضد وطنه وشعبه.. استأجروه للعمل في حضيضها.. من يفعل ذلك او يسمح لنفسه للتحدث باسم جزء من اليمن الواحد هو لا محالة معتوه منعزل عن الناس يرى نفسه في مرآة مجسمة، او مغفل احمق ظن ان بإمكانه ان يضع منخلاً على قرص الشمس.. ليحجب ضوءه عن الناس. ومغفل ايضاً من يرى الوحدة في اليمن عملاً تم بين شعبين، وليس انجازاً جماهيرياً جاء ثمرة لمسيرة نضالية رويت ساحتها بدمائنا وعذاباتنا ونحن نتسلم رايتها جيلاً بعد جيل، لنستعيد وحدة ارض شطرتها التدخلات الاستعمارية الخارجية بخطوط تركية واخرى بريطانية وانظمة متخلفة .. ليس الى شطرين فقط بل الى ثلاثة وعشرين شطراً او اكثر وبمختلف انواع التسميات السياسية من مملكة الى سلطنة الى دويلة الى مشيخة.. الخ. حدث كل ذلك وكان الشعب اليمني هو الاقوى بحفاظه على وحدة بنيته الثقافية وباصراره على توحيد ارضه وغسل جبينها من عار تلك التقسيمات..اعراض الشعوب اوطانها.. والعار الذي يمس عرض الانسان كفرد ولا يغسل الا بالدم هو نفسه العار الذي يمس عرض شعب بأكمله .. ولهذا رأينا في تشطير ارضنا الى اكثر من عشرين ونيف من الاشطار عاراً يجب ان يمحى.. وبذلنا الدماء في مسيرة نضال خالدة لمحو ذلك العار، وكان لنا النصر بقيادة حكيمة مخلصة صادقة لا ننسى فضلها..وبعد كل ذلك من هذا الذي لا يستحى مما يقول او يفعل، ولمصلحة شخصية انانية، لا يتورع من تلطيخ جبينه بعار التحدث بنغمة انفصالية عن جنوب او كل شمال. لا يحق له، ولا يحق لغيره.. ولنختلف في كل شيء إلا في الوطن الذي نحتقر من يعتقد ان اباه عن جده قد ملكه جزءاً منه بوثيقة معمدة في وزارة المستعمرات البريطانية اوديوان الخلافة التركية. شكراً لك يا حميد.. على مقولتك الآنفة الذكر ولقد صدقته.. وما احوجه لتصديقك.