{ .. الاستنكار الشعبي الواسع وحالة الاستياء والغضب التي انتابت الشارع اليمني ، عقب الحادث الإجرامي ، الذي استهدف المصلين في جامع بن سلمان بمدينة صعدة ، يوم الجمعة الماضي ، كان هو الرد الطبيعي على تلك الجريمة الإرهابية الجبانة ، التي تعد من الأفعال القبيحة الدخيلة على المجتمع اليمني المعروف بتدينه ووسطيته وتسامحه وتمسكه بالقيم الإسلامية الأصيلة ، التي تنبذ الأحقاد والكراهية والتطرف والغلو والتشدد. - وفي ذلك دلالة حية على أن هذا البلد ، الذي وصفه خاتم الأنبياء والرسل محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والتسليم ببلد الإيمان والحكمة وأبنائه بالأرق قلوبا والألين أفئدة ، يستحيل أن يتعايش أو أن يقبل بذلك النوع من أعمال الإرهاب التي تتغذى من فكر منحرف وضال يعتمد القتل وسفك الدماء والتخريب منهجا له ولا يعتنق مثل هذا الفكر المنغلق سوى أشخاص تجردوا من كل المعاني الأخلاقية والدينية والإنسانية واستبدلوا الخير بالشر والصلاح بالضلال والحق بالباطل والسلم بالعدوان لتحل عاهة الفجور والعصيان في نفوسهم وقلوبهم التي أُفرغت من أي خلجة تنم عن إيمان أو إحساس إنساني. - ويتجلى أبشع هذه الشواهد في ذلك التفجير الإرهابي الذي استهدف مواطنين أبرياء بعد أدائهم لصلاة الجمعة في أحد بيوت الله بمدينة صعدة ، حيث يستدل من ذلك الحادث أن من تلبست بهم نوازع الإرهاب والتطرف ، صاروا أكثر عدوانية وخطرا على مجتمعاتهم وأوطانهم بل وعلى الإسلام وعقيدته ، حتى وإن تشدقوا باسمه أو تدثروا بعباءته. - فمن لا يرعى حرمة بيوت الله وحرمة النفس التي حرم الله ، ويتجه إلى سفك الدماء بدلا من حقنها ، وتخريب الأرض التي كان بإمكانه المساهمة في إعمارها وزرعها ، وقطع السبل وإشعال الحرائق والفتن ، والاعتداء على المصالح الخاصة والعامة .. إلى آخر الأفعال الشنيعة لا يمكن له أن يكون مسلما أو يحمل ذرة من إيمان. - ومما لا يقبل الجدل أن ما عبر عنه أبناء شعبنا من أقصى اليمن إلى أقصاه من رفض واستنكار لذلك العمل الإجرامي الذي شهدته مدينة صعدة يوم الجمعة الماضي ، قد حمل في طياته ردا عمليا على كل من يزين له خياله المريض وفكره المنحرف أن بوسعه إغراق اليمن في محرقة العنف والتطرف والإرهاب وتحويلها إلى ساحة لهذه الآفة الخبيثة ، التي صارت تتخذ اليوم صفة العالمية ، وتستميت عناصرها الإجرامية من أجل اختراق المجتمعات كافة بذلك الداء الذي لا ينتج عنه سوى الدمار والخراب والكوارث. - وفي ما حمله ذلك الرد ما يكفي من التأكيدات على أن المجتمع اليمني يصعب اختراقه بظاهرة الإرهاب باعتباره من المجتمعات الإسلامية المحصنة بنضوج الوعي وقوة الإيمان بالعقيدة والالتزام بقيمها. السمحة حيث وأن ما تضمنته بيانات التنديد والاستنكار قد عكس تماما أنه لا يمكن لأي طائش النفاذ إلى هذا المجتمع للنيل من صلابة ومتانة وحدته الداخلية التي صارت بالنسبة لجميع اليمنيين في مقدمة الأولويات التي يحرصون عليها ، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي يتعرض فيها الوجود العربي والإسلامي لشتى أنواع الاستهدافات التي يتوجب مواجهتها جماعيا والعمل على إسقاط رهاناتها انطلاقا من أن مسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار هذا الوطن تقع على عاتق كل أبنائه. - وفي ذلك إعلان صريح أنه لا مكان في هذا الوطن لأي إرهابي أو متطرف أو ضال أو منحرف أو مخرب ، وأن تلك الجريمة البشعة التي استهدفت حياة عدد من المصلين في مسجد بن سلمان بمدينة صعدة لن تمر مرور الكرام فمن اقترفوا الجريمة وحرضوا عليها لا بد وأن ينالوا عقابهم وجزاءهم العادل ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه الإضرار بمصالح الوطن والمجتمع، وعلى قدر الجريمة سيكون العقاب.