تمت انتخابات أمين العاصمة والمحافظين بنجاح كبير وفعالية ديمقراطية مشهودة شارك فيها من شارك وقاطع من قاطع وتلقت المواقف المقاطعة او قيادات المشترك التي دعت إلى ذلك رسالة من أعضاء أحزابها الذين آثروا المشاركة تذكرهم وتعيد إلى اذهانهم الحقيقة المغيبه بأن الوطن قد انتقل إلى العهد الديمقراطي وان لذلك حساباته والتزاماته الوطنية والإنسانية القائمة على الاعتراف بالحقوق والحريات داخل الأحزاب ذاتها . والحقيقة الديمقراطية الراسخة أن مسألة الحقوق والحريات لا تتماشى مع مفاهيم الإملاء ومعايير الاستثناء والعمل حينا وحبسها حيناً آخر أو مطالبة الآخرين بها والامتناع عن الوفاء بمقتضياتها من جهة أخرى. ويهمنا في هذا المقام ايضا تذكير من اتخذوا جانب المقاطعة بموقفهم المشابه من انتخابات برلمانية سابقة وهداهم تقييمهم بعدها إلى خطأ ما اقدموا عليه وان المشاركة أولى بهم وأصلح لهم مهما كانت الظروف وأياً كانت المحصلة. ورغم ذلك عادت حليمة إلى عادتها القديمة ولا تزال الاحتمالات القوية في مجال الورود ليأتي اليوم الذي يعيدون فيه نقد تصرفهم وتكرار عادة جلد الذات. ومما كنا نتمناه لهم بتوجيه النقد إلى مقاطعتهم ودعوتهم لإعادة النظر فيه هو ألاّ يظلوا أسرى الاستجرار لنفس المسلسل التاريخي للجلد والبقاء في نفق الأخطاء المظلم. ولا يزال الأمل يحدونا أن يأتي المستقبل بالجديد الذي يحقق لهم النقلة التاريخية في اتجاه الأداء المتجدد والهدف التطويري . وتظل أبواب المستقبل الأفضل مشرعة أمام من يهمه أمر المشاركة في تحمل المسئولية عن تحقيق النهوض الوطني الشامل وكل بحسب ما يمليه عليه ضميره. وتنطلق الخطوات في هذا الاتجاه من الوقفة الأمينة مع النفس والوطن أمام حقيقة أن الحياة لا تتوقف وأن التاريخ لا يعود إلى الوراء. ولقد جرت عملية انتخابات المحافظين ويكفيها شرفاً أنها أسست لنقلة ديمقراطية كبرى ودشنت لخطوه متقدمة في اتجاه استكمال المسيرة الحضارية لتثيبت دعائم حكم الشعب نفسه بنفسه. ومع الانتهاء من إجراء الانتخابات يبدأ المشوار العملي للتجسيد الواقعي النموذجي لأهدافها التي ارتبطت بإقامة حكم محلي واسع الصلاحيات وتشهد بمقتضاه الأيام القادمات التحركات والفعاليات النشطة صوب إنجاز المتطلبات القانونية والإجرائية، إدارية وفنية، لقيام السلطة المحلية بمسئولياتها المرتبطة بالتنمية المحلية في نطاق النهضة الوطنية الشاملة . ونحن مقبلون بالفعل على واحدة من أكبر عمليات الإصلاح المالي والإداري والاقتصادي المؤهلة لأن تصبح التتويج الحقيقي لعملية الإصلاحات الشاملة التي شهدنا تنفيذ عدد من برامجها. وينبئ هذا التحول الديمقراطي من بين ما في جعبته من مؤشرات إيجابية عن قرب أجل الدعاوى المريضة ومراميها العدوانية التي عمدت إلى التدثر أو التستر وراء المطالب والحقوق المتعلقة بالأفراد أو المتصلة بالمناطق في عملية استغلالية سافرة لمعاناة المواطنين وتجييرها لمصالح ذاتية محصورة ومتجردة من أي طابع وخلق إنساني ووطني. ونرى في ما نرى أننا ووطننا مقبلون على مرحلة تنموية جديدة وأن المتآمرين مدبرون وإلى زوال.