الحوار في ما بين فرقا المشهد السياسي الوطني سواء كانوا في السلطة أو في المعارضة يمثل ظاهرة حضارية كما هو هدف وطني وغاية نسعى إليها وعلى قاعدة من الثوابت الوطنية التي يجب الإجماع عليها وعلى ضوئها يكون الحوار وتتشكل العلاقة السياسية الوطنية بين الفعاليات الوطنية المعنية بتداعيات الراهن الوطني بغض النظر عن نسبة حضور أطرافها في معادلة هذا الراهن فالأمر هنا يتصل بالنوايا وليس بالندية..!! ربما حملت دعوة الحزب الحاكم للحوار والتي أطلقها مؤخرا ليضيفها إلى سلسلة الدعوات والمبادرات التي أطلقها للمعارضة في ما سبق، أقول ربما حملت الدعوة الأخيرة ما يثير الدهشة من الشرط الذي وضعه الناطق باسم الحزب الحاكم ويتمثل الشرط في استعداد الحاكم للحوار مع المعارضة شرط أن تدين هذه المعارضة جرائم المتمردين وممارسات المحرضين في بعض مناطق الوطن اليمني من دعاة الانفصال والتحريض على السلم الأهلي.. هذا الشرط لذي اشترطه الحزب الحاكم ماذا يعني لأي مراقب سياسي أيا كانت هويته، أن الفعاليات المعارضة في البلاد لا تقوم على منهج وطني ولا رؤية وليس لديها مشروع يمكن الأخذ به أو التوقف أمامه وإن من باب المحاججة.. ومن العيب هنا أن تكون المعارضة حتى اللحظة لم تدن المتمردين والقتلة الإرهابيين والخارجين على القانون، أو تكون حتى اللحظة لم تدين مثيري النزاعات والثقافة الانفصالية ومن يمارسون الأفعال التحريضية بهدف زرع الفتن والأحقاد في الوسط الاجتماعي وتمزيق روابط النسيج الوطني من خلال مثل هذه التصرفات غير المسؤولة. إن من غير الحكمة أن يتوهم بعضنا أن لا علاقة بين أحداث الفتنة الحوثية وتداعيات الحراك المزعوم في بعض المحافظات الجنوبية والدعوات الانفصالية والتحريض الذي يمارسه البعض في هذه المناطق وهم بما يقومون به من أفعال وممارسات غير وطنية ومخالفة للدستور والقانون والعلاقة الاجتماعية ولكثير من حقائق الجغرافية والتاريخ والتراث الحضاري الوطني.. أقول من غير الحكمة أن لا تربط أحداث التمرد المسلح بحراك التحريض المسمم للقيم وللحقائق والثقافة الوطنية، بل من المهم الربط بين هذا وذاك ومعهما كل الظواهر السلبية التي تمارس من قبل البعض وتمثل ما يمكن وصفه بظواهر داعمة لطروحات الأطراف المتمردين والمحرضة، فكل الظواهر السلبية تأتي في سياق هذا المخطط التآمري الذي يستهدف الوطن والتحولات والنظام والمنجزات ويستهدف في المحصلة أمن اليمن واستقراره خدمة لمحاور نافذة إقليمية قد تكون أو دولية، لكن ما هو أكيد وثابت أن كل ما يحدث في البلاد نتاج مخططات متعددة قد تكون لكنها تجد من بعض في الدخل تواطؤاً لدوافع سياسية قد لا تكون شريفة ولكنها قطعا حاضرة في حسابات الذين فشلوا في تحقيق مكاسب بطرق شرعية فكان أن اتخذوا من كل أزمة راحلة تقلهم إلى حيث تصل وتتوقف وتلك من الدوافع التي حدت بالحزب الحاكم لقبول الحوار مع هذه الفعاليات شريطة أن تقوم هذه الفعاليات بإدانة التمرد ودعوات التحريض..!! لا أعتقد أن مثل هذه الدعوة بشرطها قد حدثت في أي بلاد غير بلادنا، وهذا يدل على المدى الذي بلغه البعض في رحلة الاستهتار بكل الثوابت الوطنية والدستورية والقانونية وبمصالح الشعب والوطن، إذ من غير المعقول أن تواصل المعارضة استثمار الأزمات وخاصة المتصلة منها بمخاطر أمنية وسيادية وهي بالتالي لا تقبل المساومة والمجازفة عليها أو التهاون أمامها، فالمعارضة كان عليها ومنذ البداية أن تحسم مواقفها من كثير من الأزمات التي تمس السيادة الوطنية والأمن الوطني ولكنها للأسف لم تفعل فجاءت دعوة الحزب الحاكم للحوار مشفوعة بشرط يقلل من دور ومكانة وفعاليات المعارضة ليس في الداخل الوطني أو بنظر الشعب، بل الأمر يتصل بعلاقة المعارضة وصورتها أمام شعبها والعالم الخارجي، بل من أين لأي شقيق صاحب قضية في فلسطين كان أو العراق أو الصومال والسودان، من أين لهؤلاء الأشقاء أن يثقوا بطرح المعارضة اليمنية ومواقفها من قضاياهم إن كانت لم تقف موقفا إيجابيا من قضايا شعبها ووطنها ومواطنيها وناخبيها وجمهورها المفترض أن تنحاز دوما ودون تردد إلى صفهم وإلى كل ما يخدم أمنهم واستقرارهم ويدعم وحدتهم وتماسكهم الوطني ومسارهم الحضاري ويحافظ على كل شيء جميل تحقق لهذا الشعب في هذا الوطن.. ويظل السؤال لماذا لم تقدم المعارضة على إدانة - التمرد، ولم تدن دعوات التحريض وثقافة الماضي والحنين إليه من قبل قلة لا تمثل الشعب على كل حال ولكنها تستغل المناخ الديمقراطي وحسب كما هو الحال مع المتمردين الذين لا يختلفون عن المحرضين وجميعهم يؤدون خدماتهم لأعداء الوطن وبمقابل متعدد حتما..!! لكنا مع كل هذا نتساءل عن موقف المعارضة التي تتحدث عن ديمقراطية وتمارس كل ما يدفع إلى وأدها، وتتحدث عن الحرية وتمارس في خطابها ومواقفها كل ما هو شمولي متخلف.. وتتحدث عن دولة النظام والقانون وهي تقف حجر عثرة في طريق دولة النظام والقانون بعد تمسكها بمواقف لا تخدم هذه الغاية.. إذاً ما هو المطلوب الذي تريده المعارضة..؟ ولو كانت هي من تحكم هل ستقبل أن تكون لها معارضة تعارضها بذات الطريقة والخطاب والموقف الذي تمارسه هي اليوم..؟؟ ألا يستحق حملة البنادق في وجه الدولة موقفاً من المعارضة أيا كانت دوافعهم.. ألا يستحق من يحرض وينشر ثقافة الفرقة والتمزق إدانة المعارضة.. أليس هذه المعارضة هي معارضة يمنية..؟؟ أم أن الأمر تشابه علينا. [email protected]