من حق شعبنا اليمني الأصيل أن يبتسم اليوم الابتسامة العريضة ويبتهج الإبتهاجة الرائعة ويحتفل بأعياده الوطنية الخالدة ويعيش أفراحه واتراحه بكل كبرياء وإباء وشموخ لأنه هو وحده من صنع بإرادته الحرة ويداه المباركة وعزيمته الشكيمة المقومات والمرتكزات الحقيقية لحياته الكريمة ومستقبله الزاهي وهو وحده من دفع الغالي رخيصاً من أجل تحقيق أماله وتطلعاته والوصول إلى ما وصل إليه اليوم من تقدم ورقي وازدهار في شتى مجالات الحياة. نعم لشعبنا اليمني الفخر والاعتزاز أن يقف اليوم رافعاً هاماته إلى الأعلى مباركاً ومهنئاً نفسه بأعياده الوطنية المقدسة التي أنتصر فيها لإرادته وحقوقه محرراً فيها نفسه من براثن الطغاة وأنظمة جرعته أقسى ومرارة الأيام سنيناً طويلة ومارست ضده أبشع وأفظع أشكال وأساليب الظلم والجور والاستبداد والاستعباد فضلاً عن ممارستها لأشنع الوسائل والصور الاستعمارية واللاإنسانية المتنافية مع كل التعاليم والأنظمة والأحكام الإنسانية والدينية والأخلاقية شكلاً ومنظموناً. كيف لا وقد كان من أهم أسباب ثورتي ل26من سبتمبر وال14من أكتوبر الرغبة في التحرر من الاستبداد والاستعمار والقضاء على النظامين الاستبدادي والاستعماري والتخلص من براثينه الظالمة سواءً في شمال الوطن أو جنوبه وهو ما تم بالفعل يوم نهض شعبنا اليمني العريق من سباته العميق بكل فئاته وشرائحه مستعداً لتحقيق تلك الغايات الأبدية والآمال العريضة من جهة ومنتصراً لإرادته الكريمة وحقوقه المسلوبة من جهة أخرى على كهنة وسماسرة الاستبداد والاستعمار حتى أنه تمكن وبكل جدارة واستبسال وشجاعة وقوة من الانتصار لنفسه في مواجهاته الشرسة التي خاضها مع عناصر النظام الأمامي المتخلف والنظام الاستعماري البائد وسطر فيها أروع المواقف البطولية والنضالية في كل المناطق والاتجاهات فرغم قلة الإمكانيات إلا أنه أثبت كفاءة عالية وقدرة فائقة في دك وسحق كل الأوكار والأعمدة والجسور التي كانت تستند عليها تلك الأنظمة المستبدة والمستعمرة له. فإضافة إلى ثورة ال26من سبتمبر 1962م ضد النظام الأمامي الكهنوتي في الشمال جاءت ثورة ال14من أكتوبر 1963م ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب لتترجم صدق المشاعر والأحاسيس الوطنية الواحدة وصدق الأهداف والطموحات المشتركة لشعبنا اليمني العريق وتؤكد في الوقت ذاته الرغبة الداخلية والإرادة القوية في التخلص والانعتاق من الظلم والجور والاستبداد الواقع عليه من قبل أنظمة الفسق والظلال ليس هذا فحسب فلقد جسدتا بواحديتها صدق التوجه الشعبي والتلاحم الوطني في إيجاد القواعد الأساسية للانطلاقة الكبيرة نحو تحقيق الوحدة الوطنية في ال22 من مايو 1990م وصناعة مستقبل اليمن الجديد واستعادة مجده وعزته ومكانته الدولية والإقليمية. إن يوم ال14 من أكتوبر 1963م يوم خالد في ذاكرة ووجدان شعبنا اليمني لأنه يحمل العديد من المعاني والدلالات السامية والنبيلة التي يستحيل طمسها والتشويش فيها من ذاكرة التاريخ فال14 من أكتوبر 1963م جاء نتيجة حتمية لعدد من العوامل والأسباب ونتيجة طبيعية لحاجة ماسة أوجدتها قساوة الأيام والسنين وولدتها طبيعة النظامين الجائرين الأمامي والاستعماري وتعد رغبة شعبنا اليمني وتتوقه للحرية والحياة الحرة الكريمة من أهم ما دفعته إلى المطالبة بالتحرر والاستقلال ومطالبته باستعادة حقوقه المسلوبة وهذا كله ما كان له أن يحصل عليه شعبنا إلا بقوة الإرادة ووحدة الصف وتلاحم الجسد الأمر الذي تجسد فعلاً بإعلانه لقيام ثورة ال14 من أكتوبر 1963م ضد الاستعماري البريطاني الغاشم ومطاردته لفلولة ما يقارب الخمس سنوات براً وبحراً حتى تمكن فعلاً من التخلص منه وكان إعلان خروج أخر جندي بريطاني من عدن في عام 1967م وهو اليوم الذي توج فيه شعبنا نصره على الاستعمار البريطاني ومهد له الطريق للانطلاق إلى الأمام وتحقيق الإنجازات العظيمة والتي منها على سبيل المثال لا الحصر الوحدة الوطنية والنظام الديمقراطي والنهضة الشاملة في شتى مجالات الحياة...إلخ وهي إنجازات أعادت له القوة والمكانة الرفيعة والحضور الفاعل محلياً وإقليمياً ودولياً.