منذ شهر فبراير 2000م والمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم المعروفة باسم "اليونسكو" تحتفل بيوم أسمته اليوم العالمي للغة الأم، ومعناها المباشر اللغة القومية التي يتكلمها أبناء أمة أو شعب من شعوب العالم منذ نعومة أظفارهم ويحافظون عليها بوصفها الإرث التاريخي، كالأرض التي يعيشون عليها، وإن تكلم بعضهم أو كلهم لغات أخرى. والاحتفال باللغة أو باللغة الأم تقليد حضاري إنساني بديع وتستحق عليه المنظمة الدولية كامل التقدير والثناء، فقد استشعرت إهمال الشعوب للغاتها الخاصة واتجاه بعض أبنائها إلى الحديث والكتابة بلغة الآخرين، لاسيما أولئك الذين يمتلكون قوة السياسة والمال ويهددون بنفوذهم المستشري جميع أركان الأرض من دون استثناء. في العيد التاسع للغة الأم، الذي تم في الحادي والعشرين من فبراير الماضي، بعث الأمين العام لليونسكو رسالة إلى العالم تحدث فيها عن أهمية اللغة الأم، وضرورة اهتمام كل أمة بلغتها، كون هذه اللغة تمثل المقومات الجوهرية لهوية الأفراد والجماعات. وكونها أيضاً إحدى الأسس التي يقوم عليها التنوع الثقافي والتعددية البشرية، وما يدعو للقلق أن نصف لغات العالم التي تتجاوز الستة آلاف لغة مهددة بالانقراض، أي أن ألفين وخمسمائة لغة باتت في حكم الميتة أو المنقرضة، وهو ما يدعو كل شعب أو كل أمة على وجه الأرض إلى التنبه لهذه المخاطر التي لا تهدد التنوع اللغوي فحسب، وإنما تهدد معه هذا الكم الهائل من الموروث الثقافي وما يزخر به من كنوز إبداعية وفكرية. ولعل في هذه الإشارات ما يعد إنذاراً كافياً بالنسبة إلينا نحن العرب الذين نعاني كما تعاني لغتنا الفصحى من تدهور تتزايد آثاره وتتعاظم عاماً بعد عام. في حين أن المسؤولين عنها وفي المقدمة المجامع اللغوية والجامعات في حالة غياب تام، ويكفي دليلاً على ذلك أن اليوم العالمي للغة الأم قد انطوت شمسه في الأقطار العربية دون أن يشعر به أحد، وكأن الأمر لا يعنينا من قريب أو بعيد. في حين أن الحرب على اللغة العربية لم تتوقف، وهي الأشرس في تاريخ الحروب اللغوية، ولأسباب عديدة أغلبها معلوم ومفهوم ولا يحتاج إلى من يذكر به، علماً بأن اللغة العربية هي واحدة من أقدم لغات الأرض وأهمها وأكثرها حيوية وقدرة على التطور والتعايش مع مستجدات العالم، وكانت منذ نهاية القرن التاسع عشر قد صارت لغة القانون والطب والسياسة والمال، مثلما هي لغة الإبداع في أشكاله وأجناسه المختلفة. ولماذا لا نقولها بصراحة: إن شعباً ينام وغزة تُضْرَب بالصواريخ من الجو والبر والبحر، وأطفالها يتساقطون في الشوارع والمدارس برصاص العدوان الصهيوني الغاشم، لا يمكن لهذا الشعب أن يصحو على صيحات الإنذارات المتكررة بأن لغته في خطر، وما الذي تعنيه اللغة لشعب نائم لا توقظه الدماء ولا تهزه الكوارث. كما أن شعبا وجوده ذاته معرض للانقراض ولا يتحرك، كيف يمكن أن يبدي أدنى اهتمام بانقراض اللغة! ومن هنا فلا معنى للغةٍ أبناؤها في طريق الانقراض بما يرتكبونه في حق أنفسهم وتاريخهم وفي حق أوطانهم من عدوان مستمر ومماحكات جنونية لا هدف لها ولا معنى، ولا تثمر - طال الزمن أو قصر- سوى المزيد من الانحطاط والاندثار. وفي مقابل ما سبق، فإن شعباً أو شعوباً تحترم أبناءها، وتحترم تاريخها لابد أن تحترم لغتها وأن ترتفع بها إلى مستوى المقدس حتى لا يتم التفريط في مفرداتها أو العبث بقواعدها أو استبدالها بلغة أخرى، مهما كان حظ هذه اللغة الأخرى من انتشار مؤقت ارتبط بانتشار موجة الاحتلال والسيطرة وبسط النفوذ والتحكم في المسارات السياسية والاقتصادية. ومن يدري إذا ما تطورت الأزمة الاقتصادية واندثرت رأسمالية البنوك الكبرى أية لغة ستكون لغة المال والاقتصاد؟ وإلى أية مدارس وجامعات سيذهب الحالمون بالعمل مع الشركات والبنوك الوطنية والأجنبية؟! إنه سؤال الساعة في اليوم العالمي للغة الأم. الشاعر هاني جازم الصلوي وديوانه الجديد: إنه نحيب قلب مكلوم فقد مسراته بفقدان الحبيبة. وفي قناع المتنبي مع اختلاف العصر واختلاف لغة الشعر وتشكيل صورة القصيدة، ظهر المبدع هاني جازم الصلوي في "ليالٍ بعد خولة" وعن هذا التشابه في الموقف (غياب خولة) - يصدر هذا العمل الشعري البديع والمدهش. حضور المتنبي في الديوان بروحه وأحزانه فقط لا بعموده وقوافيه. يتصدر الديوان مقدمة هي في حقيقة الأمر قصيدة فائقة الجمال. الديوان صادر عن دار فنون في القاهرة ويقع في 136 صفحة. تأملات شعرية: شدّ ما أتعذب حين يخالجني في المساء شعور بأن العصافير حين يجيء الصباح ستخلع أنغامها العربية والكلمات. أين أخفي القصائد من زحمة الليل؟ أين أواري الحروف الجميلة من هجمات اللغات؟!