هل زرت اليمن؟ سؤال لم يعد يقتصر توجيهه على الأشقاء العرب والأصدقاء الأجانب وإنما بات سؤالاً وجيهاً إذا ما طرح على أي منا نحن أبناء هذا البلد العظيم. قبل عدة سنوات كانت وزارة الإعلام تعتزم تنظيم رحلات للإعلاميين لمختلف المحافظات اليمنية في خطوة تهدف إلى تعريف الإعلاميين بوطنهم حتى يكتبوا ويعكسوا في تناولاتهم الصحافية واقعاً عاشوه وأن يكونوا فعلاً قائلين وليسوا بناقلين، لكن تلك الخطوة وئدت في عهدها ولم تر النور.. وفي المقابل كانت وزارة السياحة ممثلة بالوزير الشاب الأخ نبيل الفقيه تبلور مبادرة شبيهة ومتميزة من خلال برنامج «إعرف وطنك» والقافلة الإعلامية التي لا تزال تجوب المحافظات للاطلاع على المعالم السياحية فيها وذلك بالتنسيق مع مجموعة العالمية والاهتمام المباشر من قبل الأستاذ علوان الشيباني رئيس المجموعة. القافلة التي تضم نحو ثلاثين صحافيا من مختلف المؤسسات الإعلامية طافت حتى الآن محافظات المحويت والحديدة وتعز وعدن وحضرموت واطلعت على ما تتميز به هذه المحافظات من معالم سياحية وجمالية وأثرية وتاريخية تمثل كنوزاً وثروة لم تستغل حتى الآن بالشكل المطلوب. وأنا هنا لست في معرض تعداد ووصف ما تتميز به وما تكتنزه بلادنا من معالم تفوق ما لدى كثير من بلدان المنطقة العربية فتلك حقيقة الكل يقر بها، ولكن تبقى هذه ثروة مطمورة ومدفونة إذا لم يكن هناك اصطفاف شعبي ورسمي وقطاع خاص للعمل كمنظومة واحدة من أجل استغلال هذه الثروة الواعدة. قبل نحو أسبوعين أشار المستشار السياسي لفخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبدالكريم الارياني إلى أن الضائقة الاقتصادية وراء الكثير من المشاكل والأزمات التي تعيشها البلاد وأنه إذا ما تجاوزت بلادنا هذه الضائقة فلن يكون هناك حراك ولا حوثي.. وقبل نحو أسبوع ذكر وزير السياحة الأخ نبيل الفقيه أن نحو أربعة وسبعين ألف شخص يشتغلون بشكل مباشر في قطاع السياحة وطبعاً هذا الرقم كان سيتضاعف كثيراً لولا الضربات المتتالية التي لحقت بهذا القطاع جراء الأعمال الإرهابية والأعمال التخريبية التي انعكست سلباً على الأمن والاستقرار وأدت إلى عزوف أفواج سياحية ضخمة كانت تتدفق على البلاد وكذا عزوف الكثير من الاستثمارات في هذا القطاع. وقديماً قالوا «السر المكنون مع الطفل والمجنون».. وباعتقادي أن سر انبعاث هذه الثروة هو مع الطفلة أميرة» بنت العشر سنوات والمرشدة السياحية في ثلا التي تجيد عدة لغات أجنبية وتمثل أملاً لمستقبل واعد للسياحة. أما سر خراب ودمار هذه الثروة الوطنية فهو عند ذلك المجنون المثقل جسده بكل أنواع الأسلحة والمثقل عقله بكل أفكار التخلف والهمجية والبربرية والذي بعد أن خلقه الله متأنسناً أصبح متوحشاً بفعل بيئة التخفي في الجبال والكهوف وفهمه فقط للغة الرصاص وقتل الأبرياء ممن يأتون لزيارة هذه البلاد كسياح ومن خلال الأعال التخريبية التي يقدمون بها وتؤثر على السكينة المجتمعية وتعكس لدى الآخرين صورة سلبية عن هذا البلد. وبإيجاز أقول أن بلدانا عربية تسجل سنوياً ملايين السياح من أنحاء العالم يزورونها في الوقت الذي تمتلك أقل بكثير مما تمتلكه اليمن من مميزات ومؤهلات لكن يبقى فقط أن ندرك جميعاً أن هذه الثروة أهم بكثير وأضمن بكثير من ثروة النفط ولا تحتاج منا إلا إلى خلق وعي مجتمعي سياحي يقف في صف الأمن والاستقرار وإيجاد المناخات الملائمة لانتعاش هذا القطاع الذي يمكنه توفير فرص عمل للشباب أكثر بكثير مما يمكن أن توفره القطاعات الأخرى.