لم يدم الأمر كثيراً حتى اكتشف الناس حقيقة أن من تآمروا بالأمس على الثورة اليمنية «ال26 من سبتمبر وال14 من أكتوبر» هم أنفسهم الذين يتآمرون اليوم على اليمن ووحدته واستقراره، حتى وإن تغيرت الوجوه وتبدلت الأساليب، فإن أهداف هذه القوى لم تتغير، بل أن كل الشواهد تؤكد أن هذا الصنف من المعتوهين والمأجورين قد أدمنوا الخيانة والارتزاق والسقوط في أوحال العمالة، إلى درجة أن الأمراض والأحقاد استفحلت في دواخلهم، وصاروا غير قادرين على التطبع مع قيم الديمقراطية والسلام والأمن، والعيش كمواطنين صالحين، لهم حقوق وعليهم واجبات، شأنهم شأن غيرهم من أبناء المجتمع، الذين يتطلعون إلى المستقبل بإرادة تواقة لمزيد من التطور والرخاء والنماء. ولا نكشف سرا إذا ما قلنا أن هذه العناصر المسكونة بأمراض الماضي ونوازعه الكريهة، لم تستفد من كل الدروس، ولم تتعظ من كل العبر، فهي تراهن على ما عشعش في عقلياتها من أوهام، دون وعي أو إدراك أن الزمن قد تغير، وأن ما تساورها من أحلام لم يعد لها مكان في هذا العصر، وأن ما تأمله صار في حكم المحال إن لم يكن المستحيل بعينه، وأن استمرارها في هذا المسلك المنحرف سيلقي بها في الجحيم لتلقى نفس الجزاء العادل، الذي أحاق بمن قبلها من عناصر الارتداد والتآمر والخيانة والتطرف والإرهاب. ومن نبع هذه الحقيقة يغدو من الواضح والثابت أن التحالفات الشيطانية بين من عُرفوا بعدائهم للثورة والوحدة والديمقراطية، وإن كانوا قد انتقلوا إلى المجاهرة بنواياهم السيئة، فإنهم في ذات الوقت قد وضعوا أنفسهم، ليس فقط في مواجهة الدولة وإنما في مواجهة كل أبناء الشعب اليمني، ما يعني أنهم قد حددوا نهايتهم بأنفسهم، حيث وأن هذا الشعب الذي قدم قوافل الشهداء وشلالات الدماء، وضحى بالغالي والنفيس من أجل انتصار ثورته ونيل استقلاله والتحرر من كبت واستبداد النظام الإمامي الكهنوتي والاستعمار البغيض، لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن يفرط في كل تلك التضحيات لمجرد إشباع نزوات شرذمة ضالة تحللت من كل القيم الدينية والأخلاقية والوطنية، وانساقت وراء أطماعها الذاتية والأنانية، ظناً منها أنها بتحالفاتها الشيطانية ستتمكن من القفز على ثوابت الوطن والنيل من مسيرته وإنجازات ثورته ووحدته وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء والعودة باليمن إلى الحقب الظلامية السوداء. وليس وراء تعنت هذه العناصر المغامرة والمقامرة من إثارة الشغب والتحريض على العنف والخروج على النظام والقانون والدستور والترويج لثقافة الكراهية سوى التعجيل بنهايتها المخزية، خاصة وهي تستثير بتلك الممارسات ردود الفعل الشعبي ودفعه إلى اتجاهات غير محسوبة ستكون وبالا عليها، وعلى من يدور في فلكها ويشجعها على الإمعان في نوازعها التدميرية بحق الوطن والمجتمع. وفي هذا الشق فإننا نؤكد هنا على أن استمرار هذه العناصر في استفزازاتها وسلوكياتها المتحللة من الطابع الوطني وتصرفاتها العبثية، سيهوي بها إلى الهلاك من حيث أرادت لغيرها، إذْ يصعب على أي وطني القبول باستمرار هذا النزوع الإجرامي الذي يستهدف أمن الوطن واستقراره وسلمه الاجتماعي وترك تلك العناصر المأجورة والمارقة تنشر غسيلها الوسخ غير عابئة بمشاعر الآخرين وصبرهم وحلمهم على ما ألحقته من أضرار بحق الوطن والشعب. وما لم تستوعب تلك العناصر الانفصالية أن للصبر حدوداً، وتعود إلى الرشد والصواب، فلن يكون بوسع أحد أن ينأى بها عن عقاب الشعب، الذي سيدوسها بقدميه ليوقف تطاولها على ثوابته وتجاوزها لكل الخطوط الحمراء. لقد آن الأوان لهؤلاء الغارقين في الخطايا والرذائل استلهام العبرة من صنوهم وحليفهم في محافظة صعدة الذي حانت ساعة القصاص منه، وتطهير هذه المحافظة من شره ورجس تمرده ودنس جرائمه وآثامه ليلقى هذا المجرم وعناصره جزاءهم، جرّاء ما قتلوا واغتصبوا واستباحوا ونهبوا وسلبوا وخربوا وروعوا وعاثوا في الأرض فساداً. فالعقاب لا بد أن يكون من جنس العمل، وتلك سنة الله، و "لن تجد لسنة الله تبديلا". صدق الله العظيم.