الحوار على قاعدة الثوابت الوطنية والالتزام بالدستور كان هو المسار الذي به استطاع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح من خلاله الانتصار على الأخطار وتجاوز التحديات التي واجهت اليمن في مختلف مراحل تحمله مسؤولية قيادة هذا الوطن، وبالحوار أيضاً تمكن من تحقيق أعظم الانجازات الوطنية، ألم يكن إعلان ترحيبه واستعداده للحوار مع كل الأطراف السياسية المعترف بها قانوناً عند اللقاء بالأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اثناء زيارته الاخيرة لليمن إلا تحصيل حاصل لمبدأ أصيل في تفكيره السياسي طوال مسيرة قيادته لهذا الوطن ودعوته للحوار المفتوح تحت قبة البرلمان وفي اطار الالتزام بالوحدة والنظام الجمهوري والديمقراطية متجددة باستمرار.. ولكن المشكلة تبرز عند الاطراف الاخرى الرافضة للحوار مراهنة على خيارات اخرى تتعارض مع وحدة الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا ولهذا تجدها تتخبط هنا وهناك تبحث لها عن دور وترسم احلامها على اوهام تعشعش في عقول متحجرة ومأزومة تظن بانها هي الصح وغيرها على خطأ وانها المنقذ الجاهز من اوضاع تتوهمها مأزومة وعلى انها على حافة الانهيار في حين أنها هي نفسها المأزومة وفي انهيار بما هو موجود لديها من الاحتقان والشعور بالفشل والخيبة نتيجة ما تحصده من نتائج كمحصلة لأعمالها وأفعالها وخطابها المأزوم وحتى تتضح الصورة الحقيقية، نسأل وبوضوح ودون مواربة لماذا أحزاب اللقاء المشترك ترفض الحوار وتقف ضد الديمقراطية التعددية والدستور والقانون والمؤسسات المنبثقة عنهما مع ان تلك الاحزاب تستمد مشروعية وجودها من هذه المصادر التي تستمد منها السلطة مشروعيتها ايضاً.. انه تناقض يضعنا أمام الحالة اليائسة البائسة المتخبطة في أوهام الاعتقاد بأن ممارستها السياسية الانتهازية التي ستوصلها إلى بغيتها هي مساندة أعمال التخريب والإرهاب التي تقوم بها العناصر الحوثية في محافظة صعدة والعناصر الانفصالية في بعض المحافظات الجنوبية والتماهي مع خطابها المشحون بالاحقاد والكراهية مدفوعة بتطلعات بعض قيادييها الذين فقدوا بصيرتهم واصابهم العمى السياسي وانقادوا للسير في الاتجاه المضاد لمسيرة الوطن وخيار ابنائه المرتكز على اساس النهج الديمقراطي التعددي الذي فيه الوصول إلى السلطة لا يتم الا عبر صناديق الاقتراع كتطبيق للتعددية السياسية والحزبية وتجسيد لمبدأ التداول السلمي للسلطة ليتضح أن هذا المبدأ اصبح للأسف خياراً مستبعداً من قبل الشخصيات المتنفذة والمسيطرة على احزاب اللقاء المشترك وهذا ما نراه جلياً في رفضها للانتخابات الحرة والنزيهة باعتبارها جوهر العملية الديمقراطية والطريق الوحيد للوصول الى السلطة المنبثقة من ارادة الشعب مؤكدة هذا الاستنتاج في تنكرها لاتفاقية فبراير من هذا العام والتي فرضتها تلك الاحزاب على الحزب الحاكم ثم انقلبت عليها والتي جرى فيها التوافق على تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة عامين لافساح المجال للحوار من اجل اصلاح وتطوير النظام السياسي والانتخابي.. والآن تتجه الدولة الى اجراء التعديلات الدستورية التي تأتي في سياق التنفيذ الفعلي والوفاء للبرنامج الانتخابي الرئاسي الذي حاز على ثقة الشعب وتقف احزاب المشترك ضد هذه التعديلات التي تهدف إلى الانتقال لنظام الحكم المحلي الواسع الصلاحيات الى تعزيز نطاق المشاركة الشعبية في صنع القرار وتحمل مسؤولية التنمية والبناء في المديريات والمحافظات. ان تماهي احزاب اللقاء المشترك الى حد الذوبان مع العصابات التخريبية الارهابية الحوثية ومع العناصر الانفصالية وتبني اطروحاتها المدمرة للوطن ومستقبل ابنائه ورفضها للحوار وانسياقها وراء كل الدعوات التي يحاول اصحابها الإنحدار باليمن الى هاوية الفرقة والتمزق والفوضى بحيث بات واضحاً ان هذه الاحزاب لاتمثل فقط عائقاً أمام الديمقراطية التعددية وانما امام كل مامن شأنه الخروج بالوطن من تلك الفتن المفتعلة والحفاظ على وحدة ابنائه الوطنية بسبب حالة الإحباط واليأس الناجم عن انسداد الأفق لدى قيادات هذه الأحزاب السياسية وغياب الرؤية الصحيحة لديها بحيث لم تعد تعرف ماذا تريد بالضبط واصبح جلياً بأن تلك القيادات في المشترك تمارس السياسة بمنطق الغريق الذي يسعى لاغراق كل من حوله او حتى من يحاولون إنقاذه واصبح لا سبيل لها سوى الانجراف نحو ممارسة المزيد من السياسة القاهرة العمياء وتحول مواقفها من الرمادية الى السوداء لتزداد ازمتها تعقيداً وعزلتها وانغلاقها عمقاً حتى أن المتابع لانحدار هذه القيادات الحزبية تتعزز قناعته انها تنحدر سياسياً إلى هاوية سحيقة فهي لم تعد تدرك مغبة ماهي فيه ولاتعي الى أين تمضي وماذا تريد وتحتاج الى مايشبه المعجزة للخروج مماهي فيه لاستعادة الوعي واستيعاب أن لا منقذ لها من النهاية المأساوية سوى الحوار المسؤول الحريص على وحدة الوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا في الحاضر والمستقبل وبعيداً عن اي مزايدة او مكايدة او انغلاق.