الكلمة التي ألقاها الدكتور علي محمد مجور رئيس مجلس الوزراء بمناسبة العيد ال42 للاستقلال المجيد في الحفل الخطابي والفني الذي أقيم بدرة اليمن وعاصمتها التجارية والاقتصادية عدن جسدت بعباراتها المقتضبة سعة في المعنى وعمقاً في المضمون ووضوحاً في الرؤية للقضايا السياسية والاقتصادية والثقافية الوطنية بأبعادها التاريخية الموضوعية حاملةً في ثناياها فهماً واعياً للمسيرة النضالية الواحدة لشعبنا اليمني في مواجهة الأزمنة الظالمة الظلامية للإمامة الكهنوتية وطغيان واستبداد نظامها الحامل لدياجر تخلف القرون الغابرة.. وفي مقارعة جور وجبروت وعسف المستعمر وصنائعه من رموز الفرقة والتمزق الذين انضووا في كنف طيات الاتفاقيات الحمائية التي قسمت الجزء الواقع من الوطن اليمني تحت الاحتلال إلى محميات متشظية في إمارات وسلطنات ومشيخات لا تملك من أمرها شيئاً عدا الحفاظ على الأوضاع المتخلفة البائسة والتي لم يكن أبناء شعبنا فيها أحسن حالاً من إخوانهم الرازحين تحت الحكم الإمامي.. فذات الفقر والجهل والمرض كان يضرب اطنابه جاثماً عليهم.. وكل هذا من أجل أن يستفرد المستعمر -كما قال الدكتور علي مجور- عن صوابية وحق هدفه وضحيته الأولى بالنظر إلى ما تتميز به من موقع جغرافي أهلّها لأن تكون واحدة من أهم موانئ العالم.. مذكراً من هم بلا ذاكرة اليوم بما مارسه الاستعمار البغيض من سياسة العزل الممنهج لمدينة عدن عن محيطها الوطني الجغرافي والبشري ليعمل كل ما بوسعه ليضفي عليها هوية مشوهة.. ويضيف: لكن عدن التي تحتضن الصهاريج وتتزين صخورها بنقوش المسند استعصت على سياسة المستعمر بتفتيت عمق اليمن لكنها أبت إلا أن تكون منطلقا للحركة الوطنية التي أعادت صياغة ملامح اليمن المعاصر. بهذا الطرح المكثف المستوحى من وحي مناسبة عيد الاستقلال المجيد يضعنا الدكتور علي مجور أمام حقيقة أن عدن لا يمكن أن تكون مطلقاً حاضنة للمشاريع الصغيرة ممن يريدون العودة بالوطن اليمني إلى ما قبل 22 مايو الأغر 1990م وإلى فترة العنف والاقتتال والمذابح الدموية في دورات صراعات السلطة التي كانت ساحتها عدن أو إلى ما قبل الثورة اليمنية (26سبتمبر و14 أكتوبر) بما كان عليها من فرقة وتشرذم على ذلك النحو الذي يسعى إليه أذناب الاستعمار من السلاطين والعملاء والمرتزقة الجدد والقدماء.. هؤلاء جميعهم يلهثون وراء سراب.. لأن ما يحاولونه في حكم سابع المستحيلات بعد أن استعاد شعبنا اليمني الحضاري العريق والعظيم وحدة الأرض والهوية والمصير في عهد القائد الوحدوي الكبير فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح الذي عبر بهذا الإنجاز عن أعلى وأرفع مستويات الوفاء لقوافل الشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الخلاص والانعتاق من ربق الإمامة والاستعمار.. ومن أجل الحرية والاستقلال والجمهورية والوحدة والديمقراطية. لقد كانت كلمة الدكتور مجور مستوعبة لمتطلبات واستحقاقات هذه المرحلة من التاريخ الوطني لليمن بكل صعوباتها وتحدياتها وهو ما تجلّى في شجاعة الموقف وجرأة الطرح النابع من شعور وطني صادق ومسؤول يعكس الروح النضالية الوطنية الوحدوية التي عرف بها الرجل.. وهنا يجب على الذين ما زالوا يفكرون بعقليات الماضي أن يستلهموا من هذا الطرح الحقائق الناصعة التي يعيشها الوطن اليمني في ظل راية الوحدة، وأن يحافظوا على رصيدهم النضالي بعدم الانجرار إلى مواقع المتآمرين من أصحاب المشاريع المشبوهة ويقتنعوا بأنه لا يمكن للمرء أن يعيش زمنه وزمن غيره.. وهذا يفرض عليهم أن يكونوا في مستوى المسؤولية التي يمليها عليهم تاريخهم النضالي والذي من خلاله يدركون أن الواجب الوطني يحتم عليهم أن يبتعدوا عن الحسابات المصلحية الضيقة التي لا تليق بهم دون ان يتمترسوا وراء أدوارهم تلك بل يسلموا عن قناعة بأنهم قد قاموا بدورهم وأدوا واجبهم قد لا ينكر الكثيرون الدور الذي قام به البعض اثناء الحوارات التي سبقت اعادة تحقيق الوحدة، لكنهم ايضاً يدركون ما كانوا يبيتونه في حالة فقدانهم لمواقعهم الاساسية في السلطة، فكان أن خططوا منذ وقت مبكر للحرب والانفصال، وبذلك ارتكبوا خيانة في حق الوطن والوحدة فأضاعوا بذلك تاريخهم النضالي وتحولوا الى متسكعين ومأجورين ينفذون اجندة خارجية ضد وطنهم وشعبهم. وختاماً فإن ما يمكن استخلاصه من كلمة الأخ رئيس مجلس الوزراء هو أن هؤلاء يفصحون عمّا أضمرته أنفسهم طيلة عقود مضت من نوايا سيئة بحق الوطن والتضحيات العظيمة لرجالاته ومناضليه وشهدائه الأبرار وهم اليوم يقفون على الضد من إرادة شعبنا.. وأن شعاراتهم تفوح برائحة ماضيهم النتن.. وكل ما يقومون به من مغامرة غير محسوبة سوف تنتهي عند أقدام شعبنا المؤمن المنتصر لوحدته ونظامه الجمهوري ونهجه الديمقراطي التعددي